أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير فى السودان استمرار العصيان المدنى الشامل، أمس، لليوم الثانى على التوالى، للضغط على المجلس العسكرى لتسليم السلطة للمدنيين على الرغم من دعوة المجلس العسكرى إلى إنهاء العصيان محملا قوى الحرية والتغيير مسؤولية تأزم الوضع، مطالبًا بإزالة المتاريس التى يقيمها المحتجون فى شوارع مدن وولايات السودان، والعودة إلى المفاوضات.
وفى ثانى أيام العصيان، عاود عدد من البنوك مباشرة أنشطتها كما عاد عدد من المحال التجارية ومحطات تزويد الوقود للعمل فى الخرطوم، وشوهدت حافلات المواصلات العامة تنقل ركابا فى الشوارع، بعد أن كانت مقفلة أمس الأول، وفقا لوكالة «فرانس برس»، وذكرت وكالة الأنباء السودانية «سونا» أمس أن العمل انتظم فى البنوك والمصارف السودانية بالخرطوم لليوم الثانى عقب عطلة عيد الفطر وشمل ذلك بنك السودان فرع الخرطوم الرئيسى وبنك التضامن وبنك فيصل الإسلامى وبنك أم درمان الوطنى، كما أعلن مطار الخرطوم الدولى استمرار العمل والرحلات الداخلية والخارجية بصورة طبيعية أمس، وقرّر المجلس العسكرى «تعزيز الوجود الأمنى للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى لإعادة الحياة لطبيعتها وتأمين المواطنين العزّل وفتح الطرق وتسهيل حركة الناس وحركة المركبات العامة والخاصة وحراسة المرافق الاستراتيجية والأسواق».
ونشر تجمع المهنيين السودانيين، المحرك الرئيسى للاحتجاجات، صورا ومقطع فيديو تشير لإغلاق المحال والمصالح الحكومية وحركة قليلة للسيارات فى اليوم الثانى، لاسيما فى الخرطوم، وقال إن «مشاركة الجماهير فى العصيان المدنى الشامل والإضراب العام مستمرة دون تراجع حتى نقل الحكم لسلطة مدنية انتقالية وفق إعلان الحرية والتغيير، ميثاق ثورتنا المنتصرة»، وطالب التجمع، فى بيان، مؤيديه بالاستمرار فى وقف العمل فى كافة المؤسسات والمرافق فى القطاعين العام والخاص، وعدم دفع أى رسوم أو تعامل مع النظام السياسى الحاكم وعدم الانصياع لقوانينه، مع الحرص على البقاء فى الأحياء والفرقان فى المدن والقرى فى كل أنحاء السودان، ودعا إلى الاستمرار فى إغلاق الطرق الرئيسية والفرعية والداخلية والكبارى والمنافذ بالمتاريس، دون الاشتباك مع قوات الأمن السودانية، وقال تجمع المهنيين إن العصيان نجح بشكل كامل فى أول أيامه، بينما أكد المجلس العسكرى الانتقالى «عدم استجابة المواطنين رغم المعوقات والحواجز»، مطالبا بالتراجع. وقالت صحيفة «جارديان» البريطانية، أمس، إن ملايين انضموا للإضراب العام، وقاموا بإغلاق الشوارع الرئيسية، وأوضحت أن حملة العصيان تزامنت مع بداية العمل أول الأسبوع ويسعى منظموه إلى استخدامه فى إعادة إطلاق حركة المعارضة والمظاهرات التى تلقت ضربة كبيرة بالحملة التى وُصفت بالوحشية لفض الاعتصام والوصول إلى مرحلة إجبار قادة الجيش على الاستقالة.
وأفادت وكالة «سونا» السودانية الرسمية للأنباء، أنه تم إطلاق سراح 3 من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة، قطاع الشمال، كان تم اعتقالهم بعد اجتماعهم مع رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد الذى قام بدور الوساطة بين طرفى الأزمة السودانية، موضحة أنه تم إطلاق سراح كل من ياسر عرمان وخميس جلاب ومبارك أردول، وأفادت أنباء أنه تم إبعادهم إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، وكان أعضاء فى المجلس العسكرى أبدوا تحفظهم على وجود هؤلاء القادة فى مظاهرات المعارضة.
وكان المجلس العسكرى دعا، مساء أمس الأول، إلى إنهاء العصيان المدنى وحمّل قوى الحرية والتغيير مسؤولية تأزم الأوضاع، واتهمها باستغلال فض اعتصام القيادة العامة للجيش للتصعيد وإنهاء مفاوضات تسليم السلطة، مشيرًا إلى أن قوى الحرية والتغيير كانت على علم بنوايا قوات الأمن القيام بما سماه «حملة تنظيف»، فى إشارة إلى فض الاعتصام، وشدد على أن قوات الجيش والدعم السريع تعتزم فتح الطرق وإزالة المتاريس وحماية المنشآت الحيوية، وأفاد بـ«إغلاق الطرق والتعدى على المواطنين وحرمانهم من السفر والوصول للخدمات»، مشددًا على أن الروايات المتداولة عن انشقاقات بقوات الأمن «شائعات لا أساس لها من الصحة»، وأوضح أن المعلومات المتداولة عن انتشال جثامين لمحتجين من النيل كاذبة، واعتبر أن إحصاءات لجنة أطباء السودان عن القتلى «غير دقيقة»، وحمل المجلس قوى «الحرية والتغيير» المسؤولية كاملة عن «الجرائم» التى وقعت خلال الفترة الماضية، وكان جهاز الأمن والمخابرات الوطنى أعلن، مساء أمس الأول، إحالة عدد من ضباط الجهاز للتقاعد، وأفادت وسائل إعلام بأن رئيس المجلس العسكرى الانتقالى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان قرر إحالة 100 ضابط بالجهاز للتقاعد، بينهم 35 برتبة لواء.
وكان الناطق باسم المجلس العسكرى الفريق أول شمس الدين كباشى قال أمس الأول: «نأسف لهذا التصعيد مع إعلان العصيان المدنى فى ظل الظروف الدقيقة التى تعيشها بلادنا»، مؤكدا أن «الحياة لم تتأثر كثيرا» بالدعوة للعصيان، و«الأمور تسير بشكل جيد فى الخرطوم والولايات»، وأضاف: «نرجو من إخوتنا فى قوى الحرية والتغيير التراجع عن العصيان لأنه يؤثر بشكل أو بآخر على معاش الناس وهو ما لا يرضينا ولا يرضيهم»، وقال كباشى: «لم يصلنا ما يفيد من قوى الحرية والتغيير بشروط مسبقة للعودة للتفاوض، ولا نمانع فى أى طرح يقود لتقريب وجهات النظر بيننا وبين إخوتنا فى الطرف الآخر». ودعت جماعة الإخوان المسلمين فى السودان المجلس العسكرى وقوى «الحرية والتغيير» المعارضة إلى حفظ البلاد من التمزق وحقن الدماء.