أودعت محكمة جنايات القاهرة، الأربعاء، حيثيات حكمها بمعاقبة القيادي الإخواني حسن مالك و6 آخرين بالسجن المؤبد ومعاقبة 3 آخرين بالسجن المشدد 10 سنوات ووضع المحكوم عليهم تحت المراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات، تبدأ بانتهاء مدة العقوبة المقررة، وإدراج المحكوم عليهم والكيان الذي يتبعونه «جماعة الإخوان» بالقوائم المنصوص عليها بالقانون رقم 8 لسنه 2015.
كما قضت المحكمة ببراءة 14 آخرين في اتهامهم بالقضية المعروفة إعلاميًا بـ«الإضرار بالاقتصاد القومي وتمويل الإرهاب»، والتي وصفت «الإخوان» بأنهم «جماعة يجيدون المكر والخداع إضافة إلى تزييفهم الحقائق وتضليل الوعى العام والتفنن في المغالطات وركوب موجة الزيف والتضليل وتشويه صورة الوطن والبحث على موقع ينصبون أنفسهم من خلاله كرموز وطنية».
وقالت الحيثيات التي أودعتها المحكمة إن «الجماعة تمكنت عن طريق مؤامراتهم من الوصول إلى حكم مصر عام 2012، وتولى محمد مرسي العياط القيادي بتلك الجماعة منصب رئيس الجمهورية، لكن الشعب المصري سرعان ما ثار في وجه تلك الجماعة، نتيجة حدوث أزمات عديدة ترجع إلى سوء إدارة الحكم في البلاد، وظهر حراك شعبي يدعو إلى عزل الرئيس المنتمي لهذه الجماعة، وتحدد يوم الثلاثين من يونيو ليقول الشعب كلمته، وقد آزر الجيش الشعب في مطالبه وتم عزل محمد مرسي من الحكم في ٣ يوليو ٢٠١٣»، مشيرة إلى أن «وقائع الدعوى استقر في يقينها واطمأن إليها وجدانها مستخلصة مما حوته الأوراق من تحقيقات وما أثير بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في أن جماعة الإخوان تأسست عام 1928 على يد من يُدعى «حسن عبدالرحمن سعدي» وشهرته «حسن البنا» وأطلقت على نفسها مسمى جماعة الإخوان المسلمين».
وأضافت: «وضعت لنفسها هيكلاً تنظيمياً يتكون من مرشد عام للجماعة، ومكتب إرشاد من مجموعة منتخبة من مجلس شورى الجماعة، الذى يضم مسؤولي المكاتب الإدارية على مستوى المحافظات، وكل محافظة من محافظات الجمهورية لديها مكتب إداري مكون من مسؤولي الشُعب وهذه الشُعب مكونة من مجموعة من الأسر والتي تُعد أصغر وحدة في التنظيم»، مشيرة إلى أن «هذه الجماعة كانت أهدافها السيطرة على أكبر عدد من الدول الإسلامية وعلى رأسهام مصر والاستيلاء على الحكم فيها عن طريق هدم أنظمتها وتعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي».
وأوضحت الحيثيات أن «الإخوان لجأوا على مر التاريخ إلى استخدام القوة والعنف والتهديد والترويع والاعتداء على الآمنين واستخدموا العنف والقمع والترهيب للحصول على مبتغاهم، فهم دائماً في خصومة مع وطنهم»، مشيرة إلى أنه «بعد عزل الرئيس الإخواني الذي جاء على خلاف رغبة جماعة الإخوان، وحمل في فحواه معنى الهزيمة وكسر الشوكة، فقد كان له بالغ الأثر في احتقان النفوس، فثارت ثائرتهم وتملكتهم الرغبة في محاولة إجهاض عزل رئيسهم، وما كان منهم إلا أن حثوا أنصارهم على التجمع لنُصرة الجماعة وأفصحوا عن وجههم الحقيقي كدُعاة للعنف والتخريب لإظهار هيبة جماعتهم وقوتها، ولبث الرعب في نفوس العامة وإرهابهم في محاولة لإجهاض ثورة الثلاثين من يونيو وإعادة رئيس الجمهورية المنتمي لجماعتهم إلى الحكم، فتجمهروا في الطرقات العامة مستخدمين القوة والعنف والتهديد والترويع واعتدوا على الآمنين، إلا أن الدولة تصدت لهم واتخذت الإجراءات اللازمة لحماية البلاد من إرهابهم».
وأكدت الحيثيات أنه «جرى ضبط العديد من قيادات وكوادر جماعة الإخوان وعناصر لجان عملياتها النوعية بمحافظات الجمهورية المختلفة مما أدى إلى تحجيم الأنشطة العدائية لتلك اللجان، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه مؤسساتها المالية والاقتصادية والذي أدى إلى تجفيف منابع تمويل التنظيم»، مشيرة إلى «إصدار رئيس الوزراء القرار رقم 579 لسنة 2014 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 14 مكرر (د) بتاريخ 9 أبريل 2014 باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية نفاذاً للحكم الصادر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في الدعوى رقم 3343 لسنة 2013 مستعجل القاهرة والقاضي باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية».
وقالت الحيثيات إن «المتهمين حسن عز الدين يوسف هلال مالك (المتهم الأول)، وعبدالرحمن محمد محمد مصطفى سعودي (المتهم الثاني)، قيادة بتلك الجماعة الإرهابية، توليا مسؤولية اللجنة الاقتصادية المركزية التابعة لمكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان التي تهدف لتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على رجال القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما والمنشآت العامة والإضرار بالاقتصاد القومي بالبلاد، ولهما السيطرة على أعضاء الجماعة وطاعتهما عليهم واجبة فيما يصدرانه من تكليفات، حيث انضم حسن مالك (الأول) لجماعة الإخوان منذ نعومة أظافره نظرًا لكون والده كان من بين المنضمين للجماعة، وعندما التحق بالجامعة عام 1976 كان يشارك في الأنشطة الطلابية لجماعة الإخوان المسلمين تحت مسمى الجماعة الإسلامية والتي كانت تضم جماعة وتعرف على خيرت الشاطر «نائب المرشد العام للجماعة» من خلال النشاط الطلابي بالجامعة وعقب تخرجهما تشاركا في أكثر من شركة تجارية حتى تم القبض عليهما عام 1986 وبتفتيش مقر الشركة حينئذٍ عُثر على أوراق تنظيمية تخص جماعة الإخوان المسلمين وتم حبسهما لمدة عام، ثم تم القبض على حسن مالك مرة أخرى في قضية سُميت بميليشيات الأزهر وقُضي ضده بالسجن لمدة سبع سنوات بتهمة تولى قيادة في جماعة الإخوان المسلمين ولم يُفرج عنه إلا بتاريخ 11/3/2011».
وأوضحت الحيثيات أنه «عند تولى محمد مرسي رئاسة البلاد كان يشاركه رحلاته الخارجية والاجتماع مع رجال الأعمال في تلك الدول لمناقشة الأمور التجارية، وأنه يعتبر ما حدث في الثلاثين من يونيو من عزل الرئيس المنتمي للجماعة انقلابًا على الشرعية للرئيس المنتخب، ولذا فقد شارك في اعتصام رابعة عدة مرات وكان بصحبته زوجته وبناته»، مشيرة إلى أن «أدوار المُتهمين في مخطط الإضرار بالاقتصاد القومي، فأكدت أن المتهمين الأول والثاني باعتبارهما من المتولين قيادة بالجماعة بالإشراف على تنفيذ خطة تعتمد على قيام المنتمين من أعضاء الجماعة بأفعال غير مشروعة، كالاستمرار في التجمهر والتظاهر وقطع الطرق والمواصلات العامة، وكذا نشر الشائعات التي من شأنها نشر اليأس والإحباط بين صفوف المواطنين».
وأشارت المحكمة إلى أن «الخطة تشمل أن يكون ذلك بخلق مناخ من التشاؤم حول المستقبل الاقتصادي للبلاد، باعتبار أنه كلما زادت درجة التفاؤل شجع ذلك الأفراد على الاستهلاك والاستثمار، ومن ثم تحفيز الطلب وتشجيع حركة السوق، فعملوا على بث مناخ تشاؤمي حول الوضع الاقتصادي مما يزيد من درجة عدم اليقين وهو ما يشجع الأفراد على الاكتناز وعدم الإقدام على الاستهلاك؛ ومن ثم المساهمة في خلق حالة من الركود الاقتصادي، وذلك بنشر شائعات وأخبار محبطة (إفلاس شركات- طرد عمال- ..)، والجهر بالشكوى في المواصلات العامة عن سوء الأوضاع الاقتصادية».
وأفادت الحيثيات بأن «المُتهمين تلاقت إراداتهم نحو الأغراض غير المشروعة التي تتوخى هذه الجماعة الإرهابية ارتكابها وقاموا بنشاط مادي عبر عن إرادتهم المتجهة للانخراط في عضوية هذا التنظيم الإجرامي، وقاموا بأعمال تنفيذية تحقيقًا للأغراض غير المشروعة الذي قام التنظيم من أجلها»، مشيرة إلى أن «الجماعة أوكلت لهم القيام بمهمة تنفيذ مخطط وضعته لهدم الاقتصاد المصري، فقام المتهم حمزة حسن عز الدين مالك (الرابع والعشرين)، بالعمل على جلب وتهريب العديد من المبالغ المالية للبلاد وتسليمها لمسؤولي التنظيم بالداخل للاستمرار في دعم وتمويل العمليات التي يقوم بتنفيذها عناصر من تنظيم الإخوان في إطار مخطط عام يهدف لإحداث الفوضى بالبلاد والإضرار بالمصالح القومية من خلال الإضرار بالاقتصاد القومي وصولاً لإسقاط النظام القائم والانقضاض على الحكم».
