مساء الثلاثاء، أحد أيّام الأسبوع، كان طبيب الأسنان، محمد صلاح، 25 سنة، يسير على رصيف قطارات المحلة، تحديدًا محطة «منشية البكري»، حاملاً بيد شنطة يضع فيها أدوات العمل، وباليّد الأخرى، أحلامه بمستقبل أفضل، فهو طبيب أسنان، تخرّج من كلية طب الأسنان، جامعة المنصورة، 2017، إذ يعمل في 3 عيادات مختلفة، أملاً في غدٍ أفضل.
كان «صلاح» سائرًا على رصيف المحطة، ونتيجة التزاحُم، سقط كما ورقة الخريف، بين قضبان القطر، كما يقول جارُه وصديقه، محمد مغاوري: «محمد كان نازل من القطر، محطة منشية البكري، المحلة الكبرى، أثناء التدافُع، الناس زقتّه وقع تحت قضبان القطار، تم بتر يده اليمنى من أسفل الكتف، وبتر رجله اليمنى، بنجاهد عشان نسفّره ألمانيا، عشان نلحق ايده اليسرى، تم بتر صابع منها إمبارح، وعاوزين نلحق باقي الايد اليسرى، مصابة بتهكّات في العضلات والشرايين».
وبصوتٍ مبحوح، يُكمل «مغاوري»، صديق طفولة الطبيب المُصاب الذي يرقُد حاليًا في القصر العيني: «محمد يُعاني بالأصل من غضروف في ظهره، ورغم ذلك، يعمل 6 أيّام في الأسبوع، بمعدل أكثر من 10 ساعات يوميًا، عيادة في المحلة، وعيادة في البحيرة، وفي بنها، وأحيانًا القاهرة، كل المجهود ده من أجل طموحه ولقمة العيش».
وبعد الحادث الأليم، تم بتر اليد اليُمنى لـ«صلاح»، فيما تبقّت اليد اليسرى في حالة سيئة، تحتاج إلى التبرعات والمُساعدة، إذ دشّن أصدقاء وأهل محمد بمساعدة أطباء مصر، هاشتاج «#ادعم_الطبيب_محمد_صلاح»، والذي تخطّى 40 ألف تغريدة على موقع التغريدات القصيرة، «تويتر».
تهدف حملات دعم ومساعدة الطبيب محمد صلاح إلى تجهيز عيادة باسمه، يتولى ادارتها طبيًا، بجانب التجهيز لسفره إلى ألمانيا، لتلّقي العلاج وتركيب أطراف صناعية، وفتح حساب باسم الطبيب وتبرع دفعة 2017 بمصاريف حفل تخرج الدفعة، وأي تبرعات اخري من كافة الأطباء.
فيما قالت شقيقته، روان صلاح، عبّر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي، «فيس بوك»: «اليد اليسرى الوحيدة الباقية تعاني من تهتكات شديدة بالعضلات والجلد والأوتار والأعصاب والأوعية الدموية، ويتم عمل متابعة دقيقة يومية لها بالعمليات وفرصة أن يتم استخدامها مرة أخرى غير معروفة على الإطلاق».
وأضافت: «في القصر العيني يبذل الجميع من عميدة الكلية والأطباء والتمريض والعمال قصارى جهدهم من أجل المساعدة في شفاء اليد اليسرى، لكن مما لا شك فيه أن نسبة شفاء اليد اليسرى ورجوعها لعملها أكبر بكثير، إذا تم السفر لألمانيا أو أحد المراكز المتخصصة في إصابات اليد وتركيب الأطراف الصناعية».
مازال «صلاح» في العمليات وتحت تأثير المخدر، ولا يعلم ما جرى له من بتر لساقه ويده.