كشف خبراء متخصصون في جامعة الإسكندرية عن ظهور مستعمرات جديدة للنمل الأبيض، من النوع الخطير المعروف بـ«Subterranean termite»، أو النمل تحت الأرضى، خاصة في مناطق وسط الإسكندرية، بسبب موجة الحر واكتظاظ المستعمرات الحالية، ما تسبب في تهيج النمل وحدوث إعادة عدوى النمل ذى الأفراد التناسلية المجنحة.
واشتكى الآلاف من سكان أحياء سموحة والإبراهيمية وكفر عبده والشاطبى وفوزى معاذ ومحرم بك وسبورتنج وتعاونيات سموحة، من وجود مستعمرات للنمل الأبيض بالملايين، ما يهدد منازلهم، خاصة أثاث البيوت من موبيليا وباركيه، فضلًا عن انتقال هذه المستعمرات بين المنازل والمناطق.
وكشف الدكتور حسين عبدالله رزق، رئيس قسم علم الحشرات التطبيقى بزراعة الإسكندرية السابق، ظهور مستعمرات جديدة تم رصدها من النمل الأبيض المجنح، وهو جزء من دورة تكاثر الحشرة، وهو النوع الخطير، بسبب وقوع ما يسمى بالـ«فوران» نتيجة موجة الحر، وهو ما يصيب المستعمرات الحالية بالتهيج وإنتاج مستعمرات أخرى من الأفراد التناسلية المجنحة نتيجة إعادة العدوى، مشيرًا إلى أنه تم التعامل مع شكاوى عديدة وردت إلى الكلية بظهور هذه المستعمرات، خاصة في مناطق الشاطبى ومحطة الرمل ومصطفى كامل ومساكن القوات المساحة وجليم وفليمنج وهو النوع الأخطر الموجود منذ سنوات في مناطق سموحة.
وأوضح «رزق»، في تصريحات لـ«المصرى اليوم»، أن النمل الأبيض حشرة مختلفة عن النمل العادى، ويتسبب بأضرار هيكلية في المنازل والمبانى بشكل عام وكذلك الأثاث الخشبى، ولا يرى السكان النمل الأبيض داخل بيوتهم في العادة إلا بعد أن يكون غزو هذه الحشرات قد ترسخ في المكان، لكن يمكن رؤيتها كذلك بالخارج محيطة ببقايا الأشجار الميتة أو ألواح الخشب المتعفنة أو أي نوع من الحطام والمخلفات.
وأشار إلى أن هناك نوعين من النمل الأبيض، هما النمل الساحق للخشب، وهو موجود في مصر كلها من خلال الخشب المتعفن أو الأخشاب المستوردة التي لم يتم تبخيرها، ويصيب الأخشاب الجافة والأثاثات الخشبية، ومستعمراته تكون صغيرة العدد، تصل من 70 إلى 300 فرد، وليس له اتصال بالأرض، حيث يمكن للمستعمرة احتلال قطعة خشب صغيرة، ويتم تكوين المستعمرة داخلها، وتقوم الحوريات بدور الشغالات، والنوع الثانى هو النمل الأبيض تحت الأرضى، وهى أنواع تعيش تحت سطح الأرض، وتصل مستعمراتها إلى ملايين، كما ينقسم النمل تحت الأرضى إلى عدد من الأنواع، تعيش في مناطق بيئية مختلفة، مشيرا إلى أن النمل الأبيض هو نوع من الحشرات المتنوعة بيئيًا وذات أهمية اقتصادية، حيث تتغذى على السليلوز، لاسيما في الخشب، وينتشر النمل الأبيض في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المنطقة الاستوائية التي تفضل المواد النباتية العضوية.
ونفى «رزق» وجود تأثير للنمل الأبيض على أساسات المبانى الخرسانية، لكنه يأكل الخشب ويتغذى على المواد السليلوزية والبيوت القديمة والأسقف الخشبية، وبإمكانه إصابة الحجرات والتنقل عبر طبقة لا تتعدى 10 سنتيمترات من طبقة النقاشة التي تعلو المحارة، ويتنقل من حلق باب إلى آخر ومن شباك إلى آخر، كما يتحرك في طبقة خفيفة وراء القيشانى، مشيرا إلى أن الأخطر هو النوع تحت الأرضى.
وقال الدكتور مصطفى كامل البخشوان، وكيل وزارة الزراعة بالمحافظة، نقيب الزراعيين، إن قسم مكافحة النمل الأبيض يعالج ما يقرب من 99% من الشكاوى التي ترد إلى المديرية ولا توجد أي شكوى معلقة، حيث يتم فور ورود الشكوى إيفاد لجنة مختصة إلى المكان المحدد للتعرف على المشكلة ويتم صرف ربع لتر مبيد لكل شقة مجانًا، وفى حال ما إذا كان الأمر يتطلب أكثر من هذه الكمية، يتم صرف المطلوب على نفقة المواطن صاحب الشكوى.
وأوضح «البخشوان»، في تصريحات لـ«المصرى اليوم»، أن المديرية كافحت نحو 600 وحدة خلال الفترة الماضية والتى وردت بحقها شكاوى من أصحابها.
وقدم المهندس محمد فرج عامر، عضو مجلس النواب، رئيس لجنة الصناعة بالمجلس، بيانًا عاجلًا إلى الدكتور عز الدين أبوستيت، وزير الزراعة، واللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، للتعرف على آلية الوزارة في مكافحة النمل الأبيض الذي يهاجم مناطق عديدة في الإسكندرية وعدد من المحافظات والتأكيد على توفير المبيد المخصص لرش الوحدات السكنية والمنازل التي تعانى من النمل الأبيض، خاصة المجنح.
وأوضح «عامر»، في تصريحات لـ«المصرى اليوم»، أن خطورة النمل الأبيض ترجع إلى أنها تعتمد على مادة «السليلوز» في غذائها، وهذه المادة توجد بحوائط المنازل والمفروشات وأنه بمجرد وجود تلك الحشرة بالمنزل، يعنى هذا أن المنقولات الخشبية جميعها ستتلف في زمن قياسى، لأنها تحتوى على مادة السليلوز بوفرة، لأن الأخشاب هي الأغنى بالمواد السكرية، وكذلك الأسقف والأرضيات المصنوعة من الخشب.
وطالب الدكتور صبحى سلام، وكيل كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، ومستشار المحافظ الزراعى، بضرورة العمل على الاكتشاف المبكر لمستعمرات النمل الأبيض عن طريق استخدام مصايد النمل الأبيض ويتم جمع المصايد وفحصها وتغييرها شهريًا ويتم الاستدلال على تواجد النمل الأبيض من خلال آثار التدمير ومظاهر الإصابة التي تسببها.
وأشار إلى أن أهم مظاهر الإصابة بالخشب الجاف وجود فتحات ثقوب صغيرة في الأخشاب، خاصة بالقرب من الأبواب والشبابيك ووجود مسحوق كحبيبات الرمل المكورة أسفل قطع الأثاث الخشبية المصابة، وكذا ضعف سطح الأرضيات الخشبية في بعض المواقع نتيجة الحفر وتغذية النمل الأبيض تحت الأرضى مع تآكل الأساسات الخشبية والعروق الخشبية التي تحمل السقف ووجود أنابيب طينية على الحوائط من الداخل والخارج وكذلك وجود أجنحة رقيقة وبأعداد كبيرة.
وأكد أن طرق الوقاية من النمل الأبيض تتمثل في أنه عند البناء يجب أن يكون المنزل أقل جذبًا للنمل الأبيض عن طريق معاملة الأساسات الخرسانية وأخشاب البناء بالمبيدات قبل استكمال البناء والمحافظة على جفاف التربة المحيطة بأساس المنزل باستمرار، مع إصلاح أي تسريبات مائية في الشقق والحوائط، لأنها أداة الجذب للحشرة والتخلص من المواد السليلوزية وبقايا النباتات في الأرض المزمع إقامة منشأة عليها وسد الفتحات التي تساعد على دخول النمل الأبيض باستخدام مواد البناء وخصوصًا الفتحات والشقوق والأنفاق الخاصة بالمرافق في المنزل، مثل مواسير الغاز الطبيعى والكهرباء وعدم زراعة الأشجار بالقرب من الحوائط الخشبية والتأكد من عدم ملامسة الأشجار للحوائط الخشبية وعدم تخزين حطب الخشب أو أي متبقيات خشبية داخل المنازل.
وقال الدكتور عصام الكردى، رئيس جامعة الإسكندرية، إن الجامعة أنشأت مركزًا لمكافحة النمل الأبيض بالتعاون مع المحافظة، وذلك بهدف القضاء على مستعمرات النمل الأبيض التي تتسبب في خسائر فادحة للثروة العقارية بالإسكندرية.
وأشار إلى أن الجامعة ستتعاون مع المحافطة في إلزام المبانى الجديدة بالحصول على شهادة من المركز للتأكيد على خلوها من النمل الأبيض.