قال ممثل منظمة الصحة العالمية فى مصر، الدكتور جون جبور، إن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى، «100 مليون صحة»، مبادرة عملاقة وفرصة ذهبية للمصريين للاطمئنان على صحتهم، وسيُحتذى بها عالميًا، لأنه لا يوجد بلد فى العالم ينفذ مبادرات صحية بالتزام سياسى تام، وبكوادر طبيبة وتقنية تعمل لأكثر من 20 ساعة متواصلة. وأضاف، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أنه تم الاتفاق على نقل التجربة المصرية فى مكافحة وعلاج فيروس سى لأى بلد فى إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، مشيرًا إلى أن مصر أبدت استعدادها لذلك، مشددًا على أن المبادرة تمت وفقًا للمعايير الدولية، وتحت مراقبة يومية من جانب المنظمة، واعتبر أنها رسخت فكرا جديدا لدى المصريين، هو الاهتمام بالصحة العامة، وإلى تفاصيل الحوار:
■ هل كان هناك تنسيق بين المنظمة ووزارة الصحة فيما يتعلق بمبادرة «100 مليون صحة»؟
- منذ بداية المرحلة الأولى للمبادرة، هناك تنسيق تام، وعلى أعلى مستوى، بين المنظمة ووزارة الصحة، وتلك المبادرة الضخمة وضعت الأسس لمبادرات أخرى للاهتمام مباشرة بصحة المواطن، وهذا تاريخيًا لم يحدث، فقديمًا كان الحديث دائمًا عن برامج للصحة العامة، لكن مبادرة بهذا الحجم لم تحدث من قبل، وخلقت ثقة بين المواطن والحكومة، وساهمت فى التعاون والتنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة، وهذا التعاون لا يعتمد على أشخاص، بل منظومة ومؤسسات، ما ساهم فى تعزيز النظم الصحية فى مصر، وناقشت مع الوزيرة كيف يتم استعمال المبادرات لتعزيز المنظومة الصحية فى مصر واستمراريتها، وهذه خطوة مهمة، وانتهاء مدة المبادرة لا يعنى أنها انتهت تمامًا، بل مستمرة بروحها ومضمونها، فالمسؤول لابد أن يكون سباقا فى الرؤية والتنفيذ ولديه نظرة.
■ هل توقعت المنظمة نجاح المبادرة والإقبال عليها من المواطنين بهذا الشكل؟
- فى الحقيقة عند بدء التنفيذ كان هناك تساؤل حول فرص نجاحها من عدمه، خصوصًا فى ظل استهدفها لملايين المصريين، وكان هناك تساؤل فى الأيام الأولى مفاده هل ستنجح المبادرة؟، وأنا بحكم خبرتى فى هذا المجال، وتواجدى على الأراضى المصرية منذ عام 2003، وقتما كنت بالمكتب الإقليمى للمنظمة، كنا دائما نرى التحرك المصرى وقت أزمات مثل أزمة «الإيبولا» و«إنفلونزا الطيور» و«إنفلونزا الخنازير»، وكانت مصر سباقة بإعداد الخطط والبروتوكولات وتنفيذها لحماية المواطن، فكيف لا تنجح هذه المبادرة التى تحظى بالتزام سياسى من قمة الهرم السياسى، وشخصيًا كنت متأكدًا من نجاحها وبشكل كامل.
■ هل شكوك نجاح المبادرة من عدمه كانت موجودة لدى الجهات الدولية أيضًا؟
- بالفعل بعض الممولين للمبادرة، وخصوصًا ممثلى البنك الدولى، كان لديهم علامات استفهام وشكوك حول فرص نجاح المبادرة، وقلت لهم إن مصر لديها القدرة، سواء البشرية أو المالية، على التنفيذ، وسيحتذى بها عالميًا، خصوصًا أن التنفيذ تم بشكل سليم، ولأول مرة فى التاريخ تستهدف مبادرة هذا العدد وتستهدف، إلى جانب الفحص عن فيروس سى، أمراضا أخرى غير سارية، وهى عبارة عن مجموعة من الأمراض المزمنة، مع العلم أن 84% من الوفيات سببها الأمراض غير السارية، وبالتالى الرؤية السياسية فى هذا الشأن واسعة جدًا ومهمة، ونحن بالمنظمة كنا يدًا بيد مع الوزارة لخلق منهجية مشتركة لأكبر مشكلتين صحيتين فى مصر، وهما فيروس سى والأمراض غير السارية، ونجحت المبادرة بشكل تام، وبناء عليها سيتم وضع خريطة صحية معلوماتية متكاملة تؤدى لخريطة صحية فى مصر تتماشى مع الخريطة العالمية.
■ هل راقبت المنظمة عملية المسح الصحى فى المبادرة؟
- المنظمة كانت تتابع وتراقب المبادرة منذ انطلاقها، وتصدر تقارير عنها منذ بدايتها، وانتهينا مؤخرا من تقرير المرحلة الأولى، وعلى أساسه البنك الدولى سوف يدفع مستحقات إلى مصر، وهذا التقرير صادر عننا كمراقبين ومتابعين للمبادرة يدا بيد مع الوزارة، وتضمن التقرير ملاحظات المنظمة لأعمال المبادرة فى مرحلتها الأولى، والتى استهدفت حوالى 12 مليون مواطن، وتم إرسال نسخة من التقرير إلى البنك الدولى والجهات الدولية، بالإضافة إلى نسخة لوزارة الصحة المصرية، وبموجب هذا التقرير سوف يدفع البنك الدولى مستحقاته إلى مصر ودعم المبادرة ماديا فى ضوء الاتفاقية الموقعة بين الطرفين فى هذا السياق.
■ إذا ما هى أبرز ملاحظات المنظمة التى وردت فى التقرير؟
- جميع إجراءات المبادرة تمت وفقًا للمعايير العالمية ومعايير وضوابط المنظمة، ولم يتم رصد أى شكاوى، وتقرير المنظمة حول المبادرة شمل ثلاثة محاور رئيسية، أولها الزيارات الميدانية لعينات عشوائية من قبل المنظمة لنقاط المسح على مستوى الجمهورية، للوقوف على تنفيذ المنظومة، بداية من إدخال البيانات للمواطن حتى توجيه الحالات الإيجابية إلى مراكز توافر العلاج، والمحور الثانى التحقق عن طريق المكالمات الهاتفية لعينة عشوائية مأخوذة من البيانات التى وفرتها وزارة الصحة المصرية، للتأكد من آراء المواطنين عن عملية المسح ومدى رضائهم واستفادتهم من التوجيه، خصوصًا الحالات التى تستوجب توافر العلاج، أما المرحلة الأخيرة فشملت مراجعة الموارد من مستلزمات المسح للتأكد من توافر الكميات اللازمة من الاحتياجات الخاصة بكل عملية المسح، والتأكد من أنها تتوافق مع الشروط التى وضعتها منظمة الصحة العالمية لضمان صحة النتائج.
■ هل هناك توصيات صادرة من المنظمة بشأن المبادرة فى ضوء تلك المراقبة؟
- خرجنا بمجموعة من التوصيات لرفع كفاءة المنظومة لخدمة المواطن المصرى، أولها الاهتمام بالتدريب المتواصل للفرق العاملة فى المسح على مبادئ مكافحة العدوى والالتزام بالخطوات الصحيحة للمسح، والتركيز على حفظ سرية المريض، خصوصًا فى حالة إبلاغه بنتيجة الفحص، كما تضمنت التوصيات الاهتمام بتقديم المشورة للمريض بعد عملية المسح، والتأكيد على التوجيه لمراكز العلاج، وأخيرًا التركيز على الاستفادة من المبادرة فى تقوية النظام الصحى لدعم مواجهة المشكلات الصحية الأخرى، ودعنى أقول لك إن هذا التقرير يعطى مصداقية الدولة تجاه المواطن ويعزز ثقة المواطن لدى الدولة.
■ برأيك كيف ترى الجهات الدولية حملة 100 مليون صحة؟
- المبادرة فحصت أكثر من 60 مليون مصرى فى وقت لا يتجاوز 7 أشهر، و«مفيش بلد فى العالم نفذت مبادرات صحية بالتزام سياسى تام، وبكوادر طبية وتقنية تعمل لأكثر من 20 ساعة، وحقيقة هذه المبادرة فرصة ذهبية لمصر والمصريين، لأنها لا تحدث إلا مرة واحدة فى التاريخ، وهذه المرة حدثت تحت قيادة الرئيس السيسى، وربما لن يتكرر هذا مرة أخرى»، وبالتالى على المواطن أن يستفيد منها ويطمئن على صحته، قديمًا كان الحديث فى الشارع عن المشكلات الصحية، وتحديدًا فيروس سى، ولكن الآن هذا الخوف من المرض انتهى فى ظل حملات الكشف والتوعية التى تبنتها الدولة، بالإضافة إلى توفير الدواء بتكلفة أقل من نسبة 1% من تكلفته العالمية وجهد جبار يجب الانتباه إليه.
■ هل تم الحديث عن الاستعانة بالتجربة المصرية إقليميًا فى محاصرة الفيروس؟
- بالتأكيد برنامج مصر فى محاصرة فيروس سى ناجح ويحتذى به عالميا، وفى لقاء مؤخرا جمع الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، بالمدير الإقليمى للمنظمة، تم الاتفاق على نقل التجربة المصرية فى مكافحة فيروس سى، لأى بلد فى إقليم شرق المتوسط فى منظمة الصحة العالمية، وأبدت مصر استعدادها لذلك، وهذا يعكس قوة المبادرة، وهنا يجب الإشادة بالخطوة المصرية فى السماح بعلاج مليون إفريقى من فيروس سى، ثم تبعته بإجراء آخر وهو الكشف عن فيروس سى للاجئين المقيمين على الأراضى المصرية.
وأيضا الكشف عن اللاجئين فى مصر خطوة جريئة، لأن أى مواطن مقيم فى مصر عنده مخاطر لنقل العدوى للمجتمع المضيف، وهذا قد يكلف الدولة تكلفة أكبر من تكلفة إدراجهم فى المبادرة، ومن هنا كان القرار الجرىء للرئيس السيسى، وتم الاتفاق مع مفوضية اللاجئين والاجتماع معهم واتخاذ إجراءات سريعة للكشف عن اللاجئين، وعددهم يقدر بـ5 ملايين لاجئ، وهذا يعكس اهتمام مصر بصحة المواطنين غير المصريين، وهذا ما لم تستطع فعله العديد من البلدان الأخرى فى الإقليم.
■ هل رصدت منظمة الصحة العالمية أى مخالفات خلال مراقبة الحملة؟
- جميع الإجراءات الخاصة بالحملة تمت وفقا للمعايير الدولية ومعايير منظمة الصحة العالمية، سواء من حيث الكواشف أو الكوادر الطبية، ولم نتلق أى شكاوى من المواطنين أو نرصد أى مشكلات، وحجم الإقبال الكبير يعكس ثقة المواطنين ومستوى نجاح الحملة، وكان وفد المنظمة يراقب جميع الأمور من خلال الزيارات الميدانية، وفى حالة إصدار أى توصية تتعلق بطريقة الكشف يتم أخذها فى الاعتبار، وللعلم دورنا فى الحملة تقنى وفنى مختص بالصحة وضمان التطبيق وفقا للمعايير الدولية.
■ هل أتاحت وزارة الصحة الفرصة لمراقبى المنظمة للاطلاع على تفاصيل الحملة؟
- الشفافية الكاملة مع وزارة الصحة سمحت لنا بالدخول فى كل تفاصيل الحملة، سواء على مستوى الكواشف الطبية، أو الكوادر الطبية، والحقيقة كل شىء تم تنفيذه حسب معايير المنظمة والمعايير الدولية، ما ساهم بشكل كبير فى نجاح الحملة، وللعلم أننا لا نعطى اعتمادا للكواشف إلا بعد المرور بمراحل معينة، ولم نرصد أى مشكلة أو شكاوى من المواطنين، وأستطيع أن أقول للعالم كله إن المبادرة تمت وفقًا للمعايير الدولية وتحت مراقبة يومية على تنفيذها من جانب المنظمة.