وفى الوقت الذى يشحذ فيه الفريقان أسلحتهما للقاء الذى يعتبر الأول للقطبين بعد الثورة العظيمة التى شهدتها مصر يوم 25 يناير الماضى، وبعد مرور 63 عاماً على أول لقاء قمة بعد ثورة 23 يوليو 1952م. تكثف قوات الجيش والشرطة تعزيزاتها الأمنية لمواجهة أى خروج عن النص. الجميع يترقب ويستعد لتلك المواجهة التى يتوقع البعض أن تنتقل من ساحة الملعب إلى المدرجات، وربما خارجها، والساعات القليلة المقبلة ستشهد مزيداً من الحماسة والحرب الباردة، وربما الاستفزاز.
ما أشبه الليلة بالبارحة، الظروف تتشابه بين القمة رقم «7» التى أعقبت ثورة يوليو، والقمة «107» التى تأتى بعد خمسة أشهر من ثورة يناير المجيدة، ومثلما غيرت ثورة «23» يوليو فى الحياة السياسية تغيرت معها الحياة الرياضية، فمنذ قيام الثورة توقف الدورى المصرى.. لكن سرعان ما رأى مجلس قيادة الثورة عودة الحياة لطبيعتها، وكانت القمة أهم المباريات التى يحذر منها المجلس فى تلك الحقبة الزمنية، ورغم أن مجلس قياة الثورة كان يشجع الناس على الرياضة إلا أنه كان يؤمن المباريات خوفاً من حدوث أعمال بلطجة خاصة أنه حدثت أعمال بلطجة وشغب وسرقات لعديد من المؤسسات أثناء الثورة وبعدها، وفى ظل هذه الأجواء غير المناسبة أقيمت مباراة الزمالك والإسماعيلى يوم 9 فبراير 1953، وحدثت أعمال شغب وتعديات من الجمهور فى الملعب حتى إن الحكم استعان بالجيش لكى يخرج من الملعب، وحدثت إصابات للعديد من الفريقين، ورغم ما حدث ترددت أنباء عن تأجيل القمة التى ينتظرها الجميع.
ورغم ما حدث فى مباراة الزمالك والإسماعيلى حدد الاتحاد المصرى لكرة القدم 22 فبراير 1953 إقامة مباراة الأهلى والزمالك بعد فترة غياب طويلة لم يلتق خلالها هذان الفريقان، وكان أهم ما يحذر منه مجلس قيادة الثورة هو مباراة القمة وكيفية تأمينها فى ظل أجواء ثورة يوليو 1952. ومن أبرز عناوين الصحف يوم المباراة الزمالك والأهلى.. مباراة الموسم التى تسجل طابع لعب الكرة بمصر، وفى متن الموضوع يوصى التقرير الجماهير بالالتزام وعدم التعدى على أى شخص، وتعد هذه القمة رقم «7» فى الدورى المصرى، وانتهت المباراة بالتعادل صفر/صفر، وتعد المباراة الأولى التى يخوضها الزمالك باسمه الجديد بعد أن كان يطلق عليه اسم الملك فاروق من 1941 إلى 1952 ثم أخيراً الزمالك. فيما خاض الأهلى المباراة بشعاره الجديد «الصقر» يتوسط الشعار بين كلمتى النادى الأهلى بخلفية حمراء بعدما كان شعار النادى هو علم مصر. كان مدرب الزمالك فى ذلك الموسم هو عبدالرحمن فوزى، ومن أبرز نجوم المباراة أحمد أبوحسين وشريف الفار وحنفى بسطان وعبدالعزيز قبيل وعصام بهيج ونور الدالى وحليم ثالوث وزكريا مظلوم ويونس مرعى وعلاء حمودة، وكان رئيس النادى فى ذلك الوقت هو محمد شوقى الذى تولى الرئاسة بعد ثورة يوليو 1952، وكان يعمل وقتها «أمين عام» بالشهر العقارى، ويعد شوقى الرئيس الخامس فى تاريخ الزمالك.
أما النادى الأهلى فكان يترأسه أحمد عبود باشا من سنة 1947 إلى 1961، وهو الرئيس السابع فى تاريخ النادى، وكان أبرز نجومه أحمد مكاوى الذى حصل على لقب هداف الدورى برصيد 12 هدفاً وعبدالجليل ويكن حسين وسيد عثمان فهمى وجميصى وزكى وحلمى أبوالمعاطى ومصطفى نصر وصالح سليم وتوتو وتامر. وخرجت بعض الصحف فى اليوم التالى للمباراة ومنها جريدة «البلاغ» تقول عن المباراة فى صدر صفحاتها «الأهلى والزمالك.. صفر/ صفر»، وفى متن الخبر وصفها النقاد بمباراة «تحت الصفر» بدرجات، وحمل النقاد هذه النتيجة للحكم زكى عثمان لسماحه للاعبين بالاعتراض على قراراته علناً لدرجة أن أحد اللاعبين اعتدى على زملائه فى الملعب ولم يعاقب. وأقيمت مباراة الأهلى والزمالك الساعة الثالثة بعد الظهر على أرض نادى الزمالك، وتعادل الفريقان بدون أهداف، وحضر اللقاء نحو 12 ألف متفرج حسبما ذكرت جريدة «المصرى» وقتها ووصفت المباراة بأنها دفاعية من الفريقين، وخطا الهجوم كانا فى ضعف غير عادى، وذكرت أن الشوط الأول بدأ كبداية الطلبة عند توزيع أوراق الامتحان، كما أن إسراف الفريقين فى الحذر والدفاع أفقد الجماهير العاشقة حماسها بعد أن كان أملهم فى الشوط الثانى، إلا أن هذا الأمل انهار حين استمر الفريقان فى تكثيف الدفاع وخرجت المباراة بتعادل لا يرضى الجمهور ولا النقاد بعد فترة غياب طويلة، وعلى الرغم من أن المباراة لم يحدث فيها تعديات ملحوظة، إلا أن الجيش قام بتأمينها جيداً خوفاً من تكرار أعمال شغب، كما حدث فى مباراة الدورى التى كانت قبلها بين الزمالك والإسماعيلى، وبهذه النتيجة حصل الأهلى على 13 نقطة، واحتل المركز الأول، والزمالك على عشر نقاط احتل بها المركز الثانى.
ولم يلتق الأهلى والزمالك مرة أخرى فى هذا الموسم غير فى نهائى الموسم يوم 5 يونيو 1953، وانتهى اللقاء بالتعادل 2/2، وفاز الأهلى بدرع الدورى فى وقت كانت الرياضة فيه هى المنفس الوحيد بعد الثورة. وتحظى القمة الحالية باهتمام غير مسبوق لعدة أسباب، أولها تغيير الوضع فى البلاد حيث تأتى خلال فترة انتقالية لمصر عقب الثورة الشعبية التى أطاحت برموز الفساد، وبعد أن كان الزمالك هو الأقرب للقب لتربعه على القمة من بداية الدورى وحتى الجولة الخامسة والعشرين، والتى شهدت صحوة للمارد الأحمر وتراجعاً للزمالك بعد تعادله مع الجيش وخسارته من المصرى ليعود لمركز الوصيف مرة أخرى.