شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، صباح الإثنين، فعاليات مؤتمر «سيملس شمال أفريقيا»، الذي تستضيفه مصر للعام الثاني على التوالي، ويشارك فيه حضور عالمي وإقليمي ومحلي لكبرى المؤسسات المالية والبنوك، وشركات التكنولوجيا المالية الدولية والإقليمية بمنطقة شمال أفريقيا.
وفي مستهل كلمته، رحب رئيس الوزراء بالحاضرين في مؤتمر «سيملس شمال إفريقيا»، قائلًا إن مصر شهدت في السنوات الخمس الأخيرة نقلة نوعية في الرؤى والأفكار والخطط التي استهدفت تحقيق الإصلاح الاقتصادي المتكامل، وكان من ثمار هذا ما تحقق من أرقام ومستويات تطور ونمو في معدلات الأداء الاقتصادي، من حيث معدلات النمو القومي، وحجم الاحتياطي النقدي والاستقرار في السياسة المالية والنقدية، مما جعل لدينا قطاعاً مصرفياً قوياً وشريكا فعّالاً في منظومة الإصلاح، مؤكدًا أن هذه الثمار التي حققناها لم يتم الإشارة إليها من جهتنا، ولكن تم رصدها في تقارير وشهادات ووثائق ودراسات أعدتها مؤسسات وجهات متخصصة عالمية.
وقال الدكتور مصطفي مدبولي إننا «عندما أقدمنا على الإصلاح الاقتصادي امتدت نظرتنا لكل الأبعاد ليأتي برنامج الإصلاح الاقتصادي متكاملاً على جميع المستويات»، منوهاً إلى أن العدالة الاجتماعية تتطلب تطويراً تكنولوجياً لامتلاك قاعدة معلومات تتيح وصول الدعم إلى مستحقيه، كما أن تحقيق النمو المنشود على جميع الأصعدة بالسرعة المطلوبة يتطلب تطويع التكنولوجيا وتشجيع الابتكار.
وأكد رئيس الوزراء أهمية المؤتمر الذي يأتي في التوقيت المناسب، في ضوء ترأس مصر للاتحاد الأفريقي في دورته الثانية والثلاثين، ومبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي بتبني خطط إنمائية لهذه القارة الواعدة، وتواكب مع ذلك رئاسة طارق عامر، محافظ البنك المركزي، لجمعية محافظي البنوك المركزية الأفريقية، مشيراً إلى أن ما سبق يعد بمثابة تتويج ومساندة ودعم لكل هذه الجهود بفكر مستنير على المستوى الأفريقي.
وأشار إلى أن الموضوعات والمحاور التي يتناولها المؤتمر تتوافق مع التوجهات العالمية من جانب، ومع الجهود التي تُبذَل من مصر للتحول إلى مجتمع لا نقدي وتحقيق الشمول المالي من جانب آخر، موضحاً أنه في مقدمة هذه الجهود يأتي إنشاء المجلس القومي للمدفوعات برئاسة السيسي، الذي شهدت أولى جلساته وضع الإطار العام للتحول إلى مجتمع لا نقدي، وهو الإطار الذي يشمل عدداً من المحاور الهامة، مثل إنشاء منظومة بطاقات الدفع الوطنية، ووضع إطار تشريعي ورقابي لتعزيز خدمات الدفع الالكتروني، والتكنولوجيا المالية، التي تعد المحور الرئيسي للمؤتمر.
وخلال كلمته أوضح أن القرارات الصادرة عن المجلس القومي للمدفوعات، منذ إنشائه في فبراير 2017، ساهمت في سرعة تحرك جميع الجهات نحو اتخاذ الإجراءات التي من شأنها مواكبة أحدث المعايير الدولية المتبعة للتحول إلى نظام المدفوعات غير النقدية، إذ تم تحقيق العديد من الإنجازات الهامة، وسيتطرق البنك المركزي إلى ما تم تنفيذه عملياً وأصبح واقعاً خلال فعاليات هذا المؤتمر، فما بذله فريق العمل بالبنك المركزي المصري من جهد محل تقديرنا جميعاً.
