شهد قصر الاتحادية، الثلاثاء، قمة مصرية بلغارية جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسي، برئيس بلغاريا رومن راديف، وعقد الجانبان جلسة مباحثات مغلقة بحث خلالها العديد من الملفات، في مقدمتها مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتعزيز التبادل التجاري، وأعقبتها جلسة مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين شارك خلالها من الجانب المصرى المهندس عمرو نصار، وزير التجارة والصناعة، والمهندس عاصم الجزار، وزير الإسكان، والوزير عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة.
وقال الرئيس السيسي: «أرحب برئيس بلغاريا ضيفاً كريماً في زيارته الأولى لمصر، والتي تأتي تتويجاً لمسار التقارب الذي تشهده العلاقات الثنائية بين بلدينا خلال الأشهر الأخيرة، حيث استقبلتُ في أكتوبر الماضي بالقاهرة رئيس وزراء بلغاريا لبحث سبل الارتقاء بمختلف مجالات التعاون، ونستكمل اليوم تلك المباحثات المثمرة التي تعكس الإرادة القوية لدى الدولتين في المضي قدماً نحو تعزيز أوجه العلاقات الثنائية على شتى الأصعدة لا سيما السياسية والاقتصادية، كما أود أن أؤكد اعتزازي بما يجمع بلدينا من علاقات تاريخية ممتدة على مدار أكثر من تسعة عقود شهدت العديد من أوجه التعاون والتنسيق المشترك، وهو الأمر الذي يؤكد قناعتنا الراسخة بتعدد فرص وإمكانيات التعاون التي تخدم صالح الشعبين المصري والبلغاري».
وأضاف: «وفي هذا الإطار، فإنه لمن دواعي سروري أن أعلن عن إطلاق مجلس الأعمال المصري البلغاري المشترك كأحد أهم نتائج زيارة رئيس بلغاريا إلى مصر، والذي نتوقع أن يكون له مردود إيجابي كآلية أساسية لتعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات والتبادل التجاري الذي يتجاوز حالياً حاجز المليار دولار، وهو ما يجعل مصر الشريك التجاري الأول لبلغاريا في إفريقيا والشرق الأوسط».
وتابع الرئيس: «عقدنا جلسة محادثات بناءة، وتطرقنا خلالها لسبل تعزيز العلاقات الثنائية سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، فضلا عن التعاون في إطار المؤسسات والمحافل متعددة الأطراف، كما استعرضنا القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأظهرت هذه المناقشات توافقاً في الرؤي إزاء العديد من التطورات وسبل التعامل مع عدد من الأزمات الراهنة من أجل التوصل إلى حلول سلمية لها، الأمر الذي يؤكد ضرورة استمرار التنسيق والتواصل فيما بيننا دعما لاستقرار منطقتيّ الشرق الأوسط والبلقان».
وأردف السيسي: «كما شهد لقائي مع الرئيس رومن راديف تبادلاً للرؤى حول سبل تعزيز التعاون المشترك والتنسيق الأمني في مواجهة خطر الإرهاب، وقد أكدنا أهمية تضافر الجهود الدولية في التصدي له والقضاء عليه من جذوره، كما عرضتُ الرؤية المصرية بشأن ضرورة وضع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب للتعامل مع مختلف جوانب تلك الظاهرة، بما في ذلك التصدي للجهات والدول الداعمة والمساندة للجماعات والمنظمات الإرهابية والمتطرفة، وتطرقنا أيضا لأزمة المهاجرين غير الشرعيين وسبل معالجتها في إطار من المسؤولية المشتركة وتقاسم الأعباء، وأوضحت في هذا السياق الجهود والمسؤولية التي تقع على كاهل مصر، سواء فيما يتعلق بتأمين حدودها أو استضافتها لأعداد كبيرة من اللاجئين، وأود بهذه المناسبة أن أعرب عن خالص تقديري لمواقف بلغاريا المتوازنة، إزاء التطورات الجارية في مصر والتي تعكس تفهما واضحاً لما نواجه من تحديات متصاعدة في خضم الواقع الإقليمي الصعب الذي نعيشه، مؤكدا اعتزاز مصر بما يجمعها ببلغاريا من روابط تاريخية عميقة، والتي تشكل أساساً قويا للانطلاق بعلاقاتنا الثنائية إلى آفاق أرحب وبما يلبي طموحاتنا المشتركة، كما أود أن أجدد ترحيبي برئيس بلغاريا وأشكره على دعوته لي لزيارة دولة بلغاريا الصديقة، وأن أعرب عن خالص اعتزازي بشخص فخامته، وتطلعي للعمل سويا لما فيه صالح بلدينا وشعبينا».
من جانبه، قال رومن راديف إنه يريد أن يتوجه بخالص الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي على دعوته لزيارة البلد الجميل وكرم الضيافة الذي حظي به، مشددا على أنه يقدر تقديرا عاليا صداقة البلدين وشعبي البلدين، كما أنه يقدر تاريخ وحضارة مصر العريقة، كما يقدر دور الرئيس السيسي في قيادة مصر للاستقرار.
وأضاف راديف، خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع الرئيس السيسي في قصر الاتحادية، أن بلغاريا ومصر حليفان في مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، كما أنه يرحب بجهود مصر في سبيل توسيع الحوار مع الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي.
وأشار رئيس جمهورية بلغاريا إلى أن بلده من أقرب الدول الأوروبية لمصر جغرافيا وعليها مسؤوليات لإيصال صوت مصر بخصوص المشاكل الإقليمية للاتحاد الأوروبي، حيث إن الوضع في الشرق الأوسط يحدد الأمن في أوروبا، موضحا أنه بحث مع الرئيس السيسي عددا من الملفات تتعلق بالقضايا الإقليمية و«تم التوصل إلى أنه ليس بإمكان أي دولة أن تتغلب على التحديات بمفردها وإنما يجب أن نتكاتف جميعا لمواجهة التحديات».
وأكد أنه تمت مناقشة التوقيع على اتفاقية اللجنة المشتركة للتعاون بين البلدين ومجلس الأعمال بين البلدين، خاصة أن التبادل التجارى في السنوات الأخيرة بين البلدين ظل في زيادة وتجاوز المليار دولار ولكن إمكانات البلدين تؤهلهما لأكثر من ذلك، لافتا أنه بحث مع الرئيس السيسي إجراءات لتجاوز حدود التبادل التجارى للوصول للتعاون الاستثمارى والإنتاج المشترك، فكلا البلدين لديهما إمكانات ضخمة وهذه الإمكانات تؤهلهما للاستمرار والتعاون والعمل معا.
وذكر أنه تم التطرق لتعزيز التعاون الصناعي والعسكري وتكليل هذا التعاون باتفاقيات جديدة، كما تمت مناقشة التعاون في مجال النقل البحري والتعاون السياحي، خاصة أن كلا البلدين لديهما إمكانات هائلة في هذا المجال، كما تم بحث التعاون في الطاقة وضرورة تنويع مصادر الطاقة ومناقشة عدد من المجالات الأخرى، موضحا أنه ناقش مع الرئيس السيسي تطوير التعاون الثقافي والعلوم والتعليم وهي مجالات لها آفاق أوسع.
كما أبدى رومن دعم بلاده لدور الرئيس السيسي الكبير في سبيل إقرار السلام والازدهار في الشرق الأوسط ومنطقة شمال إفريقيا، مؤكدا أن بلغاريا صديقا وشريكا لمصر، داعيا الرئيس السيسي لزيارة بلغاريا.