x

محللون: ممارسات «العسكري» تسحب من رصيد شرعيته لدى الدول الأوروبية

الأحد 01-01-2012 12:46 | كتب: وليد الشيخ |
تصوير : other

بقدر ما حظي المجلس العسكري من تأييد من قبل الثوار فور تنحي مبارك، بقدر ما تآكلت شرعيته مع مرور الوقت، لدرجة انعكست بقوة على الرؤية الأوروبية للصدام المتنامي بين شرعية مطالب ميدان التحرير التي لم تتوقف، وشرعية الحاكم العسكري، التي هي في الأساس منبثقة من شرعية الثورة، في ذات الوقت الذي تعلو فيه المطالب الداعية للاحتكام لشرعية البرلمان المقبل.

وحول ما يراه البعض صداما بين الشرعيات الثلاث، ترى المحللة الألمانية، أنتونيا رادوس، أنه  «لا تعارض بين شرعية استمرار الثورة بميدان التحرير، وشرعية البرلمان المقبل، بل كلاهما مكمل للآخر».

وأوضحت لـ«المصري اليوم» أن «الثورة موجهة ضد هيمنة حكم العسكري، وليس ضد التمثيل الديمقراطي في البرلمان، لكن صلاحيات البرلمان تتعلق فقط بوضع لجنة تأسيس الدستور، وهو الأمر المهم شرعيا وقانونيا».

ولم تخف قلق الغرب من صعود الإسلاميين، لكنها أضافت أن هناك مخاوف أيضا من هيمنة العسكر، الذي تلاشت شرعيته لأسباب عديدة أهمها «انتهاك حقوق الإنسان، التي لا يمكن أن تصدر أبدا من جيش تابع لدولة ديمقراطية أو يريدها»، بحسب قولها.

ومع التخبط الذي بدأ منذ اتجاه «العسكري» لطرح التعديلات الدستورية في استفتاء شعبي، والذي أخد الثورة إلى اتجاه مخالف تماما عنه في تونس، بدأ الإعلام الأوروبي يركز على تغطياته في أحداث ماسبيرو، على انتقاد إدارة المجلس للأزمة، واتهامات الأقباط له بإشعال الموقف، من خلال تساهله مع من يشنون هجمات ليس عليهم وحدهم، «بل أيضا على المسلمين المعتدلين».

وذهب المنتقدون للمجلس إلى أنه ربما يتعمد ذلك «لإثارة فوضي تؤدي لاستمرار بقائه في الحكم حتى 2014»، الأمر الذي جعل صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه» الألمانية تعدد ما أسمته بـ«الحصيلة المرعبة لحكم المجلس العسكري من محاكمات عسكرية للمدنيين، ومد قانون الطواريء، وتهديد منظمات المجتمع المدني بتهم الخيانة، وفي الوقت نفسه، ترك البلطجية المعروفين»، بحسب الصحيفة.

وتحدثت الصحيفة عن تعمد المجلس «عدم إسقاط النظام، إضافة إلى تناقض شهادة المشير طنطاوي أمام المحكمة مع ما أعلنه هو نفسه بالفيديو حول صدور أوامر له بقتل المتظاهرين».

ووصلت الانتقادات ذروتها بعد مذبحتي شارع «محمد محمود» و«مجلس الوزراء»، مع نشر صور تعرية الفتاة المسحولة في الصفحات الأولى لغالبية الصحف الأوروبية الكبرى، ثم تهديدات اللواء عبد المنعم كاطو، التي هدد فيها بحرق «أولاد الشوارع» من المتظاهرين «في أفران غاز هتلر».

هذه الأحداث تزامنت مع انتخابات رحبت بها الأوساط السياسية في أوروبا والمراقبون، لدرجة جعلت الكاتب البريطاني، روبرت فيسك، يكتب أنه «على أي دولة أوروبية أن تشعر بالخزي والعار»، على حد تعبيره، من كثافة الإقبال الشعبي على صناديق الاقتراع.

لكن «فيسك» بالمقابل رأى ككثيرين أن «شرعية البرلمان القادم تبدو منقوصة، في ظل عدم وجود صلاحيات حقيقية له، لتظل الهيمنة بالنهاية للعسكر».

الأمر نفسه أيده المحلل الألماني، راينر هيرمان، مضيفا أن الوضع السياسي المصري بات «فوضى منظمة عسكريا»، وذلك من خلال «تفصيل قانون انتخابي» لمصلحة المجلس الحاكم، وهو ما انعكس في إصرارهم على إبقاء مادة «50% عمال وفلاحين»، غالبيتهم العظمى في واقع الأمر من لواءات الجيش، إضافة «للتعاون غير المعلن صراحة بين العسكر وجماعة الإخوان المسلمين المكتسحة للبرلمان المقبل»، حسب قوله.

وأججت تلك الأوضاع الصراع بين الأطراف الثلاثة، المجلس العسكري المتآكلة شرعيته، والبرلمان منقوص السيادة، وميدان التحرير، الذي أنهكته المليونيات، وتعرض للتشويه من قبل الانتخابات والإعلام الموجه، بحسب «فيسك»، الذي يؤكد في الوقت نفسه أنه «رغم كل شيء، روح التحرير لم تتبخر، لأن الثورة لم تقم لتسليم السلطة للمجلس العسكري».

ولعل التحليل الذي خرج به الباحث الألماني، كارستن فيلاند، لقناة «دويتشه فيلله» الألمانية غداة تنحي مبارك من شأنه أن يلخص المواقف الأوروبية من المصدر الأحق بالشرعية في مصر ما بعد ثورة 25 يناير.

فبين إبداء إعجاب لا محدود بثورة الشعب السلمية، «الذي أثبت أنه ناضج للديمقراطية»، وإعجاب «متحفظ مشروط» بالمجلس العسكري، الذي هو إحدى مؤسسات مبارك لعقود، طالب فيلاند المجلس بالحرص على تنفيذ مطالب شعبه، رغم تعارض ذلك مع مصلحة الأنظمة الأوروبية، التي قد يكون من الأفضل لها التعامل مع نظام عسكري عن التعامل مع أنظمة ديمقراطية، خاصة حينما يتعلق الأمر بتخوفها على المصالح الإسرائيلية في المنطقة، بحسب فيلاند.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية