x

كاتب وكتاب: أهل الكهف.. وتوفيق الحكيم

الخميس 11-04-2019 21:48 | كتب: أسماء أمين |
غلاف الرواية غلاف الرواية تصوير : اخبار

فى عام 1929، كتب الأديب توفيق الحكيم، عميد المسرح العربى، مسرحية أهل الكهف، ونشرها عام 1933، فكانت «غذاء فكريًا وروحيًا»، إذ كانت بدايةً لنشأة تيار مسرحى عرف بـ«المسرح الذهنى»، وهو عكس المسرح التقليدى، الغرض منه أن يكون مقروءًا وليس قابلًا للأداء من قبل الممثلين، ويعرف أنه من الصعب أن يتم أداؤه أمام الجمهور، إذ كتب ليخاطب الذهن والفكر ثم كانت «أهل الكهف» أول العروض المسرحية التى عرضت فى افتتاح المسرح القومى، عام 1935، من إخراج زكى طليمات، إلا أنها فشلت، فـ«المسرح الذهنى» فن صعب ليتم استيعابه من الجمهور.

تدور مسرحية «أهل الكهف» حول صراع الإنسان مع الزمن، فثلاثة من القديسين يهربون بدينهم من الملك «دقيانوس»، ويلجأون إلى كهف ينامون فيه لمدة ثلاثة قرون ويستيقظون فى زمن آخر، ليجدوا أن حياتهم السابقة قد انتهت، ويشعروا بالغربة والوحدة فى عالم جديد، فيقرروا العودة مرة أخرى إلى الكهف مفضلين الموت على حياتهم الجديدة.

«مشلينيا» و«مرنوش» و«يمليخا» و«الكلب قطمير».. يستيقظ الفتية من النوم ويشعرون بالوهن والتعب إثر نومهم، متسائلين عن الفترة التى قضوها فى النوم، ويطلبون من يمليخا الراعى أن يخرج للبحث عن الطعام إلا أنه يقابل أحد الصيادين الذى يفزع منه بعد أن قدم له نقودًا من عصر الملك دقيانوس الوثنى الظالم، ليصل الخبر إلى أهل المدينة ويذهبون إلى الكهف، وما يكاد أول الداخلين يتبين ضوء المشاعل منظر الثلاثة حتى امتلئ رعبًا وخلفه بقية الناس فى هلع وهم يصيحون فى رعب «أشباح».

يصل الخبر إلى الملك بعدما أخبره «جالياس» مؤدب الأميرة بريسكا، ليشعر بالسعادة، لظهور الفتية فى عصره الذى أصبحت فيه المسيحية زاهرة، ويخرج الفتية الثلاثة من الكهف، ويصدمون من الزمن الآخر، صُدم «مرنوش» بموت ابنه وزوجته، منذ ثلاثمائة سنة، وتوفى ابنه فى عمر الستين، ويفاجأ «مشلينيا» بعد لقائه ببريسكا أنها ليست حبيبته التى أحبها إنما هى حفيدتها ولها شبه عجيب بها، ويخرج «يمليخا» ليبحث عن أغنامه، لينتهى الحال فى المسرحية بعودتهم جميعًا إلى الكهف ممددين على أرض المكان كالموتى أو المحتضرين والكلب على مقربة منهم.

أخذ توفيق الحكيم ما ورد فى القرآن الكريم من أحداث لأهل الكهف، ثم أضاف إليها خيالا وفكرا لتظهر فى عمل فنى بسيط الأسلوب، واختار لمسرحيته أسماء شخصيات خفيفة على السمع العربى، «مرنوش» الوزير صاحب يمين الملك، وهو يمثل العقل والمنطق، و«ميشلينيا» صاحب يسار الملك، وهو يمثل العاطفة والاندفاع، ويمليخا الراعى، وهو يمثل البساطة والإيمان الساذج، ثم كلبه قطمير.

«فى رواية أهل الكهف أشخاص تستشف من حوارهم طبائع نفوسهم وخبايا ضمائرهم وأسرار خلائقهم».. هكذا وصف الشيخ مصطفى عبدالرازق، شيخ الأزهر الأسبق، المسرحية، وكتب عنها مقالا، عام 1933، يقول: «فى أهل الكهف ما يريك الدين إيمانًا يملأ الصدر، وما يريكه موهنًا تلينه عواطف اليأس وتدافعه زينة الحياة وشهواتها، وفى الرواية تحليل للعواطف فى هدأتها وتحليل للعواطف فى ثورتها».

قال بهاء طاهر: «كانت (أهل الكهف) و(شهرزاد) مدخل جيل بأكمله إلى الفن الدرامى، جيل عرف الدراما عن طريق القراءة قبل أن يعرفها على خشبة المسرح، ففى الأربعينات والخمسينات لم يكن للحياة المسرحية وجود حقيقى وكانت هذه القطع الأدبية الجميلة تلهب خيالنا باعتبارها نماذج سامية لفن مفقود».

ويوضح «الحكيم» كيف استوعبت البيئة الأدبية مسرحه الفكرى دون صعوبات، يقول «البيئة الأدبية فى بلادنا كانت فعلا مستعدة لتقبله فى حين أن البيئة المسرحية كانت لاتزال فى واد آخر وخاصة بعد عودتى من الخارج، فقد اختفت المترجمات الحميدة وخضع المسرح وقتئذ إلى تيارين، التيار الإضحاكى والتيار الإبكائى وكان لابد إذن من تيار ثالث هو التيار الثقافى».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية