x

«عن الحب والفن».. فاروق حسنى يتذكر

الخميس 18-04-2019 19:50 | كتب: محمد البرمي |
ندوة فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق بمكتبة الإسكندرية - صورة أرشيفية ندوة فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق بمكتبة الإسكندرية - صورة أرشيفية تصوير : محمود طه

لا يفضل فاروق حسنى كتابة مذكراته لكنه كشف العديد من ذكرياته وتفاصيل هامة من رحلته التى بدأت من الأنفوشى بالإسكندرية مروراً بباريس وروما إلى أن وضع الرحال لأكثر من عقدين فى وزارة الثقافة ثم معتكفاً على فنه بعد ثورة يناير 2011.

رحلة غنية بالتفاصيل المدهشة وثقتها الكاتبة انتصار دردير فى حوار مستمر بينها وبين أحد أهم وزراء الثقافة فى تاريخ مصر فى كتاب حمل اسم «فاروق حسنى يتذكر .. زمن من الثقافة» الصادر عن دار نهضة مصر بداية 2019.

وكانت نهضة مصر قد أقامت حفل توقيع ومناقشة للكتاب قبل أيام حضره لفيف من الشخصيات العامة سياسية وأدبية وإعلامية، ومن سيرة فاروق حسنى نعرف أنه من مواليد الإسكندرية 1938، وحصل على بكالوريوس الفنون قسم الديكور، بجامعة الإسكندرية، شغل العديد من المناصب كان آخرها منصب وزير الثقافة، حيث كان صاحب أطول حقبة وزارية، فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، بعد أن تولى الوزارة عام 1987 وحتى 2011، وقد ترشح لمنصب مدير منظمة اليونيسكو عام 2009.

يقول فاروق حسنى فى تقديمه للكتاب: «يعلم الجميع ممن يطالبونى بتسجيل مذكراتى أن الإجابة دائماً هى الرفض».

كان مهماً أن نشير إلى ما قاله فاروق حسنى حول رفضه كتابة مذكراته، وهو ما يفتح الباب أمام الكثير من الأسئلة التى ظننت أن الكتاب لن يكون بمقدوره الإجابة عنها فالرفض يعنى التحفظ لكن بمجرد المرور إلى الفصول الداخلية فى الكتاب البالغ عدد صفحاته أكثر من 300 صفحة وجدت إجابات وتفاصيل تكاد تكون مذكرات بالفعل وليست مجرد حوار.

23 عاماً و3 أشهر و13 يوماً هى عمر فاروق حسنى فى وزارة الثقافة بدأها فى أكتوبر 1987 سنوات شهدت معارك وأزمات وصدامات والكثير من الإنجازات ومسيرة بدأت من العمل كموظف صغير فى قصر ثقافة الأنفوشى ثم مدير له، أعقبها 18 عاماً قبل الوزاره قضاها بين فرنسا مديراً للمركز الثقافى المصرى فى باريس ثم إيطاليا وكيلاً ورئيساً للأكاديمية المصرية للفنون بروما وخلال تلك السنوات صار «حسنى» فناناً تشكيلياً شهيراً فى أوروبا تعرفه الأوساط الثقافية بها، وعرضت أعماله داخل أكبر متاحف العالم.

سنوات ربما أثير فيها جدل كبير غضب فى بعض الأحيان لكنها حملت أيضاً إنجازات يصعب عدها منها «42 متحفاً» و145 مكتبة، بخلاف قصور الثقافة فى كل قرى ونجوع مصر، وحملات كبيرة لترميم الآثار المصرية وتطويرها وتأسيس المهرجانات الفنية كمهرجان القلعة والموسيقى العربية والمسرح التجريبى ومهرجان الإسماعيلية للأفلام وغيرها، بالإضافة إلى مراكز الترجمة وافتتاح الأوبرا بعد سنوات الإغلاق بسبب حريق، تأسيس مسرح الهناجر ومركز الإبداع الكثير من النجاحات.

هنا يظهر ما كان مخفياً فى حياة فاروق حسنى بفعل المنصب ونظرة الناس له كفنان أو وزير أما عن الجزء الإنسانى فربما لا يعرف الكثير أن «الصغير فاروق حسني» تيتم فى التاسعة من عمره برحيل الأب وجدت الأم نفسها مسؤولة عن ثلاثة أولاد وثلاث بنات كان فاروق فى التاسعة من عمره وترتيبه الخامس بين إخواته، ولا يتذكر من أبيه الكثير سوى «الهيبة وقوة الشخصية» عاشت الأم متفرغة لرسالتها رفضت أن تتزوج كانت تدهشه بقراراتها إلى الحد الذى ظن معه أنها لا تحبه لكنه كان مخطئا، بمرور الوقت تشكلت ثقافته بسببها هى تحب الفن والموسيقى والشعر والرسم، كانت أنيقة وتحب العطور حتى إنه ما يزال يتذكر زجاجة الـ«كريستان ديورو».

لم يكن اختيار فاروق حسنى أمراً سهلاً أو يمر بشكل هادئ فقد أثار جدلاً كبيراً وهو ما أطلق عليه الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين «عاصفة فاروق حسنى» لاعتراض بعض المثقفين عليه والذى خرج من حيز التقييم المهنى إلى التجريح الشخصى، وكانت سابقة هى الأولى، فقد كان بعض الأدباء يريدون اختيار أحدهم فكتب على سبيل المثال الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوى «نحن لا نقبل هذا الوزير.. ولا نعرف من يكون».

يتطرق الكتاب إلى العديد من الأزمات الشهيرة التى عاشها فاروق حسنى بين جنبات وزارة الثقافة لعل أهم ما يذكره «الوزير» فتنة الحجاب 2006 والتى شنت بعض القوى السياسية وخاصة جماعة الإخوان (فى الفترة التى شهدت تواجد الجماعة بعدد كبير فى البرلمان)، وقتها صرح «فاروق»: «الحجاب عودة للوراء وهذا رأيى بصراحة، خلق الله النساء لكى تكون الزهور اللامعة والرجال الأشجار الغليظة، فكيف نحرم الحديقة من زهورها». ازداد لهيب المعركة داخل أروقة مجلس الشعب وثارت الصحف، وقتها قال فاروق حسنى: «سأعتكف فى بيتى حتى يرد لى الاعتبار».

وبالطبع لم يغفل الكتاب التطرق للواقعة الشهيرة التى وقعت فى مؤتمر الرواية العربية عام 2003، والاعتذار العلنى للروائى الكبير صنع الله إبراهيم عن قبول الجائزة وفى سياق إجابته على السؤال الذى وجهته له انتصار الدرديرى قال فاروق حسنى إن ما فعله صنع الله إبراهيم ما هو إلا «شو» وأنه باحث عن «شهرة» فهو «غير معروف على المستوى الشعبى».

بعيدا عن الثقافة كان لفاروق حسنى إسهامات فى مجالات أخرى نابعة من تفكير الفنان فكان هو من اقترح إقامة نفق الأزهر وأيده فى ذلك الرئيس الأسبق حسنى مبارك وقرينته سوزان مبارك كما اقترح إقامة طريق استثمارى حر بصعيد مصر بمحاذاة النيل متنقلا من ضفة إلى أخرى على طول خط الصعيد حيث توجد غابات النخيل والنيل والآثار ويستحدث أبوابا عديدة للرزق.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية