دوي صافرات إنذار وانفجار شديد أصاب ناقلتي نفط، سُمع بقوة في محيط خليج عُمان، مع الساعات الأولى من فجر الخميس، في الوقت الذي وجه فيه العالم أصابع الاتهام للدولة الإيرانية، التي نفت ضلوعها في الأمر.
ناقلتا النفط تعرضتا، الخميس، لهجمات في خليج عمان، أسفرت عن اشتعال النار في إحداهما، وتُركت السفينتان تتقاذفهما الأمواج، ما دفع أسعار النفط للارتفاع بنسبة 4%، بسبب مخاوف من تأثر إمدادات الخام من الشرق الأوسط.
قبل سطوع شمس الخميس، كانت البحرية الأمريكية تصدر بيانها الأول قائلة إنها «على علم بالأمر وفي حالة تأهب لجمع مزيد من التفاصيل»، لكن نظيرتها البريطانية كانت أكثر سرعة وتعاطي مع الحدث، محذرة من «حادث غير محدد وقع في بحر عُمان»، وطالبت بتوخي «الحذر الشديد».
ورفعت عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة، التي تديرها البحرية البريطانية، حالة التأهب، ولم توضح الأسباب، لكنها قالت إنها تجري تحقيقاً في الأمر.
ردود الفعل توالت مع انتهاء الساعات الأولى بالنهار، بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية التي قالت منذ اللحظات الأولى أنها على علم بالأمر، فيما قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إنه يحمّل طهران المسؤولية الكاملة عن الحادث «بناءً على الأسلوب والأسلحة المتطورة المستخدمة في الهجمات».
رسالة واضحة أراد «بومبيو» إيصالها إلى إيران، في ظل التصعيد بين بلاده وإيران، قائلًا: «سندافع عن مصالحنا وحلفائنا وعن التجارة الدولية من خطر إيران»، في إشارة إلى المملكة العربية السعودية، التي تشهد العلاقات بينها وبين الدولة ذات الأغلبية الشيعية تأزمًا وصل إلى أقصاه في الأشهر الأخيرة.
السعودية بدورها استنكرت الأمر بعد ساعات من الحادث، الذي سبقه تهديد من نائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، أشار فيه إلى أن المملكة سترد «بحزم على الحوثيين ومن يمولهم».
وفي أول رد رسمي، قالت المملكة إنه على المجتمع الدولي «الاضطلاع بمسؤوليته» واتخاذ إجراءات «حازمة» لتأمين حركة النقل في الممرات المائية في المنطقة.
من على منصة «تويتر» أدان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الحادث، قائلًا إنه «مريب في وقت حساس»، وربط بين توقيته وزيارة رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، لإيران حاملًا رسالة من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لـ«حث جميع الأطراف على عدم السماح بتصعيد التوتر».
في كلمة مقتضبة تعليقًا على الحادث، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الخميس، إن الأمن في الخليج في غاية الأهمية بالنسبة لبلاده، وإنه «يحاول دومًا تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».
«ببالغ الاهتمام والقلق» تابعت مصر الحادث، فيما أوردت موقفها على لسان المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، الذي قال إن «مصر ترصد الموقف بشكل وثيق، وما قد يسفر عنه التحقيق من تحديد الملابسات والمسؤولية عن الحادث».
الإمارات، حليف المملكة القوي، أدانت الحادث، قائلة إنه «تصعيد خطير» في المنطقة، وعلى طريقة إدانة «ظريف» الإلكترونية، كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، في حسابه على تويتر: «الاعتداء يستدعي تحرك المجتمع الدولي لضمان صون الأمن والاستقرار الإقليمي (..) الحكمة ضرورية والمسؤولية جماعية للحيلولة دون المزيد من التوتر».
تركيا، التي تشهد علاقاتها توترًا مع المملكة العربية السعودية، في الأشهر الأخيرة، لا سيما بعد حادث اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، في أكتوبر من العام الماضي، أدانت الحادث، معربة عن قلقها، مشيرة إلى أنها «تولي أهمية للحفاظ على أمن الملاحة في منطقة الخليج التي تتمتع بموقع استراتيجي من حيث النقل البحري الدولي».
«قلقة بشدة» كان هذا الرد الأول من الخارجية البريطانية، التي سبقت وزارتها البحرية، الجميع في إعلان لحادث، ورفع حالة التأهب، وقالت الخارجية إنها «على اتصال مع السلطات المحلية والشركاء في المنطقة».
داعية إلى «الاحترام»، قالت فرنسا، في أول رد فعل رسمي لها، إنه «يجب الحرص على حرية الملاحة بمنطقة الخليج، واحترام ذلك».
كعادة ردودها الدبلوماسية على الأحداث الجسام، أعربت ألمانيا عن «قلقها الشديد وتصعيد التوتر في المنطقة»، برد هادئ رزين، قالت الخارجية الألمانية، الذي عاد وزيرها لتوه من زيارة لإيران: «أي تصعيد في الموقف أمر خطير وهذه أحداث يمكن أن تؤدي إلى تصعيد. نحن في حاجة إلى وقف التصعيد وعلى كل الأطراف المساهمة في ذلك».
على يسار دبلوماسية ألمانيا، بلهجة شديدة أدانت روسيا الحادث، محذرة «من أي محاولات لتحميل إيران المسؤولية عن الحادث»، وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، في تصريح صحفي: «أود الاستفادة من هذه الفرصة للتحذير من الاستنتاجات المستعجلة ومحاولات تحميل الطرف غير الموالي لعدد من الدول المعروفة».
روسيا التي اتخذت رد فعل مخالف، قالت إنها أنقذت 11 من مواطنيها كانوا في الحادث، وقالت السفارة الروسية لدى طهران، في بيان وزعته على وسائل الإعلام، إن المُنقَذين الروس هم 10 رجال وامرأة واحدة، مشددة على أنهم لم يصابوا بأذى وحالتهم الصحية جيدة.
واشنطن وطهران لا تكفان عن التصعيد بعد الحادث، إذ أنه في الوقت الذي قالت فيه الولايات المتحدة بوضوح أن إيران هي المسؤولة، أكدت الدولة الفارسية أن الاتهامات الأمريكية التي تحمّلها المسؤولية «لا أساس لها»، متهمة واشنطن بتنفيذ «تخريب دبلوماسي».
وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، خلال اجتماع لزعماء منظمة شنغهاي للتعاون، وهي تكتل أمني تقوده الصين ويشارك فيه روسيا والهند، إن «الأفعال الأمريكية تمثل تهديدًا خطيرًا للاستقرار في الشرق الأوسط».
التأهب على أشده في المنطقة، في الوقت الذي يخاف فيه العالم من تصاعد التوتر، بينما تقول إيران إنه لا علاقة لها بأي أذى، فإن أصابع الاتهام تشير إليها دون تصريحات رسمية، في انتظار ما قد يسفر عنه تصاعد التوتر في الفترة المقبلة.