x

منصور حسن: الجدل بين فريقى «الدستور أولاً» و«الانتخابات أولاً» يهدد المجتمع بالانقسام

الثلاثاء 21-06-2011 17:35 | كتب: رانيا بدوي |
تصوير : محمد معروف


مازال الجدل مستمراً بين النخب السياسية حول وضع الدستور أولا، أم إجراء الانتخابات البرلمانية، وفى خضم الجدل تبرز من حين لآخر بعض الاقتراحات الخاصة ببنود الدستور، على شاكلة ضرورة أن يكون للقوات المسلحة وضع خاص فى الدستور الجديد، فى الوقت الذى ينشغل فيه الشارع بهوية الدولة، مدنية أم دينية؟، وما بين الخوف من سيطرة التيارات الدينية على المشهد، وصراع النخب حول الدستور، كان لابد من الرجوع إلى منصور حسن، وزير الثقافة والإعلام وشؤون الرئاسة الأسبق، لطرح التساؤلات، وعرض وجهة نظره حول مستقبل الوطن.


أكد «حسن» أن الصراع حول الدستور يهدد المجتمع بانقسام حاد، وحذر من خطورة تشبث كل طرف برأيه. وعلى الجانب الآخر لم يجد الرجل مبرراً للرعب الشديد من التيارات الدينية، مؤكداً أن تعاضدهم قبل الثورة ومنطق الطاعة العمياء لأولى الأمر، اختلف بعد الثورة، وظهرت عليهم أعراض أى منظمة سياسية أخرى، من اختلافات فى وجهات النظر، وربما الانشقاقات.. وإلى نص الحوار:

 

■ قدم البعض اقتراحاً بأن تنفرد القوات المسلحة بوضع خاص فى الدستور الجديد، فما تعليقك؟


- الدافع عند أصحاب هذا الرأى غالبا، أمر من اثنين، أو ربما الاثنين معاً، أولاً: هم يريدون أن تكون هناك ضمانة لعدم استغلال رئيس الجمهورية، القوات المسلحة فى مواجهة الشعب لمصلحة النظام، والسبب الثانى، أن تكون القوات المسلحة نفسها ضمانا لعدم سيطرة قوة سياسية ما على الحكم، تصل من القوة حد عدم احترام قواعد العمل الديمقراطى، لكن فى حقيقة الأمر، ومع تقديرى لهذه الدوافع الطيبة، فإننا يجب أن نثق فى الشعب ثقة كاملة، إذ أصبح هو صاحب القرار بعد ثورة 25 يناير، ويجب أن نعتمد عليه اعتماداً كلياً، فهو الذى سيحمى نظامه السياسى، وقادر على ردع أى قوة سياسية تشذ عن قواعد العمل الديمقراطى السليم، وهذا هو الضمان الأساسى والوحيد الذى يمكن الاعتماد عليه.


■ بعض أصحاب هذا الرأى يبررون وجهة نظرهم بالتجربة التركية حيث كان الجيش يحمى علمانية الدولة؟


- الوضع هنا مختلف كلية، فتركيا لها ظروف مختلفة عن مصر، ومهمة الجيش هناك، كانت حماية نظام علمانى فرض على المجتمع لكى يتغير من جذوره، ويبتعد عن ميراثه الإسلامى، وكان التغيير جذرياً، فتغيرت مثلاً حروف الكتابة، والزى التركى، وكان الحرص على عدم ظهور أحزاب تدعو إلى هدم العلمانية شديداً، وهذا الإصرار من جانب الجيش على تثبيت النظام العلمانى، لم يمنع بزوغ الشعور الإسلامى من جديد، بعد ما يقرب من 70 عاماً، فالحزب الذى يحكم الآن، والذى نجح فى الانتخابات ثلاث دورات متتالية، ذو مرجعية إسلامية، ومجرد وجوده، رغم اعتداله، يعد خرقاً للمبدأ الذى وضعه أتاتورك، وقد استطاع الحزب أيضا الحد من قوة الجيش فى النظام السياسى، أما فى مصر، فنحن لا نفرض نظاما ضد طبيعة المجتمع، بل نعود إلى الديمقراطية، إذن فنحن لا نحتاج إلى قوة قاهرة للحفاظ على النظام الجديد، بل يكفى أن الشعب هو المسؤول عن التغيير، ويجب أن نتعود على ذلك، بل وهو المسؤول عن حماية الجيش نفسه من تسلط الإدارة السياسية القادمة، إذا أرادت الإضرار به، وفى هذه الحالة سيكون الشعب مطالبا بالخروج إلى الشارع للحد من قوة الإدارة السياسية، التى تحاول الزج بالجيش فى عمل سياسى لا يقبله.


■ الجدل يدور منذ أسابيع حول معركة «الدستور أولا أم الانتخابات البرلمانية أولا»، إلى أى الفريقين تميل، وما رأيك فى شكل هذا الجدل؟


- رغم أننى مازلت أعتقد أنه كان من الأوفق أن نبدأ بوضع الدستور أولا، ثم البناء عليه بانتخابات برلمانية ورئاسية، فإننى للأسف أرى أن الحوار بين أنصار الدستور أولا وأنصار الانتخابات أولا، تطور وتفاقم بحيث أصبح يهدد المجتمع بالانقسام الحاد، وبهذه المناسبة يعيب البعض على المجتمع أنه قد لا يتحمل ممارسة الديمقراطية السليمة، لكننى أرى أن الأخطر من ذلك، هو أن تطول مدة الحوار بين طرفين حول موضوع واحد، دون أن تكون هناك محاولة منهما للوصول إلى حل يرضى الجميع، لأنه فى أوقات الخلاف هذه، يكون السعى الى التوافق أحد الأساليب المهمة فى النظام الديمقراطى.


■ وأمام تشبث الطرفين برأيهما، ما الحل من وجهة نظرك، هل ترى اللجوء إلى مجلس الدولة لحسم الخلاف؟


- بالنظر إلى ما وصلنا إليه من انقسام حاد، فأنا لا أحبذ أى فكرة تنصر طرفا على آخر، سواء بأخذ رأى مجلس الدولة، أو حتى بإجراء استفتاء جديد، لأن من الخطورة فى مثل هذه الموضوعات الحساسة، أن يكون هناك غالب ومغلوب، ولابد أن يسعى الطرفان، بجهود بعض القوى السياسية وبعض الشخصيات العامة والمتخصصين فى القانون الدستورى، أن يجدوا حلا توافقيا، يراعى مخاوف كلا الطرفين، ويحقق القاسم المشترك بينهما، وعندئذ سيجد المجلس العسكرى الفرصة متاحة أمامه ليصدر بياناً توضيحياً حول الموضوع، ويعتبر مكملاً للإعلان الدستورى.


■ لننتقل إلى مخاوف الشارع المصرى من سيطرة التيارات الإسلامية على الحكم، هل هناك مبرر واضح لكل هذا الخوف من جماعة الإخوان المسلمين، وتقلدهم السلطة فى الفترة المقبلة؟


- أشعر أن قطاعاً كبيراً من الرأى العام ينتابه هذا الخوف، ويرجع ذلك إلى كون الإخوان وحزب الوفد أقدم قوتين سياسيتين، لأنهما تواجدا فى بدايات القرن الماضى، وإن كان الوفد سبق إلى الوجود بعدد بسيط من السنوات، وطوال هذه المدة -أكثر من 80 سنة- كان الإخوان يتعرضون لمحن شديدة جداً مع نظم الحكم المتعاقبة فى مصر، والنظام السابق اتبع معهم سياسة مختلفة، فلم تكن سياسة الهجوم والاعتقال والتعذيب هى المتبعة، كما كان يحدث فى السابق، بل اعتمد سياسة شل الحركة، أى لا تتركهم فى راحة بحيث يعملون بانطلاق، ولا تستفزهم إلى درجة الصدام المباشر، فيدخلون فى حرب تحت الأرض، وكان هذا واضحا لنا، حيث كان النظام يعتقل مجموعة ثم يفرج عن بعضها ثم يعتقل مجموعة أخرى وهكذا، ولا يقرب المرشد العام، رغم أنه لو كان هناك عداء، والنظام يريد كبح جماح الجماعة، كان من باب أولى أن يعتقل المرشد، لكنهم كانوا يعلمون جيدا أن اعتقاله معناه إعلان الحرب، والدخول فى صدام مباشر مع الجماعة، كانت هذه سياسة النظام الماكرة فى مواجهة الإخوان، وقد تجاوزت الجماعة هذه المحن بجدارة، بل وعملت التجارب على تقوية الروابط بينهم، وأدت إلى قوة الإخوان التنظيمية، وهى قوة جعلتهم فى موقع الصدارة من المنظمات السياسية الأخرى، فى الوقت الذى لم تكن هناك منظمات سياسية حقيقية، لذا كانت قوتهم ساطعة وظاهرة تماما، خصوصاً خلال الثلاثين عاما الماضية، وفى نفس الوقت كانت الغالبية تعانى من الحزب الوطنى الحاكم، وبالتالى كان الرأى العام يرى أن القوة الوحيدة التى تواجه الحزب هى الإخوان، وبالإضافة إلى القوة التنظيمية للجماعة، كان هناك قدر كبير من التعاطف الشعبى معها، وهذه العوامل جعلت منها قوة واضحة لا يستهان بها، وهذا الإحساس الذى تكون قبل 25 يناير هو الذى يستدعيه الرأى العام أثناء تفكيره فى المستقبل، وبالتالى يشعر بالخوف من قوة الإخوان، خوفا يصل إلى درجة الرعب من أن يسيطروا على البرلمان والوضع السياسى فى البلاد، والبعض يسرف فى القول بأنهم لو تمكنوا من الحكم فلن يتركوه، وستنتهى العملية الديمقراطية.


■ إذن فهناك مبرر للخوف من صعود الإخوان؟


- رغم كل ما قلته من أسباب الخوف، فإننى فى حقيقة الأمر لا أرى أى داع له، لأن الوضع بعد 25 يناير اختلف، والإخوان لم يعودوا مضطهدين، بالعكس فقد أصبح لهم وضع شرعى، ويعملون ويتحركون كما يريدون، منطلقين إلى أبعد حد بحكم تنظيمهم القوى، وفى الوقت نفسه، ليس هناك حزب وطنى، لكى تتحول النقمة عليه إلى رضا عن الإخوان، وفى هذا الوضع الجديد، من المنتظر أن يحدث عكس ما كان يحدث قبل 25 يناير، فبدلا من أن تدفع العوامل المختلفة إلى توحيد صفوف الجماعة وصلابتها والتفاف الناس حولها، حدث العكس، بمعنى أن الوضع المريح الجديد، يضع الإخوان فى وضعهم الطبيعى فى الحياة السياسية، بحيث يكونون فى موضع التطور السياسى العادى لأى جماعة سياسية، ومن الممكن جدا أن تظهر الانشقاقات بينهم، وقد رأينا موقف الشباب فى ميدان التحرير من قيادات الإخوان، وهذا لا يتماشى مع المبدأ المعروف عنهم، وهو الطاعة العمياء، كذلك وجدنا قراراً بفصل الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، أحد المرشحين المحتملين للرئاسة، بعدما شق وحدة الصف، وقرر ترشيح نفسه ضد إرادة الجماعة، فاتخذت موقفا ضده، ومع وجود حزب وليد للإخوان، من الممكن أن نتنبأ بأن قيادات الحزب، التى عينت من قبل مكتب الإرشاد، لن تكون كذلك فى المستقبل، وستكون القيادات الجديدة آتية من صفوف الحزب، وليس صفوف الجماعة، وليس من المستبعد أن يكون هناك اختلافات فى وجهات النظر بين الحزب والجماعة، إضافة إلى أن كثيراً من المحللين لا يعطون للإخوان فى تشكيلة مجلس الشعب القادم أكثر من 20%، حسب رؤيتهم، وهذه النسبة ليست غالبة، والبعض يذهب الى أنه من المستحيل أن يحقق أى تيار أغلبية فى المجلس القادم.


■ لماذا؟


- لأن هناك أحزابا كثيرة الآن، وليست هناك قوة سياسية وحيدة، بحيث تنفرد بالوضع، لذا لا يوجد مبرر لهذا الخوف، فالإخوان قوة حقيقية، لكنها مثل باقى القوى الأخرى، تؤخذ فى الاعتبار، لكن لا تؤدى إلى هذا الإحساس بالرعب، وأخشى أن ينقلب الوضع لدى باقى القوى إلى الاستسلام، وهنا تكمن الخطورة، فيجب أن نفكر لمصلحة المجتمع، وإذا كان هناك احتمال بحصول الإخوان على نسبة من 20 إلى 25 % فى البرلمان المقبل، فهناك 75% من المقاعد متروكة للقوى السياسية والأحزاب الجادة.


■ يقال إنه حتى لو توافرت مقومات وعوامل العمل السياسى الجاد، فإن الوقت غير كاف؟


- إذا عملت الأحزاب بجدية فمن الممكن أن تحقق شيئا، بدلا من القول إنهم يخافون الإخوان، وغير جاهزين للانتخابات، أما إذا سادت روح الاستسلام بينها، فليتركوا الساحة للإخوان ولينتهى الأمر.


■ شهدت الساحة السياسية مؤخراً اجتماعاً بين الإخوان وحزب الوفد وبعض التيارات الأخرى للتوافق فيما يخص الانتخابات المقبلة، فما تقييمك لهذه الخطوة، وهل يمكن أن تتلاقى مصالح تيارات تختلف تماما فى الفكر والأيديولوجيا؟


- مع تقديرى للنوايا الطيبة التى تدفع إلى مثل هذا التعاون، لكننى أتمنى أن يكون التعاون فى حدود الاتفاق حول مسائل عامة، لا ينبغى أن تصل الأمور الى درجة الاتفاق والتنسيق فيما بينهم فى الانتخابات المقبلة، كما لا أتمنى أن يصل الوضع إلى درجة تشكيل تحالف سياسى على مستوى الحكم.


■ وما الذى يضر البلاد من تحالف الإخوان والوفد؟


- هذا ضد العمل الديمقراطى، لأن الديمقراطية الصحيحة، التى يستحقها الشعب المصرى، تقتضى أن يكون هناك فريق فى الحكم، وآخر فى المعارضة، لمصلحة الديمقراطية، حيث يجب أن تكون هناك مجموعة تحكم، وأخرى تراقب وتحلل وتنتقد وتقدم البدائل، وإذا حدث غير ذلك، فهذا افتئات على حق الشعب، فمن حقه أن تكون لديه أداة للرقابة على الحكومة، أما أن يتفقوا معا على أن يحكموا جميعا ويحرموا الشعب من هذه الأداة، فهذا إخلال بحق الشعب فى الديمقراطية.


■ وهل ينطبق هذا الكلام على اتفاقهم الذى يقضى بأن تكون الحكومة المقبلة حكومة وحدة وطنية؟


- أرفض أن تكون الحكومة المقبلة حكومة وحدة وطنية مؤلفة من جميع الأحزاب والتيارات السياسية، فإذا كان الجميع سيحكم، فمن إذن سيمثل الجانب الآخر؟، فالشعب يبنى قناعات، ويتخذ قراره من خلال الحوار والخلافات بين القوى السياسية المختلفة، هذا التيار يقول شيئا، والآخر يعترض، ويقدم مبرراته، والثالث يسوق أفكاراً جديدة، وهذه هى الحالة الديمقراطية السليمة. لكن دعينى أؤكد أنه لا مانع لدى من هذا التوافق، إذا وجدت كتلة معارضة أخرى تواجه الاثنين معا، المهم ألا تترك الساحة السياسية لتآلف موحد دون معارضة، مهما كانت النوايا الحسنة التى تدفع إلى ذلك.


■ هل يمكن أن تقبل القوات المسلحة رئيسا لمصر ذا خلفية دينية، أو أن تتولى الحكم امرأة، خاصة أن رئيس مصر هو فى الوقت نفسه القائد الأعلى للقوات المسلحة؟


- بعد تضامن القوات المسلحة مع الشعب فى ثورة يناير، ستقبل فى رأيى إرادته مهما كانت.


■ وماذا عن رضا أمريكا وإسرائيل عن الرئيس القادم، هل سيتركون الشعب يختار رئيسه حتى لو أتى للحكم مرشح ضد مصالحهما؟


- القول إن الرئيس القادم لمصر يجب أن يحظى برضا أمريكا وإسرائيل خاطئ، خصوصا بعد ثورة 25 يناير، فهذا الرأى ربما كانت له ظلال من الحقيقة عندما كانت سياساتنا تعتمد على «المشى جنب الحيط»، أما الآن فلا يجوز أبداً أن يطرح هذا الرأى فى ساحة الخطاب السياسى، حتى لو تصور البعض أنه واقعى، لأننا لن نسمح لأى طرف بأن يتدخل فى شؤوننا الداخلية بأى صورة من الصور، وإلا لماذا قامت الثورة.


■ ما رأيك فى مؤتمرات الحوار والوفاق الوطنى التى شغلت الفصائل السياسية طوال الأسابيع الماضية؟


- لا شك أن فكرة الحوار الوطنى مهمة، بعدما انتقلنا من الديكتاتورية الى الحرية، وأصبحت الإرادة فى يد الشعب، وأصبح الباب مفتوحاً لإجراء حوار ومناقشة السياسات والتفكير فى المستقبل، ولم يعد الأمر كما كان فى السابق، وهو ان يظل الشعب ساكنا، فى حين أن هناك فرداً فى القيادة يفكر ويخطط، إذا كان يفكر بالفعل، ولعله من المناسب هنا أن أوضح أنه منذ أن خلقت مصر لم يكن الشعب المصرى أبدا يتحكم فى تقرير مصيره بإرادة حرة لا تخضع إلى ضغط أجنبى أو داخلى، منذ حكم الفراعنة مروراً بالإغريق والرومان والعثمانيين والإنجليز، المرة الوحيدة التى سيكون الشعب المصرى حراً فى بلده، وهو صاحب السيادة والرأى الأخير، هذه الأيام، وهذه منحة حصلنا عليها، لذا يجب التمسك بها والدفاع والقتال من أجلها. وبالتالى فالحوارات أمر مطلوب حاليا ومستقبلا، لكننى أرى أن الحوار الوطنى بدأ بقيادة الدكتور يحيى الجمل ثم انتقل إلى الدكتور عبدالعزيز حجازى ثم قيل إن الدكتور يحيى الجمل يقود حواراً جديداً يسمى الوفاق الوطنى، وهو متعلق بالدستور، أما الآخر فمتعلق بالشؤون العامة، وأعتقد أن الغرض من هذه الحوارات ليس واضحاً لدى عدد كبير من الناس، ويثير العديد من التساؤلات على شاكلة: لمن ستقدم توصيات ونتائج هذه الحوارات؟ وما مدى الالتزام بتفعيلها؟، وهل كل التوصيات سيتم تفعيلها الآن أم مستقبلا؟ وما الضمانات التى تلزم المؤسسات فى المستقبل بنتائج حوارات تمت فى فترة سابقة؟، هذه الأسئلة تثار وتقلل من ثقة الرأى العام فى أهمية هذه الحوارات .


