أكد المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، أن تيار الاستقلال هو ثمرة من ثمار الصلح التاريخى بين القضاة، وهم يرون أن هذا المجلس أنجز شيئا ما، وطالما أن المركب يسير فلا داع لتعطيله، وأن القضاة كانوا جبهتين لكنهما توحدتا لصالح مصر، رافضا الرد على اتهامات المحامين التى قالت إن القضاة يحاولون استعادة الهيبة التى ضاعت منهم فى العهد السابق، عبر اقتناص مزيد من المزايا، مؤكدا أن مثل هذه الاتهامات لا تؤثر فى القضاة، مضيفا: نحل المشاكل بالقانون وليس بـ«حضن وبوستين» مع أى تيار أو فصيل.
واعترف «الزند» باختراق جميع المرشحين فترات الصمت الانتخابى، موضحا أن الناخب المصرى لايزال يصوت للأفراد وليس للبرامج الحزبية وأن 98% من المصريين انتخبوا بناء على هذا التصور، لكن لا يوجد أى مرشح اشتكى من حدوث تزوير أدى إلى فوز منافسه، وأن نادى القضاة بصدد إعداد تقرير شامل عن العملية الانتخابية بمراحلها الثلاث، حتى يكون مرجعا للقضاة فى ناديهم.. وإلى الحوار:
■ ما تقييمك لسير العملية الانتخابية فى المرحلتين الأولى والثانية وتوقعاتك للثالثة؟
- التقييم جيد بشكل عام، إذا أخذنا فى الاعتبار مجمل الظروف التى واكبت المرحلتين، ولاشك كانت هناك متغيرات فاجأتنا وفاجأت اللجنة وأدت إلى بعض السلبيات، وأتمنى ألا تظهر هذه السلبيات فى المرحلة الثالثة، واللجنة القضائية من جانبها منحت 38 ألف تصريح لمنظمات المجتمع المدنى ومراكز المراقبة الخارجية ووسائل الإعلام، وهو ما يساهم فى التخفيض من حدة التجاوزات.
■ وتعليقك على خرق الصمت الانتخابى واستمرار بعض المرشحين فى توزيع دعايتهم الانتخابية داخل مقار اللجان؟
- تناول القضاة فى بعض الأمور يختلف عن تناول الإعلام، القاضى لا يحكم إلا بالدليل، نحن سمعنا من الإعلام أن هناك خرقا للصمت الانتخابى، وأنا بضمير القاضى أستطيع بكل أمانة وشفافية القول إن معظم القوى المشاركة اخترقت فترة الصمت الانتخابى، وبشكل عام الثقافة الانتخابية لم تترسخ بعد لدى المواطنين، وحينما نجد الناخب نفسه حريصا على الإبلاغ عن أى خطأ فى العملية الانتخابية ستختفى مثل هذه الممارسات. ومن الإنصاف القول إن هذه هى أول تجربة ديمقراطية حقيقية، وبالتالى فإنها تحتمل الصواب والخطأ، ولابد أن نتعلم من هذه الأخطاء، لأن معاونى القاضى فى العملية الانتخابية والمكلفين بالتأمين لم تفتح أمامهم الفرصة لكى يتدربوا جيدا على هذا الأمر، وبشكل عام «مفيش حد بيقول أنا خسرت بسبب تزوير واسع».
■ هل الصراع بين القوى السياسية فى مصر فى الانتخابات الحالية صراع أيديولوجيات أم أنه تحول إلى ضغط بورقة الدين؟
- لا أحب الحديث فى السياسة، لأن هذا ممنوع بحكم عملى، كما أن مصر بعد الثورة أصبح بها ما لا يقل عن 80 مليون سياسى، بشكل عام لا يمكننى القفز فوق الواقع وأقول إن الناخب المصرى أصبح «ناخب برامج وأيديولوجيات»، فلايزال المصرى يصوت لشخص يقتنع به، وأكثر من 98% من الناخبين صوتوا لأفراد وليس لبرامج، إلا القليل الذين أتيحت لهم الفرصة لقراءة برامج الأحزاب الدينية أو المدنية. وأعتقد أن هذا أمر طبيعى، لأن الانتخابات جزء من ثقافة الشعوب، ولا يصح أن تطلب منى بعد 60 سنة فى ظل النظام الفردى، التحول والانتخاب على أساس برامج سياسية.
■ ما دور غرفة عمليات نادى القضاة فى الانتخابات؟
- مسؤولية نادى القضاة الاطمئنان على صحة وسلامة أحوال القضاة، وفى هذا الصدد اشترينا 5 آلاف جهاز هاتف ضمن باقة مغلقة، لا أحد يستطيع الاتصال بها سوى نادى القضاة، ولا يستطيع القاضى استخدامها فى غير الاتصال بالنادى، ووزعناها على القضاة المشاركين فى الإشراف، وبهذه الطريقة استطعنا التواصل مع زملائنا فى كل أقطار مصر، وبالتالى استطعنا التوصل إلى حلول سريعة من خلال الاستعانة باللجنة القضائية العليا والشرطة العسكرية ووزارة الداخلية ومديرى الأمن. ومن خلال هذه الغرفة تلقينا ما يقرب من ألفى بلاغ من القضاة تفاوتت ما بين استفسارات عن أمور إدارية أو مسائل روتينية، إلى حل مشكلات نشبت مع قوات التأمين وإعداد أماكن بديلة للجان التى كانت حالتها سيئة، وإعداد محال إقامة مناسبة للقضاة وتوفير وسائل نقل للصناديق وفض التجمهر أمام عدد من اللجان، بالتعاون مع قائد الشرطة العسكرية ومديرى الأمن. وسوف نعد تقريراً شاملاً عن العملية الانتخابية بمراحلها الثلاث، حتى يكون مرجعية فى نادى القضاة.
■ وثيقة التأمين على الحياة لماذا التفكير فيها ولماذا قوبلت بالهجوم؟
- للعملية الانتخابية مخاطرها، لا سيما أننا لم نكن نرجم بالغيب وكانت الحالة الأمنية قبل إجراء الانتخابات مضطربة بشكل كبير، ومبلغ مليون جنيه تأميناً على حياة القاضى ليس مبلغا كبيرا، وحتى نوفر نوعا من الأمان للقضاة، دون تحميل الدولة أى نفقات إضافية، وفى هذا الصدد أعد النادى الوثيقة بالاتفاق مع شركات التأمين.
■ مادة الإشراف القضائى ومسألة وجودها فى الدستور، هل أنت من مؤيديها؟
- هى مسألة مازالت خلافية بين القضاة جميعا، ومن يقل إن القضاة استقروا على رأى واحد فى هذا الأمر ليس محقا، هناك رأى يقول إن القاضى للمنصة، وأن 99% من دول العالم لا تستعين بالقضاة فى الانتخابات وهى دول عريقة فى الديمقراطية وإن الانتخابات بما فيها من سلبيات بطبيعتها ومن تجاوزات تصيب القضاء برذاذ لا ينبغى أن يطال القضاة، وعلى الجانب الآخر رأى يقول إن هذا واجب وطنى، ولا بأس أن نتجاوز عن هذه الأمور فى ظروف تحتم ذلك التحمل من أجل مصر، وسيظل هذان الرأيان يتصارعان فترة طويلة، لأن كلاً منهما له وجاهته وله أسبابه، وبالتالى فإن التعويل على رأيى غير مفيد فى هذا الصدد.
■ تشرفون على انتخابات النقابات فى مصر جميعها، رغم معارضة أعضاء عدد من هذه النقابات لماذا؟
- من المفروض على كل نقابة قبل إجراء الانتخابات أن يكون لديها لجنة تدير الانتخابات، بعيدا عن مجلس الإدارة، لأنه لا يصح أن يكون الذى يقود النقابة والمشارك فى الانتخابات خصماً وحكماً، وبالتالى يكون دور القضاة فى الإشراف على انتخابات النقابات من منطلق الحفاظ على الحيادية.
■ البعض يردد أن نادى القضاة حدد موعد انتخاباته والقضاة منشغلون بالانتخابات لتفويت الفرصة على منافسين آخرين حتى تفوز أنت وقائمتك بلا مشقة؟
- هذا كلام غير صحيح ولا ألتفت له، ومهاترات لا أريد أن أسمعها، وأنا لا أضيق بالرأى الآخر، ولكن أضيق بـ«التفاهات» لأننى ملتزم بالقانون وأطبق أحكامه، لكن هل دخلنا فى علم الغيب عندما تم تحديد موعد الانتخابات قبل عامين، هل كنا نعلم أن الثورة ستقوم وهل كنا نعلم أن هناك انتخابات مجلس شعب فى 2011، هذا حديث أربأ بنفسى عن الرد عليه، لأنه مجرد سفسطة لا يرد عليها.
■ ولكن بالفعل لا يوجد منافس قوى ومن المتوقع أن ينسحب المنافسون، وتفوز بالمنصب بالتزكية؟
- هذا تجريح فى حق الزملاء، هناك منافسان ترشحا على رئاسة النادى، وأعتبر كل واحد منهما منافسا قويا يستطيع أن يدير هذا النادى، ولو قلت إنه لا يوجد منافس قوى أكون قد أهنت زملائى، ثانيا: لست أنا الذى يختار منافسيه وباب الترشح مفتوح أمام الجميع، ومن يرى فى نفسه أنه يصلح لخدمة زملائه يتقدم، والذى لا يرى فى نفسه ذلك لا يتقدم، وقد يرى بعض الناس فى أنفسهم هذا لكنه يعتبر التوقيت غير مناسب ويريد تأجيل المعركة، لكننا نحن القضاة على قلب رجل واحد.
■ وماذا عن الحديث عن وجود تيارين داخل النادى؟
- ليس مطروحا أن نكون فريقين أثناء الانتخابات، تيار الاستقلال هو ثمرة من ثمار الصلح التاريخى بين القضاة، وهم يرون أن هذا المجلس أنجز شيئا ما، وطالما أن المركب يسير لا داعى لتعطيله وهذا شىء يحسب لهم وإعلاء للمصلحة العامة، وكل شىء بيننا على ما يرام، ولا نقبل الوقيعة بيننا، الخلاصة أننا كنا جبهتين وتوحدنا لصالح مصر، لأن وحدة القضاة تصب فى مصلحة مصر قبل أن تكون لصالح القضاء. وما يقوم به الإعلام فى هذا السياق، هو محاولة لتغيير الحقائق، مثل هؤلاء الذين يدافعون عن البلطجية الذين أحرقوا وخربوا، وتساءلوا عن حقوق الإنسان فى حين تجاهلوا السؤال عن حقوق الوطن. لا أحد أفضل أو أكبر من مصر، لا حزب ولا مجلس عسكرى.
■ وما حقيقة الأزمة بين المحامين والقضاة.. ولماذا تفاقمت.. ومن يقف خلفها؟
- المشكلة تكمن بين الدولة والمحامين، وليس بين المحامين والقضاة، ونحن لم نتدخل مطلقا لإشعال الأزمة، والحقيقة أن المشكلة كانت بين من أغلق المحاكم وهى رمز لهيبة الدولة، وبين الدولة التى يريدون لها أن تظهر ضعيفة ورخوة، لا تفهم معنى أن تكون المحكمة التى يتوجه إليها كل المصريين مغلقة، وإغلاق المحاكم مسألة لا تعنى القضاة بل تخص الجهات السيادية، ونحن أرسينا مبدأ أثناء الأزمة وهو تفعيل القانون، وأى مشكلة تحدث مع أى طائفة أو فرد، نحلها بالقانون وليس بـ«حضن وبوستين»، ونحن مستعدون لأى جهة تحقيق تثبت أنى نفخت فى هذه الأزمة و«شعللتها».
■ يردد المحامون أن القضاة يريدون استعادة الهيبة التى ضاعت منهم فى وقت ما، من خلال الحصول على مزيد من الصلاحيات فى هذا القانون ما تعليقك؟
- لا يؤثر فينا هذا الاتهام، بينا وبينهم القانون، وكان باستطاعتنا القيام بعمليات ردع لتجاوزاتهم، لكن هذه ليست مهمتى، كما أنه ليس من مهامى حراسة المحاكم، وهيبة القضاة لا يقررها المحامون أو الأطباء أو الصحفيون، هيبتنا من هيبة مصر، ولو سألت «طفل لسه مولود وقلت له نعمل انتخابات بدون إشراف قضائى هيقولك: لا، لازم تكون بالإشراف القضائى»، الهيبة نكتسبها من إجماع الشعب على أن نزاهة الانتخابات لن تتم إلا بالإشراف القضائى.
