3 مشاهد ترسم العلاقة المحرمة بين الفن والدين.. الأول بدأ طبيعيا أو قل منطقيا: «لا علاقة للفن بالدين»، حيث لا رابط بينهما.. يأتى المشهد الثانى ليغير قليلا فى الأول: «الفن يخدم الدين، لأنه رسالة لذا لا مانع من أعمال فنية دينية».. فيرتد المشهد الثالث إلى نقطة أبعد ما تكون عن المشهدين: «الفن والدين نقيضان لا يجتمعان». لكل مشهد من المشاهد الثلاثة مرحلة فنية تدعمه، أو قل هناك اتجاه مجتمعى يؤيده، ومنذ انطلاق ثورة يناير والحديث لا ينقطع عن شكل الفن فى تلك الدولة التى تنطلق نحوها مصر وبقوة- الدولة الدينية- بغض النظر عن عناصر هذه الدولة سواء كانت «سلفية أو إخوانية أو حتى جماعات إسلامية» أو مدنية بمرجعية دينية.. ربما يبدو قلق الفنانين والمبدعين من هذه الدولة منطقيا، يتفق والخوف الأكبر الذى يعانيه كل مواطن، أو على الأقل ينبع من حالة التجاهل التى تعمدتها أغلب التيارات الدينية تجاه موقفها من الفن، إذ أعلنت أغلب هذه التيارات مواقفها من الأقباط ومشاركة المرأة سياسيا، وبلعت «لسانها» فى الحديث عن الفن، مما زاد موقفها تجاهه غموضا. هنا مواجهة بين الفريقين، ما يمكن أن نسميه خوف المبدعين، وتوجه التيارات الإسلامية، والمبدعين يتوقعون المواجهة ويخشونها، والتيارات الدينية مستعدة لها بل تترقبها.
مستقبل الفن فى الصندوق الأسود لـ«الإخوان» و«السلفيين»
لا تجد إلهام شاهين ما يدعو للتفاؤل بالحالة الموجودة فى الشارع المصرى، وحسب قولها «ما نعرفه عن الإخوان كمثال لا يعكس حقيقتهم كاملة»، لذا لم تتردد وهى تقول: الإخوان للأسف ليسوا منفتحين على الآخر، وما نسمعه عنهم من أيام النظام السابق لا يعكس توجهاتهم، وحتى هذه اللحظة ورغم كل المتغيرات التى مرت بمصر لم نسمع وجهة نظرهم فى الفن، وهذا لا يدعو إلى التفاؤل، وبصراحة شديدة أخشى من الضغوط التى تمارس على الفن باسم الدين، فكيف أقدم شخصية ما فى السينما أو الدراما وأنا أعلم أن بعد العرض ستفتح علىّ أبواب جهنم وأواجه اتهامات عديدة.. يجب عندما أقدم شخصية أن أوضح كل جوانبها شرها وخيرها لأن الفن غير مباشر بطبيعته، فهل سيوافق الإخوان على ظهور مشاهد للرقص وشرب الخمر فى الأعمال الفنية؟.. وإذا لم نقدم الأخطاء بكل تفاصيلها لا يكون ما نقدمه فناً.
إلهام أكدت أن مصر تفتقد الرؤية الواضحة لكل شىء، وقالت: معظم الناس بتعيش اليوم بيومه، ومحدش عارف إيه اللى هيحصل بكره، وإذا ضاقت سوق العمل الفنى فى مصر بسبب الإخوان وغيرهم من التيارات الدينية، فمن السهل علينا التوجه للخليج ولبنان، وسبق أن حدث هذا بعد نكسة 67.
ولا تجد إلهام مبرراً للاتهامات التى يوجهها البعض للفنانين بالتقاعس عن المشاركة السياسية والحوار الوطنى والوفود الشعبية والائتلافات، بل اعتبرت أن هذا الدور بعيد تماما عن الفنان، وهو ما عبرت عنه: مش دورى إنى ألعب سياسة، وبصراحة لا أحب العمل فيها، دورى لا يزيد على مجموعة رسائل أقدمها لجمهورى من خلال الشىء الوحيد الذى أتقنه وهو الفن، بدل اللف على المؤتمرات.
