عاقبت محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ، متهمين بالإعدام شنقا، و2 آخرين بالسجن المؤبد، و4 آخرين بالسجن المشدد 10 سنوات، و2 آخرين بالحبس مع الشغل لمدة 3 سنوات، وبرأت المحكمة متهما آخر في القضية المعروفة إعلاميا بـ«أحداث كنيسة مارمينا بحلوان»، مع إدراج المتهمين الصادر ضدهما حكم بالإعدام والمتهم محمد فتحى عكاشة الصادر ضد حكم المؤبد على قوائم الكيان الإرهابى. صدر الحكم برئاسة المستشار محمد سعيد الشربيني وعضوية المستشارين وجدى عبدالمنعم والدكتور على عمارة بسكرتارية أحمد مصطفى ووليد رشاد.
يذكر أن الأحكام الصادرة من محاكم جنايات أمن الدولة بحق المتهمين حضوريا، ولا يجوز الطعن عليها بأى شكل، وتصبح نهائية وباتة بالتصديق عليها من رئيس الجمهورية أو من يفوضه، حيث ينص القانون على أنه: «يجوز لرئيس الجمهورية عند عرض الحكم عليه أن يخفف العقوبة المحكوم بها أو يبدل بها عقوبة أقل منها، أو أن يلغى كل العقوبات أو بعضها أيا كان نوعها أصلية أو تكميلية أو تبعية، أو أن يوقف تنفيذ العقوبات كلها أو بعضها، كما يجوز له إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى، أو الأمر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، وفى هذه الحالة الأخيرة يجب أن يكون القرار مسببا»، أما الأحكام الغيابية فيتم فيها إعادة إجراءات المحاكمة حال القبض على المتهم أو تسليم نفسه.
افتتحت المحكمة جلسة النطق بالحكم بتلاوة آية قرآنية، بسم الله الرحمن الرحيم «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ»، وقال إن هذه القضية بما فيها من أحداث ووقائع تجاوزت كل معانى الرحمة والإنسانية وأزهقت فيها أرواح بريئة دون ذنب أو جرم اقترفته، فكان على المحكمة أن توجه فيها رسالتين الرسالة الاولى لأعداء الوطن الذين كانوا ولا يزالون يرمون إلى بث أسباب الصراع وعوامل الشقاق والوقيعة بين أبناء الوطن الواحد.
«باسم الإسلام والمسيحية أقول إن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نحافظ على دور العبادة، من مساجد وكنائس لما لها من الحرمة والقدسية فإن هدم الكنائس والمساجد والعدوان عليها وعلى روادها بأى شكل كان حرام شرعا لما فيها من ذكر الله، ودفع الناس بعضهم ببعض لحماية الأرض من الفساد تحقيقا لقول الله عز وجل «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرً»، ولذلك لم نشهد على مر التاريخ خلال 15 قرنا عن هدم أو عدوان على مسجد أو كنيسة إلا على يد التتار الذين كانوا يدمرون الأخضر واليابس ظلما وعدوانا وكان جزاؤهم الخسران والدمار.
وقال القاضى: «إن هناك أيادى خفية تشعل نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وتستخدم المرتزقة في العدوان على المساجد والكنائس، مثلما يفعل تنظيم داعش الإرهابى من هدم وحرق وانتهاك الأعراض، ومثل ما تفعله التيارات المتشددة وهؤلاء وهؤلاء أبعد ما يكونون عن مبادئ الرحمة السماوية».
وتابع: «إن جريمة القتل مع سبق الإصرار والترصد بينة، ففقد ترك نفسه للشيطان الذي يرتدى ثوب الواعظ، وبعد أن خطط توجه لتنفيذ جريمته الاولى فقتل سائقا بسكين حتى فاضت روحه إلى بارئها وسرق سيارته، وفى ديسمبر 2017 توجه لمحل العجايبى وقتل الشقيقين وشرع في قتل من حاولوا إنقاذهم، ثم توجه مسرعا لكنيسة مار مينا وفى طريقه قابل سيدة وما إن تبين حقيقتها حتى أطلق عليها النار وتركها غارقة في دمائها، وما إن وصل إلى الكنيسة وشهد سيدتين تقفان على جانب الكنيسة حتى أطلق النار عليهما فأرداهما قتيلتين، وما إن هب حارس الكنيسة حتى أطلق عليه النار فأرداه قتيلا، ثم أطلق النار على صاحب محل أمام الكنيسة فقتله أيضا. إن نفسا بهذه الوحشية والقسوة لم تترك للمحكمة طريقا للرحمة ولكنها تركت طريقا للقصاص فقط».
واختتم رئيس المحكمة بنطق الحكم قائلًا: «حكمت المحكمة حضوريا وغيابيا بمعاقبة إبراهيم اسماعيل إسماعيل مصطفى، وعادل إمام محمد بالإعدام شنقا عما أسند إليهما، ومعاقبة محمد فتحى عكاشة، ومحمد إسماعيل إسماعيل، بالسجن المؤبد».
وتابع: «وقضت المحكمة بمعاقبة إبراهيم الدسوقى وسالم متولى وكارم ضيف وشوربجى محمد بالسجن المشدد 10 سنوات، وبمعاقبة علاء الدين منصور وطه عبدالتواب بالحبس مع الشغل لمدة 3 سنوات، وبرأت محمد عنتر وإلزام المحكوم عليهم بالمصاريف الجنائية ومصادرة المضبوطات».
كان النائب العام المستشار نبيل أحمد صادق، أحال 11 متهمًا للمحاكمة الجنائية في قضية «كنيسة مار مينا بحلوان» لاتهامهم بتأسيس وتولى قيادة، والانضمام لجماعة تكفيرية، وتمويل عناصرها وقتل 9 مسيحيين وفرد شرطة، والشروع في قتل آخرين، ومقاومة رجال الشرطة بالقوة والعنف.
ووجهت النيابة العامة للمتهمين اتهامات بتأسيس وتولى قيادة جماعة إرهابية، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة، والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى.
كما تضمنت الاتهامات تأسيس وتولى قيادة جماعة تعتنق أفكار تنظيم داعش الإرهابى داخل البلاد، وتدعو لتكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه، والاعتداء على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما، واستباحة دماء المسيحيين ودور عباداتهم واستحلال أموالهم وممتلكاتهم، واستهداف المنشآت العامة، بغرض إسقاط الدولة والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تنفيذ أغراضها.