اتفق عدد من الخبراء ورجال الدين على أن تحذيرات الرئيس مبارك، خلال خطبته أمس الأول بمناسبة الاحتفال بليلة القدر، من مخاطر التطاول على الإسلام وتشويه صورته وتعاليمه، جاءت نتيجة انتشار وتفاقم ظاهرة حروب الفتاوى الفضائية، والترويج للأفكار السياسية السلبية بين المصريين فى الفترة الأخيرة، مطالبين بضرورة التصدى لهذه الفتاوى قبل أن يتم انتهاك صورة الإسلام بسببها.
وقال الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة:كان من المفترض ان يتحدث الرئيس بشفافية أكثر، ويحدد أسماء حول الشخصيات التى تحاول الإساة للإسلام وتشويه صورته للغرب، موضحا أن حديث مبارك يتزامن مع أحداث الفتنة الطائفية التى أصبحث مقلقة ومربكة لمصر، مستطردا: لكن الرئيس تحدث عنها بنوع من التكرار، مستخدما ديكورات لفظية معتادة لا تتناسب مع خطورة القضية.
وأوضح الدكتور عمار على حسن، رئيس قسم الأبحاث بوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن خطب الرئيس فى المناسبات الدينية يكتبها رجال دين ومثقفون، وكان من الطبيعى الالتفاف إلى الاتجاه المتطرف من الكثيرين الذين يخرجون على الفضائيات ويتبنون تفسيرات معينة، يحاولون من خلالها تطبيق تشريعات معينة لدى المصريين.
وأكد الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية ومجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، أن كلام الرئيس مبارك عن الذين يسيئون للإسلام من بعض أبنائه كان حاسما فى إدانة المتطاولين على الدين وتشويه صورته وسمو تعاليمه وأحكامه، مشيرا إلى أن تطرف هؤلاء «مثير للغرابة»، وقال: «إذا كان متوقعا أن تكون الإساءة للإسلام صادرة عن بيئات غربية سواء كانت هيئات أو أفراد، فمن الغريب والمرفوض أن تبلغ الحماقة لمن ينتمى إلى الدين أن يقلد بحمق الجهات الكارهة للإسلام».
أكد الدكتور جودة عبدالغنى بسيونى، عميد كلية الشريعة بجامعة الأزهر، أن هناك بالفعل بعض المنتسبين للدين يسيئون إليه سواء بتشددهم أو بتفريطهم، موضحا أن الإسلام دين الاعتدال ويرفض التشدد أو التسيب بشتى صوره.
من جانبه أكد الدكتور عبدالمعطى بيومى، عميد كلية أصول الدين الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الذين يشوهون سمعة وصورة الإسلام فى الداخل هم الذين حولوا الإسلام من جوهره إلى شكل خارجى ومظهر شكلى دون التمسك بروح الإسلام أو تعاليمه، وكذلك الذين يشغلون بعض القنوات الفضائية التى تنشر «الأفكار المسمومة والهدامة»، مشيرا إلى أن «الأفكار المتطرفة والفتاوى الغريبة من شأنها أن تسىء لنا كمسلمين وللإسلام نفسه».
وذكر بيومى أن «عدم احترام حقوق الإنسان، وانتشار صور الفساد والظلم فى المجتمع تؤدى لتشويه صورة الإسلام فى الداخل والخارج، و«هى أشياء يجب علينا جميعا كحكام ومحكومين أن نلتفت إليها لأن شيوع الفساد والاحتكار والظلم وعدم احترام حقوق الإنسان فى الداخل إنما يسىء لسمعة الإسلام فى الداخل والخارج معا».
وقالت الدكتورة سعاد صالح، عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية، إن الرئيس كان يقصد أيضا هؤلاء «المتحررين من أصحاب الفكر والإبداع»، والذين يقولون بحرية الفكر ويعتدون على نصوص القرآن والسنة المطهرة لمحاولة تطويعها للأجندات الغربية، معتبرة أن هذا الأمر «اعتداء صريح على الإسلام والمسلمين».
ودعا الدكتور كمال عبدالباقى لاشين، أستاذ النقد بجامعة الأزهر الشريف، إلى ضرورة تنقيح المؤلفات الدينية من الجهل والخرافات، خاصة تلك الكتب المنتشرة على الأرصفة والتى تروج لأفكار متشددة وهدامة باعتبارها أسوأ دعاية يمكن أن تسىء لسمعة الإسلام فى الداخل والخارج.
فى سياق آخر، أوضح سياسيون أن تحذير مبارك، خلال خطبته، من مخاطر تهدد دول الخليج كان المقصود بها إيران والصراع الدينى فى البحرين بين السنة والشيعة، وانقلاب الحوثيين فى اليمن، معتبرين «أن مصر مشغولة طوال الوقت بإيران، وتخشى من انتقال التوتر الموجود الآن فى الخليج إلى دول أخرى فى المنطقة».
وقال الدكتور عبدالمنعم المشاط، أستاذ العلوم السياسية، أن هناك اتفاقا عربيا ودوليا على أن الخطر الحقيقى الذى يواجه منطقة الخليج والشرق الأوسط هو تنامى القدرات النووية الإيرانية، مشيرا إلى أنهم «ينسون أن الخطر الأكبر هو القدرات النووية الإسرائيلية وعدم وجود أى قدرات عسكرية عربية لمواجهة هذين الخطرين».
وأكد الدكتور وحيد عبدالمجيد، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، أن منطقة الخليج مهددة بأخطار كثيرة، من بينها إيران، ومحاولة الانقلاب فى البحرين منذ أيام قليلة، والتى يتهم البعض إيران بلعب دور فيها، مشيرا إلى أن «مصر مشغولة بإيران كلاما ولكنها لا تفعل شيئا، على عكس طهران التى تقوم بأفعال ولديها رؤية للمنطقة وإن كانت مدمرة وشيطانية».
ودلل وحيد على كلامه بقوله إن «مصر توافق على استقبال مسؤولين إيرانيين فى يوم وترفض فى آخر، وهذا يضعف أى دولة» مؤكدا أن «انشغال مصر بإيران ليس له توقيت».
وقال الدكتور جمال سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إن هناك نوعين من المخاطر يهددان الخليج وهما أمريكا وإيران، لكن دول الخليج لا يردون الدور الإيرانى ويرحبون بالدور الأمريكى».
وأضاف: «إن تصريحات مبارك فى هذا التوقيت لها علاقة بزيارته الأخيرة للولايات المتحدة، والتى ربما يكون قد سمع فيها عن احتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران». وقال الدكتور نبيل عبدالفتاح، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، إن الرئيس كان يشير فى خطابه إلى العديد من المخاطر خاصة إيران وتحديدا ما يمكن أن تقوم به الدولة الإيرانية من تفجيرات ومحاولة لقصف بعض المواقع فى الخليج التى يوجد بها تواجد أمريكى.