الخوف والقلق الذى أبدته إلهام شاهين، بدده أحمد راتب، فالإخوان والسلفيون فى نظره هم أكثر الناس حباً لمتع الحياة، بل إنه يصفهم: «معظمهم متجوز من أربعة وإذا وجد بنت حلوة وصغيرة من الممكن أن يطلق إحدى زوجاته ويتزوجها».. وما يحدث فى المجتمع منهم كله كلام من فوق الوش لن يؤثر على البلد فى شىء، ولا على الفن، وفكرهم لن يتطرق لتحريم الفن، لأنهم بطبعهم بيحبوا الأكل والزواج ومتع الحياة، فضلا عن أنهم من مدمنى مشاهدة الأعمال الفنية دون حرج أو خجل.
من الظل إلى الضوء هكذا انتقل الإخوان وغيرهم من التيارات الإسلامية من وجهة نظر راتب، حيث كانوا يعملون فى صمت أيام النظام السابق، لكنهم بعد الثورة انكشفوا- حسب وصفه لهم، وكل واحد من حقه أن يعبر عن رأيه دون حرج، وفى النهاية من الممكن الاستفاده من الإخوان أكثر من أى تيار دينى آخر، لأنهم الأكثر تنظيماً، ومنهم أطباء ومهندسون وأصحاب رأى وفكر، أما السلفيون فمنطقهم لن يتماشى مع ثقافة المجتمع المصرى بل إن المصريين جميعا تقريبا ضد أفكارهم، والتى أعتقد أنها ستدفع الناس إلى الإنصراف عنهم، وأريد أن أسألهم كيف يعيش المصريون دون أضرحة؟.. لقد اكتشف الجميع أن كلامهم وأفكارهم مرسلة لا معنى لها.
راتب دلل على رأيه بأن أغلب طلبات الإحاطة التى كانت تلاحق الفنانين وأعمالهم كانت من قبل النواب الإخوان، وهو ما يدل على متابعتهم الجيدة للأعمال الفنية، وقال: «الفن طول عمره محاط بطلبات إحاطة ودعاوى قضائية، وتأتى الأحكام النهائية فى صالح الفن، إذن لا مشكلة من وجود الإخوان أو السلفيين فى المجتمع أو حتى فى مجلس الشعب.
القلق الذى بدده راتب، أعاده عزت العلايلى إلى الضوء مرة أخرى، عندما أكد أن التحريم فى الفن كان يتم بشكل ارتجالى قبل ظهور الإخوان والتيارات الدينية بهذه القوة فى المرحلة الأخيرة، واعتبر أن وجهة النظر الرسمية للإخوان كمثال فى الفن لن تتضح إلا بعد إعلان ورقة حزبهم «الحرية والعدالة»، بشكل رسمى وتفعيل الحزب، خاصة أنهم أعلنوا موقفهم فى أمور كثيرة تتعلق بالمسيحيين ووضع المرأة ولم يعلنوا موقفهم من الفن بعد، ورغم هذا لا أشعر بقلق كبير من وجودهم فى الساحة، بل لدى يقين أنهم سيكونون عقلاء تجاه الفن، لأنه جزء أساسى من المجتمع، لكن الأزمة من وجهة نظر العلايلى تكمن فى السلفيين، وحسب وصفه لهم: «حتى الآن لم يظهروا أى ورقة من أفكارهم ولم يتكلموا عن أى شىء فى المجتمع حتى نراهم، ولا أدرى متى يعلنون عن مواقفهم الحقيقية، هل بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وضمان مقاعد وتمثيل برلمانى، وهل وجهة نظرهم سياسية فحسب، أم تضم كل مناحى الحياة من فن ودين وسياسة ومجتمع؟.. كل هذا لم يتضح بعد، ويجب على السلفيين أن يبرزوا أوراقهم حتى نراهم».
وعزفاً على نغمة مختلفة، اعتبر الكاتب يسرى الجندى حجم الإخوان والسلفيين الذى تمنحه لهما وسائل الإعلام زائفاً وغير حقيقى، وقال: «لا أخاف من الإخوان فهم جزء من المجتمع المصرى، الخوف الحقيقى فى وجهة نظرى يجب أن يكون من أعضاء الحزب الوطنى فهم أخطر بكثير من الإخوان، لأن الجماعة وأغلب التيارات الدينية تضم شباباً يطرحون أفكاراً جديدة ومختلفة ولهم رؤية». وأضاف: «ما يحدث فى مصر أخطر بكثير من مد الأخوان على الفن، وربما يكون الانشغال بالفن والإخوان يتم حتى ننسى تأجيل محاكمات كبار المسؤولين فى النظام السابق كما أن غياب الوعى السياسى والثقافى عن المجتمع أخطر من تواجد الإخوان والسلفيين فى المجتمع، المهم أن تعرف حتى يمكنك أن ترفض أو تقتنع عن وجهة نظر».
«طول عمرهم بوشين» هكذا وصفهم لينين الرملى دون مواربة، ودلل على عدم وعى الإخوان بشعاراتهم التى يرفعونها، وقال: الإخوان والسلفيون يقولون نريد دولة مدنية ذات مرجعية دينية، ومصطلح دولة مدنية يعنى أنها دولة قائمة على العلم، ومصطلح مرجعية يعنى أن أساسها دينى، فكيف تريد دولة علمية ذات مرجعية دينية، وكيف نضع العلم فى مواجهة الدين؟
الرملى أكد أن توغل التيارات الدينية فى مصر سيؤثر سلباً ليس على الفن فحسب، بل على الاقتصاد والسياسة ومن الآخر هيوقف كل شىء، وقال: «لقد حدث هذا من قبل فى سبعينيات القرن الماضى، عندما صنع الإخوان والسلفيون تيار السينما النظيفة، ودفعوا ملايين الجنيهات من أجل حجاب بعض الفنانات، كما أنهم يملكون إمكانيات مادية ضخمة تجعلهم يتعمقون فى إنتاج الأعمال الضخمة، وأعتقد أن التيار الدينى سيمتد بشكل أعمق فى السينما والدراما.. الرملى أكد أيضا أن ظهور الإخوان بوجهين، وجه فى حواراتهم الخاصة ووجه إعلامى سيساعد فى هذه الحالة، خاصة مع عشقهم لتقسيم الأدوار فمنهم من يقول تصريحاً ومنهم من يكذبه من أجل الشو الإعلامى وإثارة الناس، وبهذا ينشرون أفكارهم بطرق غير مباشرة.
ولأن الشارع مهيأ لاستقبالهم، دعا الكاتب عاطف بشاى للتعامل مع التيارات الدينية «الإسلامية والمسيحية» بنوع من العقل، وأبدى اندهاشه من حالة الخروج عن الطوع التى انتشرت بين الأقباط والإخوان والسلفيين، وهو ما ينذر من وجهة نظره بدولة دينية يرفضها الكثيرون.. وقال: «حتى لو قبلنا بهذه الدولة، فأين معالمها؟.. وحتى لحظتنا هذه لا نعرف خطة الإخوان ولا السلفيين ولا حتى المسيحيين الداعين للدولة الدينية تجاه البلد، ولا نعرف توجهات واضحة تجاه ملفات مثل الفن على سبيل المثال».
بشاى اعتبر التصريحات التى يطلقها رموز الإخوان وآخرهم صبحى صالح تصب فى اتجاه القضاء على الفن إذا ما أصبحت الدولة دينية، أو حتى مدنية لكن بضغوط دينية شديدة مثل التى نتعرض لها الآن.
ويراهن الكاتب المسرحى محمود الطوخى على احتفاظ الفن بقيمته حتى فى ظل التيار الديني، مبررا: المناخ العام فى مصر والعالم العربى ضد الابتزال فى الفن، لذا لن يواجه الفن أزمة فى ظل المد الدينى الذى تعانيه مصر منذ انطلاق الثورة، وكلنا يعرف أن الفن ممنوع ومحرم فى عدد من الدول العربية، ليس لأنه حرام كما يعتقد البعض لكن لأنه يدعوا إلى الوعى والتغيير، لذا لا أعتقد أن التيار السلفى سيحرم الفن أو يقف ضده، لأنه يعى أهميته، والهدف من التيار السلفى هو هدف سياسى، ولكن من المطلوب أن يقدم أصحاب الصناعة أعمالاً ذات قيمة تحترم عقلية المشاهد الذى غير العالم خاصة أن العقلية المصرية والعربية تغيرت.
الطوخى أكد أنه لا خطورة من الصبغة الاسلامية على الفن، بل إنه لا يرى مانعا من عودة المسرح الإسلامى فى هذه الاجواء، حيث يراه ضرورة تتفق ورغبة الناس من بعد الثورة، بل إنه يراهن على نجاح هذا المسرح ليس فى تقديم أعمال فنية قيمة للجمهور، لكن أيضاً فى عودة الحياة للمسرح كأحد أشكال الفنون وأرقاها التى أضاعتها ثقافة ما قبل الثورة.
وهو ما رفضه المخرج المسرحى محمد عبدالسلام حيث قال: لا يوجد تعارض بين الفن الحقيقى والدين، ولا يمكن أن يرضخ الممثلون لوجود رقابة دينية على أعمالهم، رغم وجود تجاوزات فى بعض الأعمال فإنها لا تمنح السلفيين والإخوان وغيرهما الأحقية فى الرقابة الدينية على الفن. وأضاف: أعتقد أنه إذا حدث هذا، ستنطلق ثورة لا تقل فى حدتها عن ثورة يناير، لأن الفنانين لن يقبلوا التدخل الدينى فى أعمالهم.
ورهن د.سيد خطاب رئيس الرقابة على المصنفات الفنية حالة الخوف من تأثر الفن بوجود الإخوان والسلفيين بتحويل مصر إلى دولة دينية، وقال: «لا خوف من الإخوان أو السلفيين على الفن المصرى إذا سلم الجميع بأن مصر دولة قانون، فمثلاً مشكلة فيلم (المشير والرئيس) كان حكم المحكمة الإدارية العليا بأن الرقابة على المصنفات الفنية هى الجهة المختصة بشأن رفض أو إيجاز أى عمل فنى، إذن هنا ليس لأى شخص فى الدولة التأثير على تعطيل أو توقف عمل فنى سوى الرقابة، وأكد أن الخطر الحقيقى على الفن لن يأتى من الإخوان والسلفيين، بل من جماعة سمت نفسها «الرقابة الحسبية» وهى مجموعة أشخاص يقيمون دعاوى قضائية ضد أى عمل فنى باعتباره سبب لهم الضرر، سواء على أنفسهم أو على المجتمع، وهم قلة يبحثون عن الشهرة وغالبيتهم من المحامين، وأرغب فى أن تكون هناك مادة فى القانون لتحمى المبدعين من هؤلاء الذى يشوشرون على الأعمال الفنية ويثيرون البلبلة.
وأشار خطاب: أن مصر من أكثر الدولة العربية والإسلامية تديناً ومحافظة على قيمها وعاداتها وتقاليدها، والمجتمع والأزهر والرقابة أيضا ترفض أمور عدة منها تجسيد صور الرسل والأنبياء على الشاشة والعشرة المبشرين بالجنة، وغيرها من الأفلام التى تثير الغرائز والفتن والتى تضر بالصالح العام للدولة، كل هذا يطبق فى إطار قانونى، ولا يحتاج لتطبيقه إلى مد دينى معين، وأضاف: «وأنا بصفتى الوظيفية كرئيس الرقابة على المصنفات الفنية مش خايف من الإخوان والسلفيين، ولكن لا أنكر أن هناك تخوفاً عاماً من بعض المبدعين فى المرحلة المقبلة منهم وأقول لهم أهلا بكم فى الفن وأهلاً بالمنافسة الشريفة، ونريد تنوعاً فى الأفكار والرؤى إذا دخلوا مجال الفن». وأضاف: طوال فترة تولى منصبى كرقيب لم تتدخل الكنيسة والأزهر فى أى عمل فنى لأننا نلتزم بالقواعد والقوانين والتى بدورها تحمى المجتمع والمبدعين فى الوقت نفسه، «يجب أن نعرف جميعاً أن مصر دولة حديثة منذ عصر محمد على باشا 1805» ولا يمكن بحال من الأحوال أن تتغير وبسهولة إلى دولة دينية يحكمها الإخوان والسلفيون والعادات والتقاليد التى يجب أن يتخلص منها المجتمع، مصر دولة قانون وستظل دولة مدنية ويجب على الناس كلها والمثقفين أن يظهروا هذا للإخوان والسلفيين، كما أن الفن أكل عيش هؤلاء الفنانين، ولا يمكن أن يسمحوا لأحد أن يتدخل فيه بمنطق الحلال والحرام، كما أن التيارات الدينية إذا تعاملت مع الفن بمنطق أنه رجس من عمل الشيطان فسيخسرون كل ما حققوه فى ثورة يناير، لأن حرية الإبداع لا يمكن أن تتعامل معها بمنطق الحلال والحرام.
دولة «الإخوان والسلفيين» تعلن إقامة شرع الله فى الفن
التخوف الذى بدا على كثير من الفنانين والمبدعين على مستقبل الفن فى ظل المد الدينى الذى بدأ ينتشر فى المجتمع ليس له أساس من الصحة حسب تأكيد القيادى الإخوانى محسن راضى، الذى قدم وجهة نظر مغايرة تماما، تنطلق مما وصفه بأن الحرية التى حصل عليها الشعب المصرى بعد ثورة 25 يناير ستطلق حرية الإبداع بشكل أوسع وأكبر.
«راضى» أكد أن الفن ينتعش فى مناخ الحريات، نافيا أن يتجه الإخوان لتقييد حرية الإبداع، مبررا: بالعكس، فى الفترة المقبلة سينتشر النقد الفنى بشكل أوسع، وسنهتم بالفن لأنه صورة من صور الثقافة لا يمكن الاستغناء عنها، وإن كانت لنا محاذير عادية فى تناول الموضوعات الفنية، منها عدم استخدام المرأة كوسيلة لجذب المشاهد من خلال تقديم مشاهد عرى أو ما يخدش الحياء العام، لأن هذا يعد انحرافا عن القيم التى يجب أن يسعى الفن لتقديمها للمجتمع، فلا نعتقد أو نوافق على فن خارج عن هوية المجتمع وقيمه وإرثه الحضارى، فالذوق العام يعلو مع القيم، ونحن مع الصورة المميزة وليس مع الإسفاف، والحرية الإسلامية ليست معوقة للفن، ونرى أن الفن أكثر وسيلة لجذب الناس نحو الأهداف السامية فى إطار من القيم، ولا يمكن بحال من الأحوال أن نفصل الجانب الإبداعى عن الجانب القيمى للمجتمع، وكان رسول الله «يمزح ولا يقول إلا صدقا». فالمزاح إبداع، والصدق قيمة.
أضاف: نحن كإخوان ضد الرقابة على الأعمال الفنية بمنطق محاكم التفتيش، ونسعى إلى أن تكون الرقابة ذاتية والتجاوزات التى تحدث نتركها للمجتمع التى ربما يلفظها، ونسعى فى المرحلة المقبلة إلى إنتاج أعمال فنية اجتماعية وسياسية وكوميدية فى المسرح والسينما والدراما، وفى طريقنا للمشاركة فى حركة الفنون التشكيلية، وسوف تكون هناك منافسة شريفة مع شركات الإنتاج الأخرى، وفى النهاية الشعب هو صاحب القرار الأخير فى قبول أو رفض أى عمل فنى.
«راضى» أكد أن مجلس الشعب أو الشورى ليس مجالا لمحاكمة الأعمال الفنية، مشيرا إلى أن الإخوان عندما كانوا 88 عضوا فى البرلمان لم يتقدم أحدهم بطلب إحاطة ضد عمل فنى صادر عن شركات إنتاج خاصة، وقال: نرى أن ضمير المنتج هو صاحب الاختصاص، ولو طبقت الجهات المختصة القوانين واللوائح المقررة فى هذا الشأن لكانت هناك ضمانة لكل الفنون ألا تخرج عن إطارها القيمى ولا يمكن أن نستغنى عن الفن لأنه يخاطب العاطفة، والعاطفة تغذى العقل، وهذا يتماشى مع طبيعة المرحلة.
ورغم تأكيده أن السلفيين لا يملكون أى سلطة للمحاسبة، أشار د.حسام أبوالبخارى، رئيس ائتلاف دعم المسلمين الجدد، إلى أنهم لن يصمتوا تجاه أى شىء يُخلّ بالقيم والمبادئ العامة والالتزام الدينى، وقال: سنواجهه ونعلق عليه بكل ما أوتينا من سبل التعليق سواء صحف أو قنوات فضائية، وبعد ثورة يناير سنقاوم ما تركه نظام مبارك الفاسد فى السينما من خلال تنقية الأعمال الفنية التى صنعها من أجل تغييب الناس.
وأضاف أبوالبخارى: من أهم الأمور التى يجب أن يقف عندها الوسط الفنى الاستخفاف بعلماء الأزهر واللغة العربية والعرى وإثارة الناس والتى تمثلت فى أفلام عادل إمام، كما سنحارب تفاهة الأعمال الفنية مثل نوعية «اللمبى» و«كتكوت» وغيرهما من الأعمال التى تغيب عقل المشاهد، وسنعلق على المشاهد التى لا تلتزم بالشريعة من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فالفن يجب أن يكون وسيلة تنويرية وتقدمية للمجتمع، تقدم ما هو صالح للأمة الإسلامية ويدفعها إلى الأمام، والفن يجب أن يغير من صورته بعد الثورة، والسينما يجب أن تخاطب عقل مشاهد غير نظام بلد بأكمله ولم تعد الناس بالصورة التى كان يرسمها لهم النظام من قبل.
المبدأ نفسه أكده عبدالمنعم الشحات، المتحدث باسم الجماعة السلفية فى الإسكندرية، حيث طالب أهل الفن بأن يتقوا الله فيما يقدمونه للمجتمع المصرى حتى لا ترسخ أعمالهم صورة سيئة فى أذهان المجتمع العربى والإسلامى.
ورغم اتفاقه معهما فى الفكر، فإنه اختلف فى الأسلوب، حيث دعا محمد الدرينى، زعيم الشيعة فى مصر، إلى التزام أهل الفن بالأخلاق، وإن كان يرفض الرقابة الدينية على الأعمال الفنية، وقال: إذا حدث عدم التزام وتجاوز فى بعض الأعمال ربما تعتبر بعض التيارات الدينية هذا مدخلا لمهاجمة الإبداع الفنى، لذا أطالب السينمائيين بأن يكون هناك ميثاق شرف يجتمعون عليه بحيث تلتزم أعمالهم بالأخلاق، وتتلافى ما رسخه نظام مبارك الفاسد.