تمر الساعات ويشعر بها لاعبو ليفربول الإنجليزي كما لو أنها عقود أو قرون، كم ثقيل الانتظار بين ثانية وأخرى حين تترقب مصيرك، تلك اللحظة التي تعرف فيها الحقيقة وتواجه فيها الواقع. الليلة، يصطدم منافسهم الأول على الدوري الإنجليزي مانشستر سيتي مع ابن مدينته مانشستر يونايتد، ربما كان بإمكانهم تفادي تلك اللحظات القاتلة، لكنه ليس وقت البكاء على الماضي، 90 دقيقة قد ترسم ملامح المستقبل القريب لفريق قاتل للعودة لرفع الكأس الذي غاب عن خزائنه طوال 29 عامًا ولايزال الكأس يرفض التخلي عن عناده بسهولة، كم هي مشاعر غريبة أن تضطر لتشجيع الغريم، الخصم الذي نشأت على رفضه وتمني خسارته دائمًا، اليوم تقف في صفه وتحارب بجانبه، ربما ليس على أرض الملعب ولكن بقلبك وكم هي مرهقة حرب القلوب، ولكن هل حقًا ستحارب أم أنك عاجز حتى عن خوض تلك الحرب؟
«لن أشاهد المباراة»، قالها جيمس ميلنر، قائد الريدز، لا يبدو أن قلبه يتحمل ألم الترقب، «إنه إهدار للطاقة أن تأمل دخول الكرة في المرمى الآخر، ليس لدي أي فكرة عما سأفعله، ربما سأخرج لتناول الطعام».. «هي المرة الأولى في حياتي التي أشجع فيها اليونايتد».
كم أصبحت معقدة تلك المباراة، كما لو أن الصراع بين أبناء مانشستر ليس كافيًا لإشعال فتيل الإثارة فيها، ليفربول يأمل في فوز اليونايتد لإيقاف السيتي والاقتراب من اللقب، والسيتي يدخل باحثًا عن فوز يعيد له الصدارة ويرفع به أعلامه حاكمًا لمدينته، أما اليونايتد فأي معضلة يعيش، فوزه يعني تقريب عدوه الأزلي من تحقيق البطولة، لكنه أيضًا يمكنه من رفع رأسه وسط أبناء مانشستر، أما خسارته فتعني تقريب غريمه اللدود وابن مدينته من الفوز بالبريميرليج، كما تبعده عن صراع المربع الذهبي المؤهل لدوري الأبطال، فيما يبقى التعادل في صالح ليفربول لكن ليس في صالحه هو، إذ يعرقل طريقه إلى المركز الرابع أيضًا، ما يعني أن أي نتيجة لمانشستر يونايتد، الليلة، تحمل في طياتها خسارة ما.
الخسارة، كم ستكون موجعة لجماهير ليفربول إذا خسر مانشستر يونايتد؟ نعم، لا تندهش ولا تتعجب فقد أتى اليوم الذي نسأل فيه هذا السؤال الغريب، من كان يتخيل أن نسأله يومًا ما؟ لكن الخسارة ربما هي الاحتمال الأكبر قياسًا بتاريخ مواجهات الفريقين على مسرح الأحلام أولد ترافورد مؤخرًا في الدوري الإنجليزي، إذ لم يستطع الشياطين الحمر تحقيق الفوز على السيتيزنز في آخر 8 مواجهات جمعتهما في البطولة على ملعب أصحاب القميص الأحمر سوى مرتين فقط.
تواجه الفريقان في 8 مباريات على أولد ترافورد منذ بداية العقد الجديد موسم 2010-2011، نجح اليونايتد في حسم أولها لصالحه بنتيجة 2-1، إلا أن الموسم التالي كانت النتيجة فيه كارثية إذ تلقى هزيمة وسط جمهوره بسداسية مقابل هدف واحد، واستمر الانكسار الأحمر لموسمين تاليين بنتيجتي 2-1 و3-0.
وفي موسم 2014-2015، استطاع اليونايتد كسر الهيمنة السماوية على ديربي مانشستر وتحقيق الفوز 4-2، وربما كانت الجماهير تمني نفسها باستمرار التفوق في السنوات التالية، لكن الحقيقة أتت عكس ذلك، ففي الموسم التالي حسم التعادل السلبي نتيجة المباراة على أولد ترافورد، قبل أن يعود السيتي للسيطرة مجددًا بفوزين متتاليين في موسمين متتاليين على مسرح الأحلام بالنتيجة نفسها 2-1.
ولن يكون أولد ترافورد، الليلة، مسرحًا لأحلام الشياطين الحمر كما هو معتاد، بل سيكون مسرحًا لأحلام ألد خصوم الفريق، أحدهما سيكون على أرض الملعب والآخر يترقب خارجه، فهل يرفع أبناء أولي جونار سولسكاير رايتهم الحمراء على مدينة مانشستر ليكسروا سيطرة السيتي على الديربي في العقد الأخير، مقدمين هدية لليفربول، أم ينحاز الشياطين الحمر لأبناء مدينتهم ليحطموا آمال وأمنيات محمد صلاح وزملائه؟