x

فى عيد ميلاده الـ«91».. المفكر الإسلامى جمال البنا: أتوقع ألا يحكم الإسلاميون مصر

الأحد 01-01-2012 17:59 | كتب: ماهر حسن |
تصوير : محمد هشام

وصف المفكر الإسلامى جمال البنا ثورة 25 يناير بأنها من ثورات منتصف الطريق، لأنها طالبت بإسقاط النظام، دون أن تكون لديها رؤية مسبقة للنظام البديل، وأنها نجحت فى إسقاط النظام مثلما أرادت، لكنها فشلت فى إعادة البناء، واعتبر أنها نجحت بنسبة 60%، واصفاً مستقبل مصر بأنه مضطرب، وتحيطه المخاطر، متوقعاً أن يستغرق التغيير نحو 10 سنوات، متوقعاً ألا يحكم الإسلاميون مصر، مؤكداً أن مسؤولية الإخوان المسلمين الهداية وليس تأسيس الدولة، وأن حسن البنا، مؤسس الجماعة، خاض الانتخابات البرلمانية ثم عدل عن خوضها، لأنه رأى فى ذلك صفقة، ولأنه حصل على حق الجماعة فى التحرك بحرية.

وقال «البنا» فى حواره مع «المصرى اليوم»، إن 90% من الأحاديث النبوية موضوعة، مشدداً على ضرورة ألا نعتمد على تفاسير القرآن تماما لأنها كلام نقل وليس إعمالاً للعقل، مطالباً بالاعتماد على القرآن مباشرة، مشيراً إلى أنه لا يرى خطراً فى المد الشيعى أو الوهابى، أو فى تحول شخص سنى إلى أحد المذهبين، واصفاً مخاوف الدكتور يوسف القرضاوى، فى هذا الشأن، بأنها وهم، لكنه قال فى الوقت نفسه إن السعودية تدعم السلفيين المصريين، وأن الشيعة مجرد حركة معارضة قوية ضد طغيان معاوية بن أبى سفيان الذى أمر بلعن على بن أبى طالب على المنابر، وإلى نص الحوار:

رغم تحذير الكثير من علماء السنة، ومنهم الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، من خطر المد الشيعى، إلا أنك ترى أن هذه المخاوف ليست صحيحة، ما تبريرك؟

- الشيعة حركة معارضة قوية، والميراث الحقيقى للشيعة أنهم كانوا معارضين فى حين كان المجتمع كله يقول نعم، فقضت حياتها مطاردة، كما حملت فكرة مقاومة طغيان معاوية بن أبى سفيان فى الدولة الأموية، لأنه جعل الخلافة ملكاً عضوضاً مستبداً وراثياً ظالماً وهذه كانت نقلة كبيرة، وكان ابنه لاهياً، واستعان فى ملكه بالجزارين والسفاحين والقتلة، مثل الحجاج بن يوسف الثقفى، وقتلوا الآلاف لتمكين الدولة الأموية، وكان الأمويون يكرمون القتلة الذين حملوا ألقاب من قتلوهم كأن يطلق على «يسار بن سبع» لقب «قاتل عمار على الباب» من قبيل التشريف، لأنه الذى قتل عمار بن ياسر، كما أمر معاوية بن أبى سفيان بلعن على بن أبى طالب على المنابر، واستمر هذا لفترة من الزمان، وعارضت الشيعة فى بدايتها ظلم ابن أمية، ثم جاء العباسيون وأذاقوا الطالبيين (نسبة إلى على بن أبى طالب) الويل أكثر مما ذاقوه فى عهد عبدالملك بن مروان، والحجاج، فكان على الشيعة أن يقاوموا فى السر ويتفرقوا على البلدان، وفى هذه الظروف كان من الطبيعى أن تندس بينهم عناصر غربية، وأنا لا أرى فى الشيعة أو المد الشيعى خطراً، كما لا أرى خطراً فى المد الوهابى أيضاً، فالوهابيون والشيعة أخوة لنا وينطقون بالشهادتين، كما يمكننا التحدث معهم بلغة القرآن، بل سأذهب لما هو أبعد من ذلك وأقول إننى لا أرى خطراً فى أن يتحول السنى إلى شيعى أو وهابى فهذه كلها توجهات إسلامية كما لم تكن هناك خطط واستراتيجيات لانتشار الشيعة كما يعتقد الدكتور يوسف القرضاوى، وأرى أن الشعوب كانت تعاقب حكامها بتأييد الشيعة من باب النكاية، وليس للشعوب الإسلامية عدو سوى إسرائيل وأمريكا، وهما عدوتا إيران أيضاً، وأرى أن كل المسلمين فى خندق واحد فى مواجهتهما، والخطر الذى يراه القرضاوى هو خطر وهمى، وإيران هى القوة الوحيدة الصاعدة أمام إسرائيل وأمريكا وأتباعهما عربا كانوا أو غير عرب وعلينا أن ندعم إيران.

