كتب إيلان جرابيل، الأمريكي المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية الإثنين، يحكي تجربة اعتقاله في مصر.
وقال إنه على مدار حبسه 5 أشهر في السجون المصرية، تعلم الكثير، وافتقد عائلته ومنزله وحريته، وهي الأشياء التي يعتبرها الغرب «حريات مسلّم بها»، وإنه قضى وقتًا طويلا يفكر فيما فعله وما الذي أدى به للوصول إلى زنزانة لا يرى منها ضوء الشمس.
وأضاف في المقال الذي كتبه بنفسه، أنه بعد خروجه من السجن بشهرين، ومشاهدته لقمع الجيش العنيف للمتظاهرين وهجماته على المنظمات الأهلية، تذكر ساعاته الأولى في الحبس، عندما كان مقيدًا ومجبرًا على ارتداء عصابة على عينيه، خاصة أنه «كان يقضي الصيف في مصر وهو يعمل مع أحد المنظمات الأهلية التي توفر مساعدات قانونية للطالبي اللجوء من السودان والعراق»، وأنه كان يعتبر نفسه «واحدًا من أهل الشرق الأوسط».
وقال: «درست العربية في القاهرة وخدمت عامين في الجيش الإسرائيلي وتمنيت أن أثبت بقضائي الصيف في مصر أن أفكاري (الصهيونية) يمكن أن تدعم حق اللجوء والحق الإنساني في إيجاد ملاذ آمن، تمنيت أن أقنع العرب الذين قابلتهم أن صهيونيتي لا تتعارض مع مصالحهم وأننا يمكن أن نتعايش سويًا بسلام».
وأضاف جرابيل أن «محاولاته للتفاعل مع العامة من المصريين بعد الثورة هي التي أدت لإلقاء القبض عليه، واتهامه بالعمالة والخيانة والتجسس»، وأكد أنه رغم ذلك استطاع إنشاء صداقات رغم «الدعاية المعادية لإسرائيل في العالم العربي»، وأن «بعض الأعضاء المنتسبين السابقين لجماعة الإخوان المسلمين تمنوا له حظًا سعيدًا» عندما غادر لتأدية خدمته في إسرائيل.
وأكد أنه طوال شهور الصيف التي قضاها في مصر، كان يوضح للجميع خلفيته الإسرائيلية رغم دخوله مصر بصفته مواطنا أمريكيا، وأنه قال للجميع إنه «إسرائيلي صهيوني»، وعلم بعضهم العبرية وشاهد معهم أفلاماً إسرائيلية، وفي المقابل علموه اللغة العربية وتحدثوا معه عن الإسلام والثقافة المصرية.
وعن اعتقاله، أوضح جرابيل أنه يوم 12 يونيو الماضي، اقتحمت كتيبة من ضباط أمن الدولة غرفته بالفندق الذي كان يقيم به، وقيدوه وعصبوا عينيه ونقلوه للنيابة، مضيفًا أنه كان «مرعوبًا وحائرًا»، وأنه مع الوقت أصبح «غاضبًا ويشعر بالوحدة». ورغم ذلك، كانت أفضل فترة في اعتقاله هي أول 14 يومًا، لأنه كان يحظى بتفاعل إنساني مع الآخرين.
وقال إن حواراته مع وكيل النيابة اتسمت «بالمرح»، وكانت عن كل شيء «السياسة والدين وصراعات الشرق الأوسط»، كما كانت عمومًا نقاشات «غير مؤذية إلا من توجيه بعض الاتهامات كتهريب الأسلحة من الثوار الليبيين إلى مصر»، واستكمل جرابيل ساخرًا: «التهمة المفضلة لدي كانت استخدام قواي لإغراء السيدات المصريات وتجنيدهن».
وتابع قائلا إن التحقيقات استمرت أسبوعين، بعدها بدأ الحبس الانفرادي الذي لم يكن يقطعه إلا زيارة لمدة 40 دقيقة من القنصلية الأمريكية مرتين شهريًا، موضحًا أنه لولا جهود موظفي السفارة الأمريكية ومسؤولي الحكومة الإسرائيلية لضاع في متاهات النظام المصري، وأنه كان يحصل على الكتب التي يرسلها إليه والداه والسفارة الأمريكية.
ونفى جرابيل أن يكون قد تعرض للتعذيب أو الضرب، إلا إنه اعتبر أن قضاء 150 يومًا في الحبس الانفرادي في غرفة مساحتها 10 أمتار ليس بها سوى فراش ومقعد ونافذة صغيرة، نوعًا من التعذيب.
ورأى أنه بعد متابعته للأوضاع في مصر، تأكد أن الثورة لم تجلب سوى تغيير سطحي، معتبرًا أن قيام المجلس العسكري بإلقاء اللوم على «عناصر خارجية» معناه أنهم لا يريدون تحمل مسؤولية ما يحدث، أو التنازل عن السلطة.
واختتم الأمريكي الإسرائيلي المتهم بالتجسس مقاله بأنه لا يعتقد أن ما حدث له بلا فائدة، بل على العكس، مؤكدًا أن الولايات المتحدة الأمريكية ترسل متطوعين من قوات حفظ السلام في المناطق المشتعلة بسبب مكاسب الدبلوماسية الشعبية، فضلا عن تأثيره على عقليات الأعضاء السابقين للإخوان المسلمين الذين تعامل معهم، وعلى المحققين معه، وحراسه الذين ودعوه قائلين «شالوم، نتمنى أن تسامحنا على ما فعلناه بك».