قال عاطف بكر عجلان، عضو غرفة شركات السياحة، الخبير السياحي، إن الحكومة السعودية تبذل مجهود فائق السرعة والجودة لمواكبة التطور العالمي لصناعة السياحة، وتطرح وتنفذ أفكار تسبق بها دولا كثيرة ذات باع سياحي قديم بمنطقة الشرق الأوسط.
وأضاف «عجلان»، في تصريحات صحفية مساء الخميس، أن ما تفعله السعودية من تحويل العمرة والحج إلى صناعة سياحة حقيقية تستفيد منها المملكة وشركاتها الوطنية بأكبر قدر اقتصادي ممكن بل، ويستفيد منها كل مسلمي العالم عبر التيسير لتسهيل زيارتهم للملكة من خلال خطة طموحة جدا تستحق كل تقدير واحترام.
ووضع «عجلان» روشتة لعلاج التأثيرات السلبية لتأشيرة العمرة الإلكترونية على الشركات المصرية، وكيف يمكن تحقيق أكبر استفادة من مميزاتها في مصر، قائلا: إن «وضع مصر قبل تحديد الإعداد الخاصة بالمعتمرين خلال العامين السابقين لظروف اقتصادية صعبة كنا نمر بها، والحمد لله أن القيادة السياسية قد عبرت بنا تلك الأزمة عبورا اقتصاديا لا يقل في قيمته عن عبور العاشر من رمضان السادس من أكتوبر العسكري والسياسي».
وأضاف «عجلان» أنه طبقاً لتقديرات عام 2016 فإن مصر تمثل ٢٧٪ من حجم العمرة حول العالم بعدد كان يتجاوز المليون وثلاثمائة معتمر.
وأشار «عجلان» إلى أن التأثير الإيجابي بالنسبة لمصر من التأشيرة الـ«أون لاين» سيكون مردوده على المواطن من تسهيل وتيسير إجراءات تأشيرة العمرة أو الحج دون الحاجة لفقد وقت طويل أو إجراءات روتينية طويلة كانت تحد كثيرا من رغبة المعتمرين من زيارة المملكة.
وأوضح «عجلان» أنه من الآثار السلبية بالنسبة للدولة هو الخروج تماماً من المعادلة بكافة هيئاتها سواء كانت وزارة السياحة أو المالية أو غيرهما، وليس خافيا على جميع العاملين في قطاع السياحة المصرية حجم السياحة الطاردة من مصر، والذي لا يقل في أقل التقديرات عن ٨ ملايين مصري لا يعلم عنهم أحد شيئاً ولا تحصل عنهم أي ضرائب أو مستحقات، وكان قطاع السياحة الدينية الطاردة هو القطاع الوحيد المنظم اقتصاديا بضوابط محددة من قبل وزارة السياحة.
وأضاف أن «باقي السياحة الطاردة لبقية دول العالم فلا رقيب أو حسيب عليها ومتروك فيه المواطن المصري صيدا ثمينا لمواقع البحث الإلكترونية العالمية التي تقدم خدمات محترمة لهذا المواطن في بعض الأحيان ومشاكل كثيرة ومعاناة في الأغلب الأعم».
وتابع: أنه «ترتب على ذلك خروج مبالغ طائلة دون أي مراقبة أو رؤية لضبط الميزان الاقتصادي لقطاع السياحة المصرية مابين مستجلبة وطاردة، وبدلا من أن نجد حلولا لـ٨٠ ٪ من السياحة الطاردة، فإذا بنا نفقد الـ٢٠٪ الباقية الممثلة في المعتمرين والحجاج».
وأشار إلى ظهور سوق سوداء جديدة لغير المتخصصين أو المؤهلين للعمل في تأشيرات العمرة دون أي رقابة أو ضوابط أو قواعد تنظيمية تحافظ علي حقوق الدولة أو المواطنين.
وأوضح «عجلان» أنه من الآثار السلبية على المواطن مع العلم أن ٩٠٪ من المعتمرين المصريين من أهالينا البسطاء ومستخدمي العمرة الاقتصادية، وفي أغلبهم بسطاء ذوي تعليم بسيط سيقعون تحت أيدي الكثير من سماسرة العمرة والحج الذين يسعون لأقصي ربح ممكن غير عابئين بحسن خدمة أو أي ضوابط أو قواعد تنظيمية تحافظ علي حقوق المعتمر أو الخدمات التي يجب أن تقدم له دون أي نوع من أنواع المحاسبة لأي جهة مصرية.
وأكد «عجلان» أن المتضرر الثالث من هذه المنظومة الجديدة هو القطاع السياحي، فبعد أن فقدت شركات السياحة المصرية، والبالغ عددها أكثر من ٢٦٠٠ شركة يعمل بها أكثر من نصف مليون موظف كافة أوجه دخلها، المتمثل أولا في السياحة المستجلبة، والتي احتكرتها شركات أجنبية كبيرة سواء فتحت فروع لها في مصر أو شاركت ما لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة من الشركات المصرية في ممارسة احتكارية لا يوجد لها مثيل في دول العالم السياحية تنفرد بها مصر نتيجة لسياسات خاطئة خلال السنوات العشرين الماضية من دعم وتنشيط الشركات الأجنبية سواء بدعم طيران عارض أو حملات دعاية مشتركة وفقدت أيضا السياحة الداخلية نتيجة لسياسة خاطئة كانت القشة التي قسمت ظهر البعير فيها المبادرة المسماة مصر في قلوبنا وعدم تدخل الدولة قبل ذلك في تنظيم السياحة الداخلية رغم أن القوانين تضمن حق الشركات وتقصر تنظيم العمل السياحي عليها.
ونوه «عجلان» إلى أنه من كل ما سبق نستطيع أن نؤكد أن تأشيرة العمرة الإلكترونية ما هي إلا الرصاصة الأخيرة في جبين قطاع شركات السياحة المصرية الوطنية والعاملين بها، طالما لم يوجد نظام مماثل في مصر للتأشيرة الإلكترونية من خلال بوابة واحدة للسياحة المصرية سواء الطاردة أو المستجلبة أو الدينية.
وناشد «عجلان» الدكتورة رانيا المشاط وزيره السياحة التي تسعى بكل قوة لنهضة السياحة من خلال جهد رائع أن تتخذ شعاراً جديداً لقطاع السياحة المصرية لعام ٢٠١٩، ليكون هذا الشعار «تمصير السياحة المصرية» سواء مستجلبة أو طاردة أو وقد حان الوقت الآن بحق لتمصير هذا القطاع الذي يستطيع بأبنائه وكوادره وشركاته أن يكون قاطرة حقيقية للاقتصاد المصري فقط كل ما يحتاجه هذا القطاع هو الفهم الصحيح لأوضاعه وأوجاعه ووجود إرادية التغيير لأوضاع غريبة وغير منطقية والقدرة علي اتخاذ هذا القرار الذي سيكون تاريخيا ومؤثرا علي مستقبل هذا البلد وهذا القطاع لعشرات الأعوام القادمة.