x

«فيسك»: حالة الطوارئ تلجم الألسن.. والفقر يستنزف طاقة المصريين

الثلاثاء 24-08-2010 15:19 | كتب: محمد عبد الخالق مساهل |
تصوير : other

قال الكاتب البريطاني البارز «روبرت فيسك»، إن المصريين يتأهبون للحياة بعد الرئيس مبارك ، مستدركاً بأنه لا يوجد خليفة له تم تسميته.


و أشار «فيسك» في مقال مطول له نشرته صحيفة «الاندبندنت» البريطانية اليوم الثلاثاء، إلى أن الرئيس "طاعن في السن و ليس له خليفة محدد، في حين أن رحيله الوشيك هو محور الحديث في البلاد".


و نبه إلى أن المصريين يرغبون في التغيير السياسي ، و لكن ربما لا يحصلون عليه ، حيث قال لهم الرئيس مبارك إن الله وحده هو الذي يعلم من سيكون الرئيس القادم ، وهو ما اعتبره فيسك أمر "مثير للسخرية ".


و اعتبر فيسك  أن اختيار الرئيس القادم لمصر سواء أكان «جمال مبارك»، أو «عمر سليمان» مدير المخابرات، لن يغير من الأمر شيئاً.



وأكد «فيسك» أن المصريين  يخضعون لحكم مبارك "المنهك"، ليس لديهم إلا قليلاً  من الوقت للسياسة، مشيراً إلى أن القاهرة عانت خلال الأسبوعين الماضيين من موجة حر شديدة، تسببت في عرق الناس في أحياء  عشوائية  "رثة " مثل بولاق الدكرور في درجات حرارة تصل إلى 47.


و لفت فيسك إلى أنه مثلما كان الوضع بالنسبة للعراقيين الذين خضعوا لعقوبات الأمم المتحدة، و الذين تمنى الغرب أن يطيحوا بـ «صدام حسين»، فإن معظم المصريين "قلقون " إزاء معارضة النظام و من ثم فهم "أكثر انشغالاً " بحماية أسرهم من الفقر بدلاً من "الإساءة " إلى الرجل الذي يتركهم يعشيون في مثل ذلك البؤس، قائلاً إن الصرف الصحي الطافح في بولاق الدكرور جف ليترك مياهاً سوداء يلهو فيها الأطفال بأقدامهم العارية.


و قال فيسك :" السلطات المصرية ضاعفت الاحتياطات الأمنية بأجهزة أمنية متنافسة للتأكد من أنه لا توجد معارضة سياسية خطيرة تنشأ وسط المناطق المزرية بالقاهرة ،  مثلما كانت الحكومات البريطانية في العهد الفيكتوري تخشى من اندلاع الثورة من الأحياء العشوائية في لندن و مانشستر و ليفيربول".


و نبه فيسك إلى أن المشكلة مع رئاسة مبارك و نجله هو أنه إذا كان جمال هو "الخليفة الثاني " في الشرق الأوسط (دمشق مقر الخليفة الأول) فإن معظم المصريين ما زالوا يشعرون بأن بلادهم و بعد عقود من الاصلاحات الموعودة ، لم تشهد تحسناً مادياً أو سياسياً.


و أكد فيسك أن حالة الطوارئ بالبلاد "تلجم"  الألسن، بينما يستنزف الفقر طاقة المصريين، و الذين تم حقنهم بــ"الملل السياسي ".


و أشار فيسك إلى أن الأثرياء يعيشون في تجمعات محاطة بأسوار و بوابات خارج المدينة بينما صارت الفنادق الكبرى بالقاهرة تجمعات محاطة بالبوابات من أجل الأجانب و السائحين و رجال الأعمال و الذين يتنفسون الهواء المكيف و يرتشفون البيرة المثلجة بجانب حمامات السباحة و يهرعون إلى مواعيدهم بسيارات الليموزين.


و تابع فيسك :"أما بالنسبة للفقراء ، فهناك التزام بالدين و مساكن يغلب عليها البؤس و مسلسلات تلفزيونية ، فلا عجب أن يرفع  التلفزيون في احتفاله باليوبيل الذهبي  شعار :" بدأنا كباراً و سوف نظل كباراً".

 

وأكد فيسك أن المظاهرات و الإضرابات نادراً ما يتم تصويرها في التليفزيون المصري ، بينما تظل جماعة الإخوان المسلمين ، "المحظورة نظرياً"، ممنوعة من برامج قناة النيل الإخبارية.


وقال الكاتب البريطاني إن هذه هي الطريقة التي تدار بها مصر ، موضحاً أن هناك واجهة للتسامح ، فالأمر يشبه ركوب قطار قديم مألوف  يسير حول القاهرة متجهاً إلى الجيزة ، فأنت تعرف جميع المحطات و تحفظها عن ظهر قلب.


و أضاف :" فلتصف القاهرة بالديكتاتورية ، و ستجد الحكومة تقول لك إن الديمقراطية تستغرق وقتاً – على الأقل 29 عاما تحت حكم مبارك – و لتسأل لماذا يتمكن الإخوان من شن حملات انتخابية لهم إذا كانت البلاد غير ديمقراطية" .

و تابع فيسك :" فلتنس للحظة أن حظ الإخوان العاثر هو القمع المستمر، و لسوف تسمع عن حرية الصحافة، و لتنس للحظة أن الصحفيين يتعرضون للقمع و لسوف يقال لك إن الرئيس يستمتع بالنكات التي تقال عنه".

 

و لفت الكاتب البريطاني إلى أن الشكاوى ضد الحكومة جراء انتشار الفساد و قمع حقوق الإنسان و الوحشية البوليسية ، تتزايد شهرياً ، مؤكداً أن هناك انتقادات واسعة النطاق لاتفاق مصر الجديد مع شركات النفط بشأن المشاركة في الأرباح على استكشاف النفط في الصحراء، و ذلك لأن هذا الاتفاق يمنح مزيداً من المزايا للمستثمرين الأجانب.


و أشار فيسك إلى أن نظام مبارك يتلاعب بمخاوف المسلمين و الغرب في مجال التعليم ، فلم يمضي وقت طويل على قيام  وزير التعليم العالي و البحث العلمي «هاني هلال» بمنع الطالبات المنتقبات من الجامعات المصرية ، و من ثم يجعل مصر تتماشى مع خط سوريا و فرنسا ، حتى  أعلن الدكتور «زكي بدر» وزير التربية و التعليم،  بدوره أن المدارس الدولية الخاصة في مصر – لابد و أن تضم اللغة العربية و الدين و التاريخ في مناهجها و أن يحي طلابها العلم المصري في بداية اليوم الدراسي .


و علق فيسك على ذلك بالقول :" فلتعط مسلمي المدارس الحكومية مذاقاً من العلمانية هنا ، و تجعل المدارس العلمانية تتذكر الدين "، وهو ما أسماه بـ"المباركية النموذجية " التي تربك الجماهير بينما تعد للانتخابات المقبلة.


وقال  فيسك إن  مزوري الانتخابات التابعين للحكومة يجيدون ممارسة معايير مدروسة منذ "ديكتاتورية ناصر" مستبعداً تغييرها ، مضيفاً في الوقت نفسه أن البرادعي – الذي قد تصفه بأنه رجل لطيف – قد لا تحتضنه الانتخابات المصرية التي عادة ما تدهن الفرعون بنتيجة الـ90% من الأصوات".


وحول دور مصر كقوة عربية عظمى ، قال «فيسك» "إن وضعها كصانع كبير للسياسية أخذ يتلاشى ، في حين أن تركيا أصبحت المفاوض الكبير في الشرق الأوسط".

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية