فى عام 1972 اشترى والدى، رحمه الله، بالتقسيط المريح، قطعة أرض مساحتها 457 مترا. أصبحت فيما بعد بيتنا، دفع والدى حينها مبلغ 1256 جنيها فقط على دفعات سنوية ثمنًا لها. كان يعتقد الكثيرون آنذاك، أنه مبلغ ضخم لأرض فى منطقه زراعية، تسمى (أرض طوسون أبوجبل) بديروط!، ظلت المنطقة صامتة وصامدة طيلة العقود الماضية، راضية ببعدها عن المدينة وقربها من منطقة عشوائيه تسمى عزبة أبوجبل، واحتضنت كل فقراء وأغنياء المدينة، ثم تراكمت السنون وتراكمت معها البيوت، وتطاول البنيان وتكاثرت العائلات، وتشكلت فيها العمارات والفلل والأبراج. وتغير وجه المنطقة التى كانت زراعية فى السبعينيات، لتأخذ ملامح المناطق الحديثة، تحت اسم (تقسيم أبوجبل)، وأصبح لها لونها ونبعها النقى، وتلونها العفوى الجميل ككل المناطق الراقية. ثم توالت القرارات والقوانين لتضع حدًا لهذا الجذام، ويرتب قليلًا وجه المنطقة من الجدرى البشرى والأسمنتى، ولكن الذى تضرر منه هم الفقراء فقط من قاطنيها. ومنذ عشرات السنين والفقراء تقرع أبواب المسؤولين بالمحافظة، التى يبدو أن أحدًا فيها لا يريد أن يسمع أوجاع الناس، فازدادت بها المخالفات. أما الكوارث الحقيقية للمنطقة فهى إنشاء الورش والمصانع غير المرخصة، والملوثة للبيئة، وأخرى لا ضرورة لها. ولم تحرك شكاوى الناس ساكنًا للجهات المعنية المنوط بها غلق تلك الورش المزعجة، التى تسببت فى تلوث أسماعنا وصدعت رؤوسنا، وجلبت لنا الأمراض والآلام لكبارنا وأطفالنا.
يوسف القاضى- مدير مدرسة ديروط الثانوية الصناعية بنين