x

الاحتجاجات الإسرائيلية في 2011: «ثورة خيام» على غرار «الربيع العربي»

الجمعة 30-12-2011 17:08 | كتب: أحمد بلال |
تصوير : أ.ف.ب

كما كان عام 2011 عاماً للاحتجاجات الاجتماعية في عدد من دول العالم، كان الأمر كذلك بالنسبة لإسرائيل أيضاً، وهي التي بدأت عامها بعدد من الاحتجاجات الاجتماعية، مثل احتجاجات العاملين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، بسبب تدني رواتبهم، والذين أعلنوا عن إضراب قبيل زيارة الرئيس الروسي، ديمتري مديفيديف، في مطلع العام، الأمر الذي تسبب في إلغاء «مديفيديف» زيارته لإسرائيل، واكتفائه بلقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في أريحا، وإعلانه من هناك اعتراف روسيا بالدولة الفلسطينية على حدود 67.

شهد عام 2011 حركة احتجاجية ضخمة للأطباء الإسرائيليين، المطالبين بزيادة أجورهم وتقليص عدد ساعات عملهم، حتى وصل الأمر لإعلان نقابة الأطباء الإسرائيلية إضراباً في شهر يونيو 2011، استمر لأكثر من شهر، بعد تعثر المفاوضات بينها وبين وزارة المالية الإسرائيلية على زيادة الرواتب.

تزامن إضراب الأطباء مع حركات احتجاج اجتماعي أخرى في إسرائيل، مثل إضراب الإخصائيين الاجتماعيين، واحتجاجات منتجي الألبان ومربي الأبقار في إسرائيل على قرار الحكومة استيراد ألبان من الخارج، بالإضافة إلى الاحتجاج على الارتفاع في أسعار الوقود، وأيضاً نية شركة كهرباء إسرائيل رفع أسعار الكهرباء، بسبب توقف ضخ الغاز المصري، الذي تعتمد عليه الشركة في عملها، والاحتجاج على غلاء أسعار الشقق السكنية.

في منتصف يوليو 2011 بدأت حركات الاحتجاج الاجتماعي في إسرائيل، وعلى رأسها الحركة المحتجة على غلاء أسعار الشقق السكنية في اتخاذ مسلك آخر للتعبير عن احتجاجها، تأثر بشكل كبير بالثورة المصرية، واعتصام ميدان التحرير بالقاهرة، حيث بدأت الحركات الاحتجاجية في إقامة خيام احتجاج والاعتصام في ميدان روتشيلد بتل أبيب، للمطالبة بتحقيق مطالبهم، وعلى رأسها خفض أسعار الشقق السكنية.

ومثلت الحركة الاحتجاجية تهديداً كبيراً على حكومة «نتنياهو»، حيث بدأ عدد من السياسيين الإسرائيليين حتى ضمن الائتلاف الحكومي، الذي يقوده «نتنياهو» نفسه، في مهاجمة الحكومة، من بينهم رئيس اللجنة الاقتصادية في الكنيست، «كرمل ساما»، الذي زار الاعتصام وأكد تأييده لمطالب المحتجين، وقال «إن الحكومة ستسقط إذا فشلت في حل الأزمة».

بعد عدة أيام من الاعتصام في تل أبيب، بدأ الاعتصام وخيام الاحتجاج في الانتقال إلى عدة مدن إسرائيلية أخرى، ليزداد بذلك الضغط على الحكومة الإسرائيلية، ويعقد «نتنياهو» عدة اجتماعات لتدارك الأزمة، مع عدد من الوزراء، كما يضطر بعد ذلك لتشكيل طاقم خبراء، لتقديم توصيات إلى المجلس الوزاري الاجتماعي الاقتصادي بشأن الخطوات التي يجب اتخاذها لمعالجة غلاء المعيشة.

ويبدو أن المحتجين استشعروا أن هذه اللجنة محاولة لامتصاص غضبهم، فسارعوا فور الإعلان عنها بالإعلان عما سموه «مبادئ العدل الاجتماعي»، وتضمنت عدة نقاط، من بينها تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والقومية والقطاعية، وتغيير أسس الخطة الاقتصادية، وتقليص غلاء المعيشة، وتوفير فرص عمل، ومراقبة حكومية على المنتجات الأساسية، ومعالجة الاحتياجات الأساسية للطبقات الضعيفة، خاصة العجزة والمسنين والمرضى، والاستثمار في التعليم والصحة والأمن الشخصي، وعرض حلول حقيقية لأزمة السكن والمواصلات والبنى التحتية العامة.

طور المحتجون الإسرائيليون من احتجاجاتهم، فبدؤوا في الدعوة إلى «مسيرات مليونية» في تل أبيب، مساء كل سبت، ترفع مطالبهم وتطالب برحيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وظهر تأثر المحتجين الإسرائيليين بالثورة المصرية في الشعارات، مثل «الشعب يريد عدالة اجتماعية»، وأيضاً في اللافتات، فرفع أحدهم لافتة مكتوبًا عليها: «بن علي .. مبارك .. نتنياهو».

بعد حوالي أسبوعين من التظاهر، قررت قيادة حركة الاحتجاج  في ميدان روتشيلد بتل أبيب، في منتصف أغسطس، تطوير الحركة، بنقل التظاهرات إلى كل المدن الإسرائيلية، احتجاجاً على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة، وأيضا ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وسياسة حكومته.

وقال أحد قادة الاحتجاجات لصحيفة «يديعوت أحرونوت»: «إن الهدف من نقل المظاهرات من المركز في تل أبيب إلى المدن الأخرى هو إثبات للحكومة الإسرائيلية بأن جميع الإسرائيليين متضامنون مع الحركة الاحتجاجية، وللفت لأنظار السياسيين الإسرائيليين إلى أن مئات الخيام نصبت في الضواحي، حيث الأوضاع المعيشية الأكثر تأزماً».

وفي الأول من سبتمبر، كانت إسرائيل على موعد مع أكبر مظاهرة لها في تاريخها، منذ الإعلان عن قيامها في عام 1948، حيث خرج قرابة الـ 430 ألف إسرائيلي، في مظاهرات طافت المدن الإسرائيلية، للمطالبة بالعدالة الاجتماعية. في تل أبيب وحدها تجمع 300 ألف متظاهر في ساحة روتشيلد، في احتفال ضخم، بعد تظاهرهم في شوارع المدينة.

في 18 أغسطس 2011، وقعت «هجمات إيلات»، التي أسفرت عن مقتل عدد من الإسرائيليين وإصابة عدد آخر، وهي التفجيرات التي أعلن الجيش الإسرائيلي استنفاره بعدها، وقتل عدد من الجنود المصريين بعدها بأيام على الحدود المصرية، مدعياً أنه أطلق النار على متسللين، وأنهم قتلوا بطريق الخطأ.

استغلت الحكومة الإسرائيلية التفجيرات والتوتر في العلاقات مع مصر بشكل كبير، حيث بدأ الإعلام الإسرائيلي يهمل بشكل كبير «ثورة الخيام» الإسرائيلية، وتم توحيد الإسرائيليين بشكل كبير تجاه «العدو الخارجي»، وهو ما أدى إلى تلاشي «ثورة الخيام» إلى حد كبير، وفي الأسبوع الأول من سبتمبر، قامت الشرطة الإسرائيلية بإزالة كل الخيام التي كانت لاتزال متبقية في ميدان روتشيلد بتل أبيب، بدون اشتباكات، فقط لأنه لم يعد يبيت فيها أحد.

ورغم هدوء ما أطلق عليه «ثورة الخيام»، إلا أن الحركات الاحتجاجية الاجتماعية بدأت مرة أخرى في الظهور في إسرائيل، مثل الحركة الاحتجاجية بين الأطباء، الذين أعلنوا إضراباً في نوفمبر 2011، مرة أخرى، بسبب عدم توصلهم لحل مع وزارة المالية الإسرائيلية، وحركة أساتذة الجامعات، حيث أعلن قرابة 10 آلاف أستاذ جامعي، وأستاذ مساعد، البدء في إضراب مفتوح في منتصف ديسمبر 2011 في كل الجامعات الإسرائيلية، ماعدا جامعة بار إيلان.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية