ارتفعت أسعار برميل النفط لخام برنت، الخميس، متجاوزة 75 دولارًا للبرميل، للمرة الأولى فى 2019، عقب تشديد العقوبات الأمريكية على بيع النفط الإيرانى، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوى، أمس، إن إيران لن تسمح لأى دولة بإحلال مبيعاتها النفطية فى السوق العالمية، بعد أيام من مطالبة الولايات المتحدة المستوردين بوقف شراء الخام من طهران، بدءًا من مايو المقبل، وإلا واجهوا عقوبات أمريكية، مُنْهِية بذلك الإعفاءات التى كانت قد منحتها لـ8 دول، غالبيتها فى آسيا، وهى من كبار زبائن النفط الإيرانى.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت إلى ذروتها عند 75.4 دولار للبرميل، مرتفعة 0.4% عن أحدث إغلاق لها، وسجلت عقود الخام الأمريكى غرب تكساس الوسيط 65.94 دولار للبرميل، مرتفعة 5 سنتات عن التسوية السابقة.
وقال المتعاملون إن «برنت» يستمد دعمًا من وقف صادرات النفط الروسى إلى بولندا وألمانيا عبر خط أنابيب بسبب مشاكل تتعلق بالجودة. ويأتى قرار الولايات المتحدة لمحاولة خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، وسط تخفيضات للمعروض بقيادة منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» منذ بداية السنة بهدف رفع الأسعار، ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار برنت نحو 40% منذ يناير الماضى.
من جانبه، قال برايان هوك، الممثل الأمريكى الخاص لإيران: «يوجد معروض وفير فى السوق لتخفيف أثر ذلك الانتقال وإبقاء الأسعار مستقرة»، موضحًا أن العقوبات على طهران حرمتها من أكثر من 10 مليارات دولار من إيرادات النفط. وأضاف «هوك»: «قبل العقوبات، كانت إيران تحقق إيرادات تصل إلى 50 مليار دولار سنويًا من النفط، نقدر أن عقوباتنا حرمت النظام بالفعل من أكثر من عشرة مليارات دولار منذ مايو 2018».
وقالت وكالة «بلومبرج» الأمريكية إن شركات الطاقة الأمريكية فى تكساس وأوكلاهوما وكاليفورنيا باتت من أكبر المستفيدين من العقوبات الأمريكية.
وأوضحت أن تلك الشركات أضافت مليارات الدولارات إلى قيمتها السوقية، بعد إعلان واشنطن إنهاء الإعفاءات الممنوحة لدول من عقوباتها على طهران.
وعاودت واشنطن فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية، فى نوفمبر الماضى، بعد أن انسحب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من الاتفاق النووى بين إيران و6 قوى عالمية فى 2015 بهدف كبح برنامج طهران النووى، لكن واشنطن سمحت فى البداية لأكبر 8 مستوردين للنفط الإيرانى بمواصلة الاستيراد على نطاق محدود لمدة 6 أشهر. وأوقف أكبر مشترين للنفط الإيرانى، وهم الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان وتركيا وتايوان واليونان وإيطاليا، الاستيراد، رغم حصولهم على إعفاءات، والصين، أكبر مشترٍ للنفط الإيرانى، انتقدت إعادة فرض العقوبات الأمريكية، فيما عبّر مسؤولون أمريكيون عن ثقتهم بأن الصين ستتمكن من إيجاد إمدادات بديلة للنفط الإيرانى، وقبل معاودة فرض العقوبات، كانت إيران واحدة من أكبر 5 مصدرين فى «أوبك» بحوالى 4 ملايين برميل يوميًا، وانخفضت الصادرات الإيرانية إلى نحو مليون برميل يوميًا فقط.
وقال رئيس جمعية البترول اليابانية، تاكاشى تسوكيوكا، إن قرار الولايات المتحدة عدم تمديد الإعفاءات التى منحتها فى السابق من العقوبات المفروضة على استيراد النفط الإيرانى لن يسبب اضطرابًا فى الإمدادات لليابان لأن شركات التكرير تدبر إمدادات بديلة. وقال: «لا يُتوقع شح فى أسواق النفط، حيث من المنتظر أن تتعاون الولايات المتحدة مع السعودية والإمارات لإبقاء إمدادات النفط إلى الأسواق العالمية مستقرة»، بينما قال وزير الطاقة السعودى، خالد الفالح، إن الصين لم تطلب بعد مزيدًا من النفط الخام، وأوضح أن إنتاج المملكة كان مستقرًا تقريبًا فى حدود 9.8 مليون برميل يوميًا أو ربما أقل، فيما قال بيورنر تونهاوجن، مدير أبحاث النفط: «إن السعودية وعددًا من حلفائها لديها طاقة إحلال تتجاوز فاقد الصادرات الإيرانية». وأضاف: «منذ أكتوبر 2018، خفّضت السعودية وروسيا والإمارات والعراق الإنتاج 1.3 مليون برميل يوميًا، بما يكفى وزيادة لتعويض الفقد الإضافى».
وبدوره، قال وزير الخارجية الإيرانى، محمد جواد ظريف، إنه لا يعتقد أن ترامب يريد حربًا مع إيران. وأضاف أنه ربما «استُدرج» من قِبَل «الفريق باء» للدخول فى صراع مع طهران، موضحًا أن عضوى هذا الفريق هما مستشار الرئيس الأمريكى للأمن القومى، جون بولتون، ورئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو.
وأكد: «دعونى أقلها واضحة: إن إيران لا تسعى لمواجهة، لكنها لن تهرب من الدفاع عن نفسها، وستتصرف بحكمة إزاء السياسات الأمريكية الخطيرة، وستظل تسمح للسفن الحربية الأمريكية بالمرور فى مضيق هرمز، الذى يعبر منه ثلث إنتاج النفط العالمى».
ووصف «ظريف» قرار ترامب إدراج الحرس الثورى الإيرانى على لائحة الإرهاب بأنه «أحمق». وألمح إلى أن إيران لا تعتزم الرد عسكريًا ما لم تغير الولايات المتحدة قواعد الاشتباك التى تحكم كيفية تعاملها مع القوات الإيرانية. وتابع «ظريف»: «سنتحلى بالحكمة، لكن هذا لا يكون إلا إذا غيرت الولايات المتحدة قواعد اللعبة».
وكان الرئيس الإيرانى حسن روحانى وبعض كبار القادة العسكريين قد هددوا بعرقلة مرور شحنات النفط القادمة من دول الخليج إذا حاولت واشنطن عرقلة صادرات النفط الإيرانية. وأوضح «ظريف» أن إيران ستظل يقظة فى سوريا والعراق بعد أن أنفقت موارد للقتال، مضيفًا: «لن نتخلى ببساطة عن ذلك.. ذلك القتال».
وأشار إلى أن بلاده ستُبدى مرونة أمام العقوبات الأمريكية، وقال: «أعنى أن هناك دائمًا سبلًا للالتفاف حول العقوبات، نحمل دكتوراه فى ذلك المجال».
وأقر بأن العقوبات تضر بالمواطن، وأن الحكومة ستبذل قصارى جهدها لبيع النفط لدعم مواطنيها.