x

أسر شهداء «القديسين» في الذكرى الأولى: نعيش فى عذاب طالما ظل الجناة «طلقاء»

الجمعة 30-12-2011 18:25 | كتب: عماد خليل |
تصوير : اخبار

«إذا كان هناك قتيل فأين القاتل؟».. هكذا تساءل الدكتور كميل صديق، سكرتير المجلس الملى بالإسكندرية، وأهالى شهداء كنيسة القديسين، معبرين عن استيائهم بسبب عدم الكشف عن مرتكبى الحادث، الذى راح ضحيته 20 شهيداً، وأكثر من 113 مصاباً على الرغم من مرور عام على الحادث.

القمص مقار فوزى، راعى كنيسة «القديسين» بالإسكندرية، قال إن الكنيسة ستقيم الذكرى السنوية الأولى لشهداء حادث «القديسين» فى 31 ديسمبر بدير مارمينا بالساحل الشمالى، حيث مدفن شهداء الحادث، مشيراً إلى أن الكنيسة تقابل المصائب بـ«فرح»، خاصة أن من استشهدوا فى حادث القديسين فى صلاة رأس السنة، اختارهم الله لأن صلاة قداس رأس السنة صلاة توبة، وكان هناك 3 آلاف شخص اختار منهم الله 20.

وطالب القمص الدولة بالاهتمام بقضية القديسين، للكشف عن مرتكبى الحادث، والاهتمام بالمصابين وأسر الشهداء، منوهاً بأن هناك بعض المصابين يعالجون حتى الآن، ومنهم حالات خارج مصر فى النمسا وألمانيا وإنجلترا.

وعن الوثائق التى تم تسريبها وتتهم جهاز أمن الدولة وحبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، بالضلوع فى تفجيرات القديسين، قال القمص مقار: «لا أقتنع بالوثائق التى خرجت من أمن الدولة، ولكن يجب التحقيق مع حبيب العادلى حول تلك الاتهامات»، مؤكداً ثقته فى القبض على الجناة، عاجلاً أو آجلاً، قائلاً: «الله عادل وسيقتص لدماء الشهداء الأبرياء».

وقالت والدة الشهيد بيتر سامى، أصغر الشهداء من الرجال (17 عاماً): «بعد عام من رحيل ابنى أشعر أنه مازال معى، وروحه تحوم حولى، وأنا حتى الآن أتألم، وعزائى أنه فى السماء شفيع لى، وهناك مواقف كثيرة تؤكد أنه مازال معى»، وأشارت إلى أنها حتى الآن لا تعرف السبب المباشر للوفاة، ولا يهمها أن تعرف، طالما أن ابنها ضاع منها، وأضافت: «تعذبت بسبب الطريقة التى استشهد بها، وزاد عذابى أن من قام بذلك حر طليق حتى الآن.. وكل الحوادث التى تقع للأقباط لا يعاقب الجانى بها، ويخرج المسؤولون بحجج واهية، وهى أن الجانى مختل عقلياً».

وعبرت والدة الشهيد عن حزنها بسبب الأحداث التى تعرض لها الأقباط فى عام 2011، وعلى رأسها حادث القديسين، وحادث «ماسبيرو» وقالت: «حرام شباب خارج يطالب بحقه فيتم دهسه»، وأضافت: «أنا حسيت إن ابنى بيموت تانى فى اليوم ده، ومش عاوزه أم تانى يموت ابنها».

وقالت: إن الحكومة صرفت لها تعويضات ومعاش شهيد، ولكنها استطردت: «أنا لا أبحث عن الفلوس، لأنى كنت بصرف على «بيتر» مكنش هو بيصرف عليا.. وأنا مستعدة أدفع كل ما أملك بس أشوفه لحظة واحدة».

وقال فكرى والد الشهيدتين مريم ومرتينا وزوج سميرة إن من ارتكب حادث القديسين شخص غبى لأنه أراد أن يفرق بين المصريين ويزرع فتنة طائفية، لكن ما حدث هو العكس، فقد توحد الشعب المصرى فعليا دون شعارات، منوهاً بتلقيه مكالمات من مصريين مسلمين فى مصر والخارج أسبوعياً للاطمئنان عليه، وأن طبيباً مسلماً مقيماً فى المملكة المتحدة زاره لتعزيته، برغم عدم معرفته به وأنه قام بتهدئة الطبيب لبكائه الشديد على مريم ومارتينا، وأكد أن صديقات بنتيه المسلمات حتى الآن يطمئنن عليه.

ومن بين دموعه تحدث عبدالمسيح مرجان والد الشهيد مايكل قائلاً: «أصعب شىء أنه على الرغم من مرور عام على الحادث، فإن ملف القضية لم يتحرك حتى الآن»، وطالب بالقصاص لابنه وكل الشهداء، مؤكداً ثقته فى الله الذى سيحاسب الجانى ومن يستقوى على الضعفاء سواء كان مسيحياً أو مسلماً، لكنه وجه رسالة للقائمين على ملف القضية بأن يضعوا أنفسهم مكان أهالى الشهداء حتى يهتموا بها ويقيموا العدل.

والتقت «المصرى اليوم» إيمان إبراهيم، زوجة الشهيد صموئيل إسكندر، ويلقبها الأقباط فى الإسكندرية بـ«الشهيدة الحية» بسبب إجرائها 27 عملية جراحية، وابنتها ناردين التى أجرت 26 عملية جراحية، وفى انتظار العملية الـ27 وابنتها الصغيرة «شيرى» التى أجرت العديد من العمليات الجراحية، وتقول إيمان: «سافرت للخارج مع بناتى بسبب الإصابات المتعددة التى لحقت بى فى الكتف والكبد والمعدة.. وكنت فى غيبوبة لفترة طويلة، ولم أعلم باستشهاد زوجى إلا فى نهاية شهر فبراير».

والتقطت «ناردين» خيوط الحديث من والدتها، وقالت: «وقت الحادث لم أشعر بشىء، وبعدها سمعت طبيباً يقول (الحالة دى لازم يتعملها بتر)، روحوا بيها للألمانى» وعلمت أنى أصبت بكسر مضاعف فى كل القدم، وبعدها سافرت لألمانيا لاستكمال العلاج، وكانت آخر العمليات الجراحية يوم 1 ديسمبر الجارى»، وأضافت: «علمت بوفاة والدى بعد الحادث بأسبوع ولكنى لم أخبر ماما وتأثرت جداً لغياب والدى، بس حاسة إنه معانا كل الأيام اللى فاتت».

أضافت «ناردين»: «نفسى أعرف الجانى، حتى أعرف لماذا يحمل كل هذا الكره» وأشارت إلى أن «صديقاتى المسلمات كن يأتين للمستشفى ويقلن لى (إحنا معملناش حاجة).. وأنا كنت أرد عليهن بأن الجانى لا دين له».

وقالت زوجة الشهيد «صبرى فوزى ويصا» إن أحداث ثورة 25 يناير طغت على حادث القديسين، ولكن الفائدة من الحادث أن الناس ارتبطت بالكنيسة وتشجعت وتقوت ـ على حد قولها ـ مضيفة: «الأعداد التى تذهب للصلاة فى تزايد مستمر»، وقالت لروح زوجها: «إنت وحشتنا كتير قوى».

وعن مسار قضية القديسين التى تشهد محكمة جنايات الإسكندرية إحدى جلساتها يوم 1 يناير 2012 فى نفس الذكرى السنوية لها، صرح جوزيف ملاك، محامى أسر الشهداء، بأن ملف «القديسين» شائك وصعب بسبب الأحداث التى مرت بها البلاد، مشيراً إلى أن التحقيقات كانت مستمرة من بداية شهر يناير حتى يوم 27 يناير ولكن مسار القضية تحول بعد يوم 28 يناير، والمعروف باسم «جمعة الغضب».

وأضاف أن شهر مارس شهد تحولاً فى مسار القضية والتحقيقات بعد الإفراج عن المتهمين بأحداث القديسين لعدم كفاية الأدلة، وتابع: «وبعدها تقدمنا ببلاغ للنائب العام لنيابات الإسكندرية ووصف الواقعة وكيفية حفظ ملف القديسين، ثم تقدم المركز المصرى لحقوق الإنسان بطلب فتح التحقيقات»، وأشار إلى أنه التقى المحامى العام للإسكندرية وكانت المفاجأة الكبرى أنه أكد أن كل ما قاله العادلى خلال مؤتمره بأكاديمية الشرطة لا تعلم عنه النيابة شيئاً، ولا توجد قضية للقديسين وإنما تحقيقات للنيابة مع الشهود والمصابين، والقضية عبارة عن تقارير فنية للبحث الجنائى، وأن الركن الأساسى للقضية وهو تحريات الشرطة غير موجود.

من جانبه، قال الدكتور كميل صديق، سكرتير المجلس الملى بالإسكندرية، إن «هناك حالة من الغموض حول ملف التحقيقات الذى تتعمد الدولة تجاهله، ولذا قامت الكنيسة برفع دعوى قضائية ضد الحكومة للمطالبة باستكمال ملف التحقيقات وكشف تحريات الشرطة التى لم تقدم لجهات التحقيق حتى الآن، وسوف يتم نظر الدعوى يوم الأحد أول أيام السنة الجديدة بمحكمة جنايات الإسكندرية للمطالبة بإلزام الحكومة، ممثلة فى وزارتى العدل والداخلية بالتحقيق فى هذا الملف».

وأضاف: «مرور عام على الحادث دون تقديم أحد للمساءلة يشكل علامة استفهام كبيرة، ونحن لا نتهم أحداً، ولكن إذا كان هناك قتيل فهناك قاتل فمن هو إذن، وإن كنت لا أستطيع أن أمنع نفسى من اتهام وزارة الداخلية بالإهمال أو التواطؤ لأنه كانت هناك إنذارات كثيرة قبل الحادث».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية