تعنى «كاتدرائية نوتردام» باللغة العربية «كاتدرائية سيدتنا العذراء»، وهى أبراشية باريس، وتقع فى الجانب الشرقى من جزيرة المدينة على نهر السين فى قلب باريس التاريخى، ويمثل المبنى تحفة الفن والحضارة والتراث والعمارة القوطية، خلال القرن الثانى عشر حتى بداية القرن السادس عشر، وتعد من المعالم التاريخية ومثالا على الأسلوب القوطى، وجاء ذكرها كمكان رئيسى للأحداث فى رواية (أحدب نوتردام) للكاتب فيكتور هوجو، وتأسست الكاتدرائية فى موقع بناء أول كنيسة مسيحية وهى «بازيليك القديس استيفان»، التى كانت مبنية على أنقاض معبد جوبيتير الجالو-رومانى، والنسخة الأولى من نوتردام كانت كنيسة بديعة بناها الملك شيلدبرت الأول، ملك الفرنجة، عام 528، وأصبحت كاتدرائية باريس فى القرن العاشر بشكلها القوطى، وترتفع قبة الكنيسة إلى 33 متراً، وهى من المبانى الأولى فى العالم التى استخدمَت الدواعم الطائرة، ووضعت العديد من التماثيل بالخارج كدعم للعمود، ويتدفق منها المياه، ومن بين التماثيل «الجرغول» الشهيرة، المصممة لمياه الأمطار، والتركيبات، كانت التماثيل فى الأصل ملونة، وكان معظمها بالخارج، لكن الطلاء تقشر فيما بعد، ويوجد بالكاتدرائية مكان ضيق للتسلق مكون من 387 درجة، وتظهر فى الجزء العلوى بشكل حلزونى، على طول التسلق يمكن رؤية التماثيل والأجراس الأكثر شهرة.
وشيدت كاتدرائية نوتردام فى القرن الثالث عشر الميلادى، وبدأت ممارسة الشعائر الدينية فيها حتى الآن، ولا يوجد مكان يمثل فرنسا مثل نوتردام، ومنافسها الوحيد بين الرموز الوطنية الفرنسية هو برج إيفل، الذى بُنى قبل أكثر من قرن، وتقف كاتدرائية نوتردام شامخة فى باريس، وأطلق اسم هذا المعلم الأهم فى فرنسا حرفيا على إحدى روائع الأدب الفرنسى، مسرحية فيكتور هوجو «أحدب نوتردام»، وهى المعروفة بالفرنسية بكاتدرائية «نوتردام دو بارى»، وكانت المرة الأخيرة التى تعرضت فيها الكاتدرائية لأضرار بالغة أثناء الثورة الفرنسية، عندما انتهكت تماثيل القديسين على أيدى متهورين من المعادين للأديان، لكن المبنى صمد أمام ما تعرض له أثناء الثورة الفرنسية الرابعة عام 1871، وعبر حربين عالميتين دون أن يمسه سوء، فالكاتدرائية من المعالم القليلة التى يمكن أن تشعر الباريسيين بالسعادة لمجرد أنهم من سكان المنطقة، والكاتدرائية ليست فقط الأكثر شعبية بين المعالم السياحية فى غرب أوروبا، فبعد أن مر على بنائها ثمانية قرون، لا تزال نوتردام مكانا للعبادة، إذ يُقام فيها حوالى 2000 قداس ومناسبة دينية سنويا، مع ذلك، تتجاوز أهمية هذا المكان كونه مزارا دينيا وتجذب 14 مليون سائح سنويا، ويعد تدمير برجها وسطحها خسارة فنية لفرنسا لا تقدر بثمن وأصابت العالم بذهول.