■ البعض يقول إن الثورة ضاعت، فما تعليقك؟


- الإحساس بضياع الثورة موجود لدى البعض، وهذا جزء من القلق العام والارتباك الذى شعرنا به بعد نجاحها فى 11 فبراير، وأحيانا يزداد الشعور بالقلق لعدم اتخاذ قرارات متلاحقة بالسرعة المطلوبة، وهذا الطرح فى محله، لكننا لكى لا نبرر ما يحدث، يجب أن نراعى أن ثورتنا لم تكن بقيادة حزب من الأحزاب أو قوة معينة، بل كانت ثورة شعبية بمعنى الكلمة، وحتى الآن لا نعرف لها قائداً أو زعيماً، وهو ما جعل هناك طرفين: الثائر والحاكم، بعكس كل الثورات التى يقوم بها حزب أو قوة سياسية ما تتقلد هى الحكم بعد ذلك وتنفذ أهداف الثورة. لكن ما حدث فى مصر أن الثورة العظيمة لم تسيطر على مقاليد الحكم، وكل ما فعلته أنها استجمعت قوتها للإطاحة برأس النظام السابق، وأصبحت هناك قوات مسلحة تسلمت الحكم، وشباب ثورى يطالب ويدعو إلى تحقيق أهداف الثورة، وهنا تجب الإشارة الى أنهما ليسا فريقين متضادين، لأن إسهام القوات المسلحة فى الثورة بعدم التدخل لقمعها، واختيارها الانضمام إلى الشعب فى مطالبه، كان عاملا أساسيا فى نجاح الثورة، ورغم أنهما فريقان، واحد فى الحكم والثانى فى الشارع، فإنهما ينطلقان من موقف موحد.


■ لكن مازالت هناك فجوة بين المطالب ومدى الاستجابة لها؟


- نعم، الفجوة موجودة، لذا يجب أن تبذل الجهود لتضييقها الى أقصى درجة ممكنة لكى تتحقق المصلحة العامة ويستمر زخم الثورة والفرحة بها، ولا يجب أن يصل الوضع إلى حد الإحساس بضياع الثورة، فالثورة تضيع عندما نضيع نحن، وإذا كان الناس غير قادرين على حمايتها، فهم إذن لم يكونوا جديرين بها، ويجب ألا نتصور أن الثورة يمكن أن تُسرق أو تضيع منا، فالشعب الذى استطاع أن يطيح بأعتى الأنظمة الأمنية فى العالم سيتحرك مرة واثنتين وثلاثاً ليحافظ على ما حصل عليه من سلطة وحرية فى بلده، وميدان التحرير موجود.


■ هل لديك تفسير لتدخل حلف الناتو فى ليبيا وعدم تدخله فى سوريا، وما تقييمك للمشهد العربى الآن؟


- لاشك أن نجاح الشعب فى إسقاط النظام فى مصر وتونس، ينبئ بأن هذه الموجة ستمتد إلى بعض الدول العربية، خصوصا الجمهوريات الديكتاتورية ومنها سوريا وليبيا واليمن، ولا شك أن أى عربى قومى مخلص ينحاز الى الشعوب العربية ضد أنظمة الحكم، التى تخطت عمرها الافتراضى بكثير، خصوصا أنها لم تكن تقوم على شرعية حقيقية من البداية، ومن المؤسف أن قادة هذه الدول فى ليبيا وسوريا واليمن بعد أن حكموا لعشرات السنوات، لم يقدموا إنجازات وطنية ويتمسكون بسلطتهم إلى درجة الدفع بالبلاد إلى حرب أهلية، واستعمال الجيش ضد الشعب فى القتل والترهيب، وهذا يضعهم فى مصاف مجرمى الحرب وليس مصاف الحكام. أما عن تدخل الناتو فى ليبيا وعدم تدخله فى سوريا فالأمر ببساطة يكمن فى وجود مصالح غربية فى ليبيا، أولا لأنها أقرب إلى دول حلف الأطلنطى جغرافيا بينما سوريا أبعد قليلا، ثانيا لوجود البترول بغزارة فى ليبيا، أما سوريا فهى مجاورة للبنان من ناحية وهم يرون أن الوضع فى لبنان حساس بحيث لا يريدون أن يكونوا طرفا فى إثارة أى مشاكل من الممكن أن تؤثر على لبنان لحساسية الوضع هناك وجوار اسرئيل من ناحية أخرى، لذا لا يتدخلون لحساسية وضع سوريا مع إسرائيل. فالمصالح هى التى تحكم تحركات حلف الناتو بالدرجة الأولى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية