تراهن وزارة التربية والتعليم على التابلت في نجاح النظام الجديد للثانوية العامة، الذي بدأ تطبيقه على طلاب الصف الأول هذا العام. ويعتمد على تغيير الامتحانات، لقياس الفهم والذكاء بدلا من الحفظ، ويكون الامتحان بواسطة التابلت بما يضمن القضاء على التسريب والغش. هذا ما تطمح إليه الوزارة. وأعتقد أن ذلك لا يشوبه شىء. لكن إذا تقرر إلغاء ذلك والعودة إلى النظام القديم، ما موقف الطلاب وأولياء أمورهم؟
ولتكن البداية مع أولياء الأمور، الذين جاءت إجاباتهم كالتالى: «يا ريت. وعليه كمان آيفون هدية- طبعا أكيد النظام القديم أفضل- يا ريت علشان الناس تستريح والنفوس تهدى- هادفع ألف جنيه وباقة ورد مع التابلت- موافق طبعا ياخدوه- موافقة على تطبيق النظام الجديد كله لكن بدون تابلت- لا طبعا مش موافقة، كفاية إنه خلصنا ولادنا من حفظ التاريخ والجغرافيا والعربى والفلسفة- ياخدوه وعليه تمنه كمان- أوافق طبعا، مالها الثانوية القديمة؟- لا مش موافقة بس نفسى يبقى زى اليوتيوب، يعنى عليه فيديوهات متنوعة للدروس والمدرسين، وليس مقصورا على الكتب المدرسية، وكمان طريقة البحث عليه صعبة- للأسف ما بقتش عارفة أقرر حاجة، ولا أعرف غير إن إبنى ما عملش به حاجة لغاية دلوقتى- التابلت لا يعنى لى سوى تخبط الأولاد وأولياء أمورهم». لكن المفاجأة كانت في إجابات الطلاب التي جاءت مغايرة تماما لأولياء الأمور: «لا طبعا أنا ما صدقت يبقى معايا تابلت- أنا موافق على التابلت، رحمنى من الحفظ- التابلت خلى السنة دى لذيذة جدا- رحمنى من الذهاب للمدرسة، علشان المدرسين مش فاهمين حاجة فيه- بطلت آخد دروس خصوصية، علشان المدرسين لسه بيشرحوا بالسبورة والطباشير- بيسلينى وأنا زهقان- والله نظام كويس، بس كنا محتاجين نتدرب أكتر عليه- لا طبعا أنا ما صدقت أخلص من كابوس التنسيق، والواحد من عشرة اللى ممكن يضيع كل أحلامى». صراع أجيال، من ناحية، ومن ناحية أخرى.. التكنولوجيا في مواجهة الإنسان. هذا تلخيص د. إبراهيم مجدى، استشارى الطب النفسى، للمشهد كاملا. حيث قال: منذ قيام الثورة الصناعية وحتى الآن، والناس ترفض كل ما هو جديد وتخشاه خاصة في عالم التكنولوجيا. لأنها تعنى له تقليل العمالة فلازم يواجهها ويرفضها. فرغم الكمبيوتر مازالت بعض الهيئات والشركات بل ووزارات تحتفظ بالأرشيف الورقى. كما أن أولياء الأمور غالبا تتراوح أعمارهم ما بين 40 و50 عاما، فهم لم يعاصروا التابلت أو التكنولوجيا بشكل جيد. فالأب والأم حتى الآن، يعتمدون على الورقة والقلم في حياتهم الشخصية. نعم حضروا التكنولوجيا لكن لم يتفاعلوا معها. وكذلك المدرسون، معظم أعمارهم تخطت الثلاثين، فالأسهل بالنسبة لهم الشرح بالقلم والطباشير. فالخوف من المواجهة وعدم القدرة على التغيير هما سبب خوف أولياء الأمور. علاوة على أنهم مازالوا يعانون من بعبع الثانوية العامة، وهذا التابلت مجهول بالنسبة لهم، فزاد البعبع لديهم. الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس، قال: «إن الثانوية العامة في النظام القديم عبارة عن مثلث تخلف، والتفوق فيها عبارة عن شىء وهمى. عكس نظام التعليم الجديد القائم على التقدم والجهد وقدرة الطالب على الفهم. فالطالب في النظام الجديد ستكون لديه قدرة على النقد والتعليم، والتلقى، والإبداع، خاصة أنه يؤهله للالتحاق بسوق العمل. لكن أولياء الأمور لا يفكرون بهذا الشكل، فكل ما يهمهم أن التعليم للامتحان وليس للحياة. وبمجرد تخرج أبنائهم، حتى في كليات القمة، يعودون للشكوى مرة أخرى، لأنهم لا يجدون فرص عمل. وهذا أمر مغلوط، لأنهم تعلموا فقط بالتلقين والحفظ دون اكتساب المهارات التي يتطلبها سوق العمل». وأضاف مستبشرا بالطلاب: هم الأمل والمستقبل الذي يعمل الجميع من أجله. فنحن نبنى إنسانا جديدا، ونمر ببداية جديدة. فعمر التابلت لم يتعد شهورا قليلة، ولا يمكن أن نحكم عليه الآن. فعلى أولياء الأمور أن يساندوا ويشجعوا أبناءهم، ولا يكونوا هم من يقتلون التجربة في مهدها. فالحلم الذي كنا نحلمه صار واقعا ملموسا، فلماذا نحاربه؟ فالتجربة في بدايتها ولا تستعجلوا الأمور والحكم عليها الآن.