■ ما تعليقك على الوضع الحرج للقضاة الذين ينظرون قضايا جماهيرية، مثل محاكمات رموز النظام السابق أو قضايا قتل المتظاهرين، والذين حصلوا على براءة، ألا تضع هذه الظروف القاضى بين مطرقة العدالة وسندان الرأى العام؟
- لا يمكن أن يكون القاضى بين مطرقة العدل وسندان الرأى العام، لأنه يحكم بالعدل وليس بالرأى العام أو رأى أهالى المتهمين أو الضحايا، والعالم كله يؤمن بأن «فى مصر قضاة لا يخشون إلا الله»، حتى الإخوان «لما الغزالة تبقى رايقة» بيقولوا نفس الجملة، ولما «الغزالة تقلب» يبطلوا يقولوها. وأؤكد أن مصر بها سلطة قضائية تتمتع بسمعة عالمية، وكم من قاض مصرى فى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية والمنظمات القضائية الإقليمية والعالمية والعربية.. القضاء المصرى بخير وكل قاض أمامه قضية لن يحكم فيها إلا بما يمليه عليه ضميره مهما كانت العواقب.
■ ما رأيك فى مسألة رد القاضى، ألا يعتبر هذا إجراء شكليا، لماذا إذن الإبقاء على هذا الحق طالما يتم استخدامه للتأثير على هيئة المحكمة؟
- هذا الحق لابد أن يظل مكفولاً للمتقاضى، والرد له أسباب واردة فى القانون، وإذا كان هناك سابق خصومة أو صلة قرابة يبادر 99.9% من القضاة بالتنحى عن القضية، وإذا لم يحدث يستخدم المحامون حق «رد المحكمة»، وبالتالى لا أؤيد إلغاء هذا الحق لأن المشكلة فى المحامين الذين يتلاعبون بهذا الحق، ونحن مع زيادة ضمانات حسن سير العدالة وضمانات التقاضى الشريف المحايد والنزيه.
■ ما رأيك فى الجدل حول تبعية التفتيش القضائى بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى؟
- منح هذا الحق لمجلس القضاء الأعلى أفضل، وفى الدول المحترمة لا يوجد للسلطة التنفيذية أى صلة بالعملية الفنية للقضاء، هناك مسائل إدارية قضائية ومسائل فنية تقتصر على ملف القضية والحكم فيها، المفروض أن تكون السلطة التنفيذية بعيدة كل البعد عن هذا الأمر، وهى بعيدة عن ذلك بدرجة كبيرة، والقانون قائم على مبدأ الفصل بين السلطات، ولا يجوز أن تتسلط إحداها على الأخرى، يعنى أنا لا دخل لى بأعمال السلطة التشريعية، والأخيرة ليس لها دخل بأعمالى، لكن لا أستطيع القول إن السلطة التشريعية ليس لها دخل بالسلطة التنفيذية لأن ذلك جزء من اختصاصها، والسلطة القضائية فى العالم كله شبيهة بالكبد فى الجسم ينقيه من السموم فى عملية ديناميكية متكررة، وبالتالى على القضاء أن يدير نفسه بنفسه.
■ وأنت على مشارف الانتخابات لنادى القضاة ما الذى قدمته للقضاة وما المزيد لديك لتقدمه حتى ترأس النادى لفترة جديدة؟
- فعلت ما يجب فعله، ودروى مثل المهاجم فى فريق الكرة، وكل رئيس مجلس إدارة أنجز للقضاة شيئا ما، كل حسب ظروفه، ولو لدى عزيمة مطلقة ومعى 14 فارساً ولا أمتلك إمكانيات مادية لن أقدم شيئا، لكننا سنفعل ما يمليه علينا ضميرنا ونحن نقوم على خدمة القضاة، وأنا لا أحب المن على زملائى من القضاة.
■ لم أقصد هذا ولكن ما البرنامج الذى ستتقدم به كمرشح على منصب رفيع مثل هذا؟
- نعد برنامجاً انتخابياً، المعنى به سيكون القضاة وليس الرأى العام، والبرنامج القديم موجود عند القضاة وفيه جزء كبير تحقق وجزء آخر لم يتحقق.
■ المجلس العسكرى دعا كل القوى السياسية والنقابات والأحزاب والائتلافات للحوار ولم يتوجه بالدعوة لنادى القضاة، ما تفسيركم؟
- أمر مثير للدهشة، وأتحدى وجود شخص يمثل طائفة فى مصر مثل أحمد الزند فهماً ووعياً، ونحن لسنا منغلقين، عندنا عقول تفهم فى السياسة وأصول الحكم وشؤون الأحزاب والاستراتيجيات وإدارة الأزمات، وكنا نتمنى حواراً مع المجلس العسكرى بدلاً من الحديث فى العلن، لأن هذا أمر محظور على القضاة فعله، وأعتقد أن المجلس «حرم نفسه» من عمق استراتيجى.