وذكرت المحكمة في حيثياتها أن «المتهمين مبدعون في تأجيج الصراع وتخبيب الأفراد على وطنهم، ويتفننون في المغالطات، وركوب موجة التزلف والتضليل وتشويه صورة الوطن، من خلال بذر الشبهات التي تجذب البسطاء من الناس تمادوا في غيهم وباطلهم، وضللوا الأمة بكثير من الآراء والفتن، روجوا ضَلالات ودِعايات تدمر البلاد، وتمزق الأمة، وتضيع المجتمع، وهذه الفتن انصبت للإفساد والتضليل، جاءت لتفرق الأمة وتدمرُ شأنها، وتنشر الفتن والفوضى. فغاية أمانيهم الاستيلاء على الحكم، ولو بهدم الوطن ونسف استقراره وإحراقه، ومن هذا المنطلق قامت الجماعة بوضع مخطط لإثارة الفوضى والإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد بغرض إسقاط نظام الحكم القائم بها، وذلك من خلال تضليل الأمة وتشويه صورة الوطن، وزعزعة ترابط المجتمع عن طريق بذر الشبهات والفتن، وترويج الضَلالات والدعايات، واعتمد المخطط على قيام المنتمين من أعضاء الجماعة بأفعال غير مشروعة كالاستمرار في التجمهر والتظاهر وقطع الطرق والمواصلات العامة، إضافة إلى نشر الشائعات التي من شأنها نشر اليأس والإحباط بين صفوف المواطنين، وذلك بخلق مناخ من التشاؤم حول المستقبل الاقتصادي للبلاد».
وأضافت الحيثيات أن «الخطة تضمنت حثهم أيضاً على الضغط على موارد النقد الأجنبي لدى البنك المركزي وسحب الدولار من السوق بسحب 2 إلى 3 مليارات دولار خلال الشهور الستة المقبلة، كما تضمنت الأوراق الخطة الإخوانية بحث أعضاء الجماعة على العمل على زيادة مشكلات الطاقة (المنتجات البترولية والكهرباء)، وعمل تكدس وزحام مروري بالقاهرة وعواصم المحافظات خاصة على منتج السولار والبنزين، يُضاف إلى ذلك تشجيع التخزين لدى العديد من الفئات وهو ما يزيد من حدة الأزمة، وتشجيع الفلاحين بصفة أساسية في تخزين السولار، وخلق طلب وهمي على محطات الوقود مما يؤدي إلى تدافع المواطنين على شرائها، وكذلك عن طريق زيادة معدلات الاستهلاك في البيوت بالنسبة للكهرباء مع عدم سداد فواتير الاستهلاك، ورفض أي زيادات في أسعار الطاقة بالتظاهر».
وأشارت إلى أن «الخطة تضمنت أن يتم ذلك بشكل مستمر أي بنحو 500 مليون دولار شهرياً، مع زيادة حدة المضاربة على الجنيه المصري في ظل التوقعات باستمرار ارتفاع سعر الدولار، وقيام الناس العادية بتخزين الدولار سواء التجار أو الصناع وهو ما يخلق طلبًا إضافيًا على الدولار مع تخزين الدولار خارج الجهاز المصرفي المصري، إضافة إلى تشجيع المصريين بالخارج على وقف التحويلات مع تحويل الودائع المصرية بالجنيه إلى شهادات دولارية وسحبها بعد فترة، وشراء المنتج المستورد دون المصري وخاصة في القطاعات الداعمة للانقلاب، وذلك لتشجيع الاستيراد وإلحاق أكبر ضرر بالشركات المؤيدة للانقلاب، ووجوب نشر عدد كبير من الشائعات الاقتصادية التي من شأنها نشر الفزع والإحباط بين المواطنين، واستعرضت الخطة الإخوانية المساعدات العربية الاقتصادية لمصر وأثرها في تخفيف الضغط الاقتصادي عن كاهل الموازنة العامة».
واختتمت الحيثيات قائلة: «انتهى المخطط إلى ضرورة اتخاذ إجراءات من أعضاء الجماعة لإفشال تلك المساعدات الاقتصادية لكي تشتد الأزمة الاقتصادية بالبلاد وذلك باستمرار المظاهرات، واستمرار وتيرة عنف السلطة ضد المظاهرات، وتبني السلطة لمحاربة الإرهاب كإطار لعملها، وارتفاع وتيرة المصادمات في المناطق المختلفة وخاصة العاصمة والمناطق السياحية، وشن حملات إعلامية منظمة لإفشال أي خطوات إصلاحية أو تجميلية للنظام من خلال التشكيك فيها ومهاجمتها وتوعية المواطنين بخطورة ما يقوم به النظام، واستمرار العمل الثوري بأشكاله المختلفة».