لكن الشائع أن الشيعة كانوا يعادون أبا بكر الصديق، والسيدة عائشة ويحتفلون بقتل عمر بن الخطاب؟

كل هذا مدسوس عليهم، ومصدره الشيعة الصفويون، وهم دخلاء على الشيعة، ودسوا على السنة لدى الشيعة، وقد عبدوا على بن أبى طالب، وأشاعوا الكثير من الأكاذيب حول السنة، ولديهم قرآن فاطمة، كما أن كل ما يشاع عن الشيعة هو دس سنى أيضاً وهو دس ينطبق على الصفويين، وليس الشيعة فى المطلق، حتى إن السنة أشاعوا أن الشيعة يحتفلون بمقتل عمر بن الخطاب سعياً لإخراجهم من الملة أو يصفون عائشة بأوصاف غير حقيقية وهذا صراع سياسى بالأساس بين طائفتين.

لكن هناك حالة عداء تاريخية بين على بن أبى طالب والسيدة عائشة تولدت بعد حادث الإفك، حينما قال على للرسول لم لا تطلقها وتتزوج غيرها فالنساء كثيرات؟

- 100% لهذا الحادث دخل فى هذا العداء، وروى أن الرسول حينما ضعف خرج من حجرته إلى المسجد متوكئاً على ساعدى «فلان بن فلان بن فلان»، و«رجل آخر» هكذا قالت عائشة، ولم يكن هذا الرجل الآخر سوى على بن أبى طالب، وكأنها استنكفت ذكر اسمه، وهذه المشاعر النسائية لا يمكن إغفالها.

ما رأيك فى تشبيه «القرضاوى» المد الشيعى بأنه حريق مدمر؟

- لا أرى خطراً من الشيعة، فأسوأ ما فيها هو مذهبها الصفوى تحديداً، لكن بمعيار السياسة لا نرى منها خطراً، ويجب أن ندعم إيران ونستقوى بها، وتأمل تهديد الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد لإسرائيل، فإنه لم يقل سنحاربها، بل قال سنزيلها من الوجود، وهو لا يقول شيئاً غير قادر عليه ولديه كل الحق فإسرائيل مغالطة تاريخية وجغرافية، وهى كيان خطأ فى مكان خطأ.

الكلام عن السعودية يجرنا إلى الكلام عن السلفيين فى مصر والذين كانوا يرون السياسة رجساً من عمل الشيطان، ويحرمون الخروج على الحاكم، لكنهم شاركوا فى السياسة بعد الثورة، فهل تدعم السعودية السلفيين فى مصر؟