كما أشاد بمنظومة الدفع الوطنية، التي تم إطلاقها بنجاح، في ديسمبر 2018، وتم الاعتماد عليها في تنفيذ مشروع ميكنة المتحصلات الحكومية، الذي يعد من أهم المشروعات التي تبنتها الحكومة وتنفذه وزارة المالية بالتعاون مع البنك المركزي المصري والقطاع المصرفي، مشيرًا إلى أنه تم البدء في سداد المستحقات الحكومية بالفعل من خلال قنوات القبول بالجهات الحكومية اعتباراً من أول مايو الماضي، كما يجري حالياً التنسيق بين البنك المركزي المصري والعديد من الوزارات للاعتماد على منظومة الدفع الوطنية في صرف المستحقات النقدية للمواطنين.
وفي ظل دعم القيادة السياسية للجهود المستمرة من جميع الجهات للتحول للاقتصاد الرقمي، لفت رئيس الوزراء النظر إلى أن الرئيس السيسي صَدَّقَ في أبريل الماضي على القانون رقم 18 لسنه 2019 بشأن «تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي»، وهو القانون الذي يعطي دفعة قوية للتوسع في المدفوعات الإلكترونية، مضيفاً أن الحكومة راعت في هذا القانون رفع العبء عن المواطن، حيث تحملت الحكومة كافة تكاليف وأعباء إتاحة وسائل الدفع غير النقدي للمواطن، الذي يقوم باستخدام وسائل الدفع الرقمية، والاستفادة بمزاياها العديدة دون أي تكلفة إضافية.
وأكد أن مصر على قناعة بأهمية التطوير المستمر للخدمات المالية والمصرفية كي يصبح الحصول عليها أسهل وأسرع، وأننا على يقين بأن التكنولوجيا المالية هي السبيل إلى تحقيق ذلك في ضوء مقدرتها على تحقيق طفرة في كفاءة وفعالية الخدمات المالية والمصرفية المُقدمة وسرعة وصولها لمختلف فئات المجتمع وخاصة المواطن البسيط، مضيفاً أن التكنولوجيا المالية تسهم في توفير نوعية جديدة من فرص العمل للشباب.
وشدد على أن قناعة مصر بأهمية التكنولوجيا المالية والابتكار، كانت الدافع الرئيسي للبنك المركزي المصري لوضع وتطوير استراتيجية التكنولوجيا المالية ودعم الابتكار، التي تم صياغتها اعتماداً على معطيات مصرية وإقليمية ودولية، وتشتمل على عدد من المحاور الهامة التي دَخَلت حيز التنفيذ.
وأضاف أن الحكومة المصرية حريصة على تشجيع صناعة التكنولوجيا المالية والتوسع في استخدام تطبيقاتها، ومواكبة التطور التكنولوجي الهائل في هذا المجال الحيوي، بهدف تحويل مصر إلى مركز للتكنولوجيا المالية في أفريقيا والعالم العربي.
وفي ختام كلمته، قال الدكتور مصطفي مدبولي: «أؤكد ترحيبنا بانعقاد هذا المؤتمر الهام على أرض مصر الطيبة، ونحن على ثقة بأن هذا المؤتمر بما يتضمنه من عرض لتجارب دولية هامة، وحلقات نقاشية ثرية تضم نُخبة من أفضل خبراء العالم في مجال التكنولوجيا المالية، سيحقق استفادة بالغة لمصر ودول شمال أفريقيا والمنطقة العربية، والعالم أيضاً، فالواقع يؤكد أن للتكنولوجيا المالية تأثيراً إيجابياً على تحقيق الشمول المالي والتحول إلى اقتصاد رقمي، وعلى نمو اقتصاديات الدول وتحسن مستوى معيشة شعوبها، وهو الهدف الذي نسعى جميعاً بكل جهد وإخلاص إلى تحقيقه».