أدى تصاعد إطلاق النار الأربعاء حول أماكن التظاهر في الخرطوم إلى تعليق الجولة الأخيرة من المباحثات المخصصة لهيكلية المؤسسات التي سيكون عليها نقل السودان إلى حكم مدني، وايضا إلى سقوط ثمانية جرحى على الاقل.
وعلّق المجلس العسكري الانتقالي الجلسة النهائية التي كانت مرتقبة مساء اليوم حتى يقوم المتظاهرون بفتح الطرق المغلقة في أجزاء من الخرطوم، وفق ما اعلن قادة الاحتجاج.
وقال رشيد السيد المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير لفرانس برس «المجلس العسكري علّق المفاوضات، لقد طلبوا ان نزيل الحواجز من الطرق في مناطق من العاصمة».
وأضاف أن المجلس أخبرهم «بأن يعود المعتصمون إلى الاعتصام».
وفي خطوة لاحقة طالب بيان لتجمع المهنيين السودانيين المعتصمين بالالتزام بخريطة الاعتصام الموضحة.
وقال البيان «الالتزام بهذه الخريطة يقلل من إمكانية اختراق الثوار بأي عناصر مندسة ويسهل عمل لجان التأمين في السيطرة والتأمين».
وقال شاهد عيان لفرانس برس إنه «تم بالفعل ازالة بعض الحواجز» من المناطق الخارجة عن حدود الخريطة.
وبدأ الاعتصام أمام المقر العام للجيش السوداني في 6 أبريل كاستمرار للحركة الاحتجاجية التي انطلقت في كانون الأول/ديسمبر للمطالبة برحيل الرئيس عمر البشير، وقد أزاحه الجيش بعد خمسة أيام. ويطالب المتظاهرون راهناً المجلس العسكري بنقل السلطة.
ونتج عن تصاعد إطلاق النار الاربعاء تسجيل ثماني إصابات على الاقل. وكتب المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير أمجد فريد على صفحته في موقع فيسبوك «يوجد ثماني إصابات بالرصاص الحي على الاقل»، ولكن من دون تحديد مصدر الأعيرة النارية أو إذا كان المصابون متظاهرين.
وتباينت ردود أفعال المعتصمين بين التفاؤل والاحباط.
وقال أحد المعتصمين يدعى محمد «أنا محبط من مماطلة المفاوضات وكثرة الاعتداءات على الاعتصام».
بينما قال نديم، وهو أحد الشباب المشرفين على حواجز الاعتصام، «انا متفائل وأثق في من فوّضتهم بالنيابة عني».
وكان تجمّع المهنيين السودانيين الذي يمثّل دعامة لتحالف القوى والتغيير، طلب فور وقوع أعمال العنف، من المواطنين «في العاصمة والمناطق المتاخمة» إظهار «مساندة المعتصمين» عبر الالتحاق بالاعتصام أمام مقرّ الجيش. كما دعا التجمّع، في بيانه، المتظاهرين إلى «التحلي بالهدوء وضبط النفس والتمسك بالسلمية التامة وتفادي الدخول في أي مواجهات» مع أطراف أخرى.
وأشار شهود إلى أنّ عدة أشخاص أصيبوا بالرصاص الموجّه ضدّ المتظاهرين. وقال المتطوع في إحدى العيادات الميدانية قبالة مقر الجيش محمد الدهب لفرانس برس «هناك إطلاق نار في شارع النيل ومحيط الاعتصام ونرى إصابات عديدة تدخل».
وقال مراسل فرانس برس إنّ التصعيد وقع أثناء محاولات من قوات الأمن إزالة الَمتاريس في وسط المدينة واعتراضهم من قبل المتظاهرين، ما أدى إلى حدوث بعض الاشتباكات في مناطق شارع البلدية وعند كوبري المك نمر وشارع الجمهورية.
وسبقت التقدّم في المحادثات أعمال عنف يوم الاثنين أيضاً، أدّت إلى مقتل ستة أشخاص بينهم عسكري.
وحمّل تحالف قوى الحرية والتغيير وواشنطن الجيش مسؤولية أعمال العنف، في حين حمّل المجلس العسكري مسؤوليتها إلى «عناصر مجهولة» تريد حرف المسار السياسي عن وجهته.
- تقدّم- وسجل مسار المباحثات تقدّماً مهماً منذ الإثنين، وكان من المتوقع أن تتناول المباحثات الأخيرة تركيبة المجلس السيادي، إحدى مؤسسات الفترة الانتقالية الثلاث المحددة بثلاث سنوات من قبل الطرفين.
وتشمل المفاوضات إنشاء مؤسسات تتولى مسؤولية التحضير لنقل كل السلطات إلى سلطة مدنية.
وسبق أن توصل الطرفان إلى اتفاق على تشكيل مجلس سيادي، حكومة، ومجلس تشريعي لإدارة المرحلة الانتقالية.
وستكون الأشهر الستة الأولى مكرّسة للتوصل إلى اتفاقات سلام مع الحركات المتمردة في غرب البلاد والجنوب.
وحُددت هيكلية المجلس التشريعي أيضاً، ومن المتوقع أن يضم 300 عضو، 67% من بينهم يختارهم تحالف قوى الحرية والتغيير. وتذهب بقية المقاعد إلى ممثلين عن قوى سياسية خارج هذا التحالف.
وقلل القيادي في الحركة الاحتجاجية خالد عمر يوسف من الدور الذي سيكون على المجلس السيادي أن يلعبه، وشدد على تشكيل حكومة قوية في البلاد.
وقال لفرانس برس «ستكون للحكومة صلاحيات كاملة وسيشكلها تحالف قوى الحرية والتغيير»، وأضاف أنّ التحالف قد يستدعي شخصيات تكنوقراط. لافتا إلى انه «ستذهب وزارتا الدفاع والداخلية فقط إلى العسكريين».
وشدد يوسف على وجوب وجود مجلس سيادي يتألف بالأساس من المدنيين بينما يريد العسكريون أن يهمينوا عليه.
وكان عضو المجلس العسكري الفريق ياسر عطا قد بدا متفائلاً بإعلانه فجر الأربعاء عن حصول تقدّم في المباحثات. وقال «نعد شعبنا باتفاق (نهائي) في أقل من 24 ساعة».
وكانت دولة الإمارات القريبة من تطورات المشهد في السودان والتي انضمت إلى السعودية من أجل تأمين مساعدة من ثلاثة مليارات دولار، رحبّت بالتقدّم الحاصل.
وغرّد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الامارات أنور قرقاش على موقع تويتر أنّ هذا المسار «يضع السودان على طريق الاستقرار والتعافي بعد سنوات ديكتاتورية البشير والإخوان (المسلمين)».
وغذّت أزمة اقتصادية عميقة الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في 19 ديسمبر، وجاءت زيادة سعر الخبز ثلاث مرات بمثابة وضع النار في البارود.