- لاشك أن السعودية تدعمهم، وعلينا أن نسأل أولاً من هم أكبر فصيل من السلفيين فى مصر، إنهم الفصيل الذى يقف على رأسه الداعية محمد حسان، والذى كان يرى عدم مقاومة الحاكم، وقد قامت الوهابية على أساس التعاون بين الكاهن والحاكم، ولاشك أن السعودية تدعمهم عن طريق رابطة العالم الإسلامى التى أنشئت لتدعم بناء المساجد والأئمة والأقليات الإسلامية فى العالم أو الحكومات الإسلامية الفقيرة والعلاقة قوية بين حسان والسعودية، ومازال يفخر بأن السيارة تنتظره على باب الطائرة هناك، ولا غرابة فى ذلك فهو ابن شرعى لهم، وبالطبع فإن مصر بالنسبة للسعودية جارة قوية جداً، ومؤثرة جداً، والجد الأول للسعوديين أوصاهم بالتعاون مع مصر، وأى خطيب سعودى حكيم يفعل الشىء نفسه، لكن الآن هم عكس ذلك وهم يدعمون السلفيين نكاية فى النظام المصرى، كما أنهم ينازعون مصر مكانتها ودورها.

ماذا لو كان حسن البنا بيننا الآن بعد هذا الصعود الإخوانى فى الانتخابات، وهل كان سيفرح به؟

- ليس على هذا النحو، ففى عامى 1946 و1947 كان المشهد السياسى ليبراليا، وكان مسموحا لأى سياسى بأن يؤسس حزباً، والإخوان حاليا وصلوا إلى القمة، وفاقوا الوفد ونشأت مؤسسات وفدية تمتعت بشعبية، لكن الإخوان آنذاك لم يسعوا لتأسيس حزب مرجعيته إسلامية، ولم تكن مسؤولية الإخوان أن يؤسسوا دولة، وإنما هداية أمة وهذه ليست مهمة الدولة، فالدولة مهمتها البناء وإدارة المؤسسات، إذن فالجماعة كانت دعوية وليست سياسية، لكن البنا لو كان موجوداً الآن لأصبح سعيداً دون شك بما حققه الإخوان، لأنهم تعرضوا للملاحقة والتضييق على مدى 60 عاماً.

لو كان الحال كذلك فلماذا رفع حسن البنا شعار «وأعدوا لهم» ولماذا رشح نفسه فى الانتخابات البرلمانية مرتين؟

- خاض الانتخابات كصفقة، فالمرة الأولى تم تزويرها، والثانية ضغط فيها الإنجليز على مصطفى النحاس لمنع وصول «حسن» إلى البرلمان، وقابله النحاس وسأله عن عمره، فأجاب «حسن» بأنه 37 سنة، فقال له النحاس: «ما زال المستقبل أمامك طويلاً، والفرص كثيرة مستقبلا، فلا داعى لترشيح نفسك الآن»، وهنا طلب «حسن» الحق فى قيام جماعته بالدعوة بحرية، ووجد فى هذه الصفقة «صلح حديبية جديداً»، لكن الإخوان كانوا محزونين لفقد مقعد البرلمان، كما أن البرلمان ليس سياسة، وإنما سلطة تشريعية وليست تنفيذية.

هل مازلت ترى أن الإخوان على مفترق الطرق بحسب عنوان أحدث كتبك؟

- لو كانوا أذكياء لقرأوا هذا الكتاب بتمعن، خاصة بعد تأسيس حزبهم، فالكتاب به خطوط فاصلة بين الدين والسياسة، ومن الأفكار العامة فى الكتاب التى تحدد هذا المعنى أن الإسلام هداية وسلام، والسلطة قهر ورشوة، وأن الإسلام إخلاص وطهارة وعطاء، بينما السلطة احتراف ومغنم ومكسب.

هناك خلاف بينك وبين أصحاب الأفكار التى لا تقبل مساسا بثوابت الدين، يتمثل فى أن القرآن كتاب هداية، واستبعاد كل التفاسير وكل ما جاء به المفسرون من نسخ أو أسباب نزول، ما هى رؤيتك فى هذا الصدد؟

- المفسرون ظلوا طويلا يبحثون عن سر الإعجاز القرآنى لأنهم تعاملوا مع القرآن باعتباره كتاباً أدبياً وتعرضوا للبلاغة والمجاز، وجميعهم اقترب من تحقيق الهدف، لكنهم لم يصلوا لأن القرآن كتاب أقرب إلى الفن منه إلى الأدب، لأنه يعطيك أشياء لا يدركها العقل البشرى مثل الآيات المتعلقة بالذات الإلهية، أو بما بعد الموت، والحياة الآخرة، فلا يستطيع القرآن أن يصف للبشر ما فى الجنة لأنها تفوق إدراكه، ولا يستطيع أن يصف نعيم الجنة مثلا إلا بأشياء مرادفة لها فى الحياة، لكى يستوعب الأمر لكن هذه الأشياء تفوق مدارك البشر، فلو ذكر القرآن ما فى الجنة وتفاصيلها وأسماء هذه الأشياء لن نتخيلها، لذلك وصفها بمثيلاتها التى نعرفها فى حياتنا الدنيا كالأعناب والنخيل والحليب والعسل والخمر، وكذلك فعل مع النار، لكن بالمجاز، وعلى ذلك فإن القرآن فن استخدام المجاز، وأهم ملامح القرآن هو النظم الموسيقى لأن فن الموسيقى له منزلة لدى البشرية، والقرآن يحقق هذه الموسيقى من خلال التناغم والتحاور والمقاربات اللفظية.

وما هو دليلك على هذا البعد الفنى للقرآن؟

- الدليل أن الله طلب من الرسول أن يتلو القرآن حتى إن البعض حينما كان يسمع التلاوة كان يسلم على الفور، وبعضهم يتزلزل الشرك فى نفسة فيعود بوجه غير الذى ذهب به فكان الذى يستمع ويستجيب للوهلة الأولى كان يستجيب قبل أن يتفكر فيما يتلى وفى معانيه، لأن القرآن له تأثير مثلما تتأثر بالموسيقى الكلاسيكية مثلا قبل أن تفهم النوتة أو قواعد الموسيقى لكنها تؤثر فيك، وهذا البعد يجعل القرآن مستحباً ومؤثراً حتى قبل أن تتدبر معانيه، وموسيقى القرآن هى أحد أهم مظاهر الإعجاز فيه، ولم يتوصل السابقون إلى ذلك لأنهم تعاملوا معه كنص أدبى وبلاغى، وليس كنص فنى وموسيقى.

طالبت بضرورة ضبط السنة بالرجوع إلى القرآن، هل تقصد أن هناك أحاديث كثيرة مشكوك فى صحتها؟

- القرآن هو الكتاب الوحيد الذى كتب وسجل وقت نزوله، فهو الأكثر ثقة، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا مجال للتلاعب فيه، أو الاجتهاد فيه بالزيادة أو النقصان، فهو نص محكم، أما غيره فهو محل خلاف، فمثلا المسلمون لم يجمعوا على نص واحد للتحيات التى نقرؤها فى ختام الصلاة، وهناك نحو 10 صيغ لها، والسلام بعد الصلاة مختلف عليه، فمنهم من يقول إننا نلقيه على اليمين والشمال، وهناك من يسلم على اليمين فقط، ولذك يجب ضبط السنة على القرآن، وهذا لم يحدث مع التوراة، والإنجيل، لأن الإنجيل ليس كلام سيدنا عيسى وليس فيه غير الطوبيات فهو لم يسجل مثل القرآن فور نزوله، ولو كان القرآن سجل بعد نزوله بفترة طويلة لطاله التحريف يوما بعد يوم وعاما بعد عام أما السنة فلم تكتب إلا بعد 150 سنة وهذا يسمح بالدس دون شك.

لماذا نصحت بتجاوز السلفية وعدم الاعتداد بها؟

- السلفية هى الماضى، ولا نستطيع أن نعيش حاضرنا فى ماضينا، وربما يعزز ما أقول الفتوى الصادرة من العالم السعودى الراحل، عبدالعزيز بن باز، بأن الأرض لا تدور، وهذا يحيلنا إلى فترة تعاظم سلطة الكنيسة فى أوروبا، حين كان الدين هو السلطة الحاكمة فى سائر المجالات، بما فى ذلك السياسة والمعرفة، فعاشت أوروبا فى سياقه فترة طويلة من التخلف والتراجع.

وهل يمكن أن يفعل السلفيون أو الإسلاميون هذا بنا إذا حكموا مصر؟

- نعم لو الزمان «مشى بالمقلوب وصار وجهه محل قفاه» فنمشى بظهورنا للخلف وأتوقع أنهم لن يحكموا.

هل تتقبل أحكام الشريعة الإسلامية فكرة التدخل فيها سواء بالحذف أو الإضافة وفق احتياجاتنا كما سبق أن دعوت؟

- نعم، وهذا ما فعله عمر بن الخطاب، بعد أقل من 15 سنة على نزول القرآن، مع المؤلفة قلوبهم، وهم رؤساء القبائل أيام الرسول الذى كان يسعى لكسب تأييدهم وكف آذاهم فأعطاهم جانبا من الصدقات، وفعل أبوبكر الصديق الشىء نفسه، لكن عمر امتنع عندما رآهم غير محتاجين، وكانت دعائم الإسلام ودولته قد استقرت، هو لم يشطب النص أو قضى عليه، وإنما طوع تطبيقه للصالح العام.

هل تريد من وراء هذه الاجتهادات إثبات حضورك على الساحة، أم لإحداث صدمات للذهنية العربية والإسلامية، أم لتصحيح مفاهيم ترى أنها مغلوطة؟

- أين هى العقلية الإسلامية، إذا كان أى أحد يريد أن يكون مجدداً يقومون عليه، ومستحيل أن يظهر أحد يحاول الاجتهاد ويفرز الأفكار السائدة والمتوارثة، هذا كسل عقلى، رغم أن الإنسان إنسان بعقله، وإذ عطل هذا العقل سيكون هو والأنعام سواء، وأولئك هم الغافلون، إنهم يأخذون بكلام الفقهاء نقلا عنهم دون اجتهاد أو إعمال عقل، وإذا سألت أحد المشايخ عن معنى آية لوجدته ينقل لك من تفاسير الطبرى، أو ابن كثير وغيرهما، فالحديث هنا مجرد نقل عن سابقين، وليس اجتهاداً، والذين أسسوا منظومة المعرفة الإسلامية كانوا عباقرة فى الفقه والعلوم الدنيوية ورواداً فى زمانهم، ويجب علينا أن نحرص على استخدام عقولنا والتجديد وليس التقليد، لكن اعتمادنا عليه دون تجديد يجعله حجر عثرة أمام الإصلاح الدينى، وليس هناك خلاف منهجى عقلى، ولكنك ستجد خلافاً إذا لم يتبع أحد اسم الرسول دون كلمة صلى الله عليه وسلم، أو إذا ذكرنا أسماء الصحابة دون إتباعها بكلمة رضى الله عنه.

لكن ورد فى الحديث ما معناه أن الجنة لا يدخلها بخيل، والبخيل هو الذى إذا سمع اسم النبى لم يصل عليه؟

- هذا حديث مفتعل، وما أكثر الأحاديث المفتعلة، لقد أثبتنا أن وضع الأحاديث كان ضرورة تاريخية، فالدولة الإسلامية كانت المدينة المنورة فى عهد الرسول وأبى بكر، وجزء من خلافة عمر، ثم اتسعت وشملت معظم العالم، وكل هذه مجتمعات معقدة وليست بسيطة مثل الإسلام، وبعد دخول هذه المجتمعات معية الأمور تستدعى التطويع، بل ووضع أحاديث قد تكون ضعيفة لكنها تخدم الحياة والبشر، وترسى الحق والعدل والمساواة، و90% من الأحاديث موضوعة.

وكيف نعرف أن هذا الحديث موضوع وليس صحيحاً؟

- بتحكيم القرآن فى الشىء نفسه، فإذا اتفق الحديث مع القرآن كان صحيحاً، وإذا لم يتفق معه فاضرب به عرض الحائط.

أفتيت بأن التدخين فى رمضان لا يفطر، رغم أن جمهور العلماء والفقهاء يحرمون التدخين فى حد ذاته فى رمضان أو غيره؟

- الإسلام حدد الأمور التى تفسد الصيام بوضوح، ولو أعملنا عقولنا لعرفنا أن التدخين لا يفطر، وقديماً عندما دخلت القهوة مصر قالوا إنها حرام لأنها «تقهى» عن الطعام، أى تفقد الشهية، وأطلب ممن يعارضوننى آية أو حديثاً صحيحاً يقول إن التدخين يفطر، أو حرام.

وماذا عن فتواك بإباحة القبلات بين غير المتزوجين؟

- كنا نتحدث فى لقاء تليفزيونى عن ظاهرة انفلات الشباب والفتيات فى الجامعة، وعلاقاتهم الشاذة مثل الزواج العرفى، والـ«بوى فريند» الذى أباحه فقيه يمنى، وما قلته كان لعلاج ظاهرة اجتماعية، وليس ردا على سؤال حلال أم حرام، فالظواهر لا تحدث عبثا أو تلقائيا، وإنما رد فعل لممارسة متبعة ومقررة ولها أسبابها من فهم القيم ودرجة تطور المجتمع فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية وسيادة النفسية البرجوازية، وظاهرة تبادل القبلات رد فعل سيئ لفعل سيئ أيضاً هو تعنت أولياء الأمور فى شروط الزواج الذى يصبح مستحيلا فى بعض الأحيان، رغم أن الرسول وضع المعيار فى هذا الموضوع بقوله: «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير»، لكن الآباء والأمهات ضربوا بهذا الحديث عرض الحائط، فلا يكون أمام الشاب إلا أن ينطلق، وما تبادل القبلات إلا أبسط صور هذه الفتنة والفساد الكبير.

نترك الماضى ونتحدث عن الحاضر.. ما رأيك فى ثورة 25 يناير، وهل انتهت أم مازالت مستمرة، وهل نجحت فى تحقيق ما قامت من أجله؟

- لاحظت من خلال شعار الثورة وهو «الشعب يريد إسقاط النظام»، أن الثورة كانت لها إبداعات غير معهودة، على رأسها المظاهرات المليونية والتى لاحظت أنها لم تقع خلالها حادثة تحرش جنسى واحدة، ولم تحدث فتنة طائفية، أو خلافات سياسية بين الفصائل التى شاركت فيها خلال الـ18 يوما الأولى، كما تميزت بأنها ثورة تلقائية، وخالفت كل رؤى المفكرين الماركسيين الذين قالوا إن الشعب لا يستطيع وحده القيام بثورة، ولابد من قائد ملهم، لكن الشعب كسر هذه القاعدة واستطاع القيام بثورة من نفسه ودون قائد، والثورة نجحت فى إسقاط النظام، لكنها لم تنجح فى إعادة البناء أى أنها لم تكن لديها رؤية مسبقة لنظام بديل أو مشروع بديل، خاصة أن تأسيس دولة العدل أمر صعب على الثورة، لأنها تتطلب فكراً عميقاً وخبرة كبيرة، وبالتالى ظهرت بعد الثورة رؤى متنافرة، ففريق يرى أن تطبيق الشريعة يحقق العدل، وآخر يرى الاشتراكية وهكذا، لذلك فإننى أصفها بأنها من ثورات منتصف الطريق مثل ثورة 1919، وأنا مسؤول عن هذا الكلام، وأقول إن ثورة 25 يناير حققت ما لم تحققه ثورة 1919، لكن مشكلة ثورة 25 يناير أن هناك فصائل سياسية قفزت عليها، وتنازعت على ثمارها، وكان يجب على الثوار أن يطالبوا فور إسقاطهم النظام بتشكيل مجلس ثورى يضم ممثلين من جميع الفصائل الوطنية والطوائف ليحقق مبادئ الثورة فيحل مجلسى الشعب والشورى ويضع دستورا جديدا.

وبأى نسبة نجحت الثورة؟

- 60%.

وكيف ترى مستقبل مصر؟

- مضطرب وتحيط به المخاطر، والتغيير سوف يستغرق نحو 10 سنوات، لكنه سيكون أفضل بنسبة كبيرة من الوضع السابق.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية