x

درة بوشوشة: السينما التونسية تعاني.. لكنها عالمية (حوار)

السبت 23-03-2019 21:23 | كتب: سعيد خالد |
المنتجة التونسية درة بوشوشة خلال تكريمها فى مهرجان الأقصر الإفريقى المنتجة التونسية درة بوشوشة خلال تكريمها فى مهرجان الأقصر الإفريقى تصوير : آخرون

أكدت المنتجة التونسية درة بوشوشة فخرها بالتكريم للمرة الثانية في مصر خلال 6 أشهر فقط، آخرها من مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية الذي اختتمت فعالياته مؤخرا. «بوشوشة»- صاحبة الأفلام العربية التي وصلت للعديد من المهرجانات العالمية مثل «صمت القصور» و«على كف عفريت» و«بنحبك هادى» و«ولدى»- كشفت أنها تستعد لتصوير فيلم في مصر يحمل اسم «سعاد» للمخرجة أيتن أمين، يجرى تصويره في الإسكندرية وعدد من المحافظات، وتابعت «بوشوشة» في حوارها لـ«المصرى اليوم» أن السينما التونسية عانت قبل ثورة 2011 من ضعف الإنتاج، لكنها نجحت في الوصول للعالمية، وعرض أفلامها في أكبر المهرجانات الدولية، كما تحدثت عن تأسيسها ورشًا للسيناريو والإخراج تخرج منها 250 صانع أفلام من عدد من الدول العربية، وإلى نص الحوار:

المنتجة التونسية درة بوشوشة

■ لنبدأ من تكريمك للمرة الثانية في مصر بمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية مؤخرا، وأن تكون السينما التونسية ضيف شرف الدورة الثامنة؟

- بالتأكيد شرف كبير لى وللسينما التونسية، أفتخر به جدًا، وكان مفاجأة وحظا كبيرا أن يتم تكريمى مرتين في مصر خلال 6 أشهر، الأولى من مهرجان الجونة السينمائى، والثانية من مهرجان الأقصر الإفريقى، وأعتبره تكريما للسينما العربية بشكل عام لأننى لم أنتج فقط بالسينما التونسية ولكن بالسينما المصرية والإفريقية كذلك، ويرجع اختيار السينما التونسية كضيف شرف إلى حالة الازدهار التي تشهدها السينما التونسية خلال السنوات الأخيرة، وقوة تلك الصناعة وتطورها والإبداع فيها، نعم كنا نعانى قبل ثورة 2011 من ضعف الإنتاج، وقلة عدد الأفلام وكنا ننتج فيلما أو فيلمين في السنة، ورغم ذلك كانت تنجح في الوصول للعالمية، وتعرض أفلامنا في أكبر المهرجانات الدولية، دائمًا ومازالت السينما التونسية تتميز بالجرأة في الطرح، بدرجة تتجاوز كل الأفلام العربية والإفريقية، ولكن منذ 8 سنوات تقريبًا تزايد حجم الإنتاج وتعدد المواضيع والأفكار والحرفية في الصناعة، والأغلبية فيها كانت لسينما المؤلف الموجهة للنخبة المثقفة التي تبحث عن كل ما هو جاد ومهم، ولم يكن الاعتماد الأول على الفيلم التجارى التونسى، وأهم مكاسب الثورة هو عودة الجمهور بكثافة إلى قاعات السينما، لمشاهدة سينما بلاده، وليس الأمريكية أو الهندية، وظهر جيل من شباب الكتاب والمخرجين والمبدعين الأكثر حرفية، وذهبت أفلامهم لمهرجان كان وفينسيا وبرلين وغيرها.

■ على أي أساس تختارين الأفلام التي تتصدين لإنتاجها؟

- لا أعتبر نفسى منتجة فقط، لأننى لأكثر من 20 سنة أنظم ورشة لكتاب السيناريو والمخرجين الشباب، أختار 5 كتاب مخرجين عرب من القارة الإفريقية في كل ورشة، وصل عددهم حتى الآن إلى 250 شخصا، وصلت أفلامهم وأعمالهم لأكبر المهرجانات العالمية، وتدربوا على كيفية تطوير السيناريو والفكرة ومساعدتهم في الإنتاج فيما بعد، والفاصل في تحمسى لإنتاج فيلم عن غيره يكمن في مدى إيمانى بالفكرة التي يتناولها، وعلى مدار 25 سنة هي رحلتى مع الإنتاج أدركت أننا نعانى عربيًا وإفريقيًا من ضعف السيناريو، والمخرجون يعدلونه على الهواء أثناء التصوير وهو خطأ كبير، ودائما ما أطلب من الكاتب تعديلات على السيناريو وأن يكون مؤمنا بفكرته ويتعمق فيها، وأن تكون الشخصيات متماسكة والحبكة الدرامية متوافرة، وأضيف لهم وأساعدهم لأخرج منهم أفضل ما لديهم من الخيال والموهبة الإبداعية، لكنى لا أفرض رأيى عليهم إطلاقًا، وأن تكون التعديلات من داخلهم بعد مناقشات وجلسات عمل على السيناريو، لست مجرد منتج للتمويل، وأحاول تطوير الصناعة، منهجى هو الإنتاج المبدع، وأحب التمثيل لأنه مهنة صعبة، يهمنى الاقتناع بالفكرة حتى أستطيع الحصول على جهات تمويل أخرى للفكرة ولتنفيذها.

■ وهل كان ذلك نتاج دراسة؟

- لم أدرس فنون الإنتاج أو كتابة السيناريو أو غيره، لكن خبرتى كانت نتاج سنوات طويلة من العمل والممارسة والتجربة، من يُقدم على صناعة السينما ليس شرطا أن يتمسك بالأدب والقراءة والدراسة، الأمر ليس فقط في الحرفية والتقنية، الأهم من وجهة نظرى هو الموهبة قبل أي شىء، وكيفية معالجته للفكرة والموضوع الذي يتصدى له.

■ رغم أنك عضوة لجنة الحريات الفردية في تونس ألا يعتبر ذلك تدخلا في حرية المؤلف؟

- أنتجت ما يقرب من 30 فيلما خلال 25 سنة، وكل مخرج أو مؤلف يتعاون معى يعرف جيدًا أسلوبى في العمل وأننى لا أقحم نفسى على أفكاره، ولكن أوضح له مناحى في المعالجة التي يتناولها قد لا تكون في ذهنه وأمنحه كل الحرية، وهو يتفهم ذلك، ولهذا تجدنى دائما ما أتعاون مع كُتاب يجمعنى بهم تفاهم وتجانس نعمل معًا بمفهوم الورشة، نتبادل الأفكار، والرؤى الحياتية، ويجمعنى تعاون مع عدد كبير من المخرجين الكبار لنفس السبب.

■ من كان صاحب الفضل في دخولك عالم السينما؟

- كان صدفة، حينما التقيت المنتج الراحل أحمد عطية وكان السبب في تحمسى للتصدى للإنتاج السينمائى إلى جانب تدريس الأدب، وتعلمت منه الكثير ويعتبر صاحب فضل كبير علىّ، وأدركت منه أن الإنتاج مرهق وليس أمرًا سهلا.

■ تشاركين في إنتاج فيلم مصرى جديد، حدثينا عن تفاصيله؟

- بالفعل هو فيلم مصرى يحمل عنوان «سعاد» للمخرجة أيتن أمين، من إنتاج مارك لطفى بمشاركة محمد حفظى، السيناريو جيد جدًا، اجتماعى إنسانى يحكى قصة حياة بنت مصرية تمر بمعاناة في حياتها ومواقف يدرك من خلالها المتلقى العديد من المشاهد والانفعالات، طورنا فكرته وفق ورشة وجلسات عمل متواصلة، حكاية محلية، ولكنها تمس كل إنسان حول العالم، منذ قراءتى الأولى للسيناريو تعلقت به لما فيه من رؤية سينمائية للعالم والمجتمع بحرفية قوية، ونبدأ تصويره خلال أيام قليلة، وسيتم تصويره بين الإسكندرية وعدد من المحافظات، الأبطال جميعهم من مصر وسيتم الإعلان عنهم قريبًا.

■ السينما المصرية كانت رائدة عربية ومُمثلة في المهرجانات العالمية، مؤخرًا تراجعت وباتت تونس الأكثر تمثيلا، بماذا تفسرين ذلك؟

- هذا نتاج الإرادة السياسية، في الدولة التونسية الاهتمام بالسينما، ووزارة الثقافة تدعم الأفلام حاليًا بشكل كبير، وتم إنشاء صندوق للمشاركة في تمويل الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة، وخرج جيل جديد من الكتاب والمخرجين لديهم طاقة وحرفية ورؤية مختلفة للمجتمع.

■ وهل عدم وجود رقابة على الإبداع والأفكار سبب في ذلك؟

- بدون شك كان ذلك أحد أهم العوامل، وفى المقابل أثر كثيرًا على السينما المصرية وجود رقابة على الفكر سينمائيًا، وكم من مشاكل تتصدر مؤخرًا في هذا الإطار، ونحن لدينا حرية تامة في الإبداع، نظرت للفن يجب ألا يكون عليها قيود، و«كبت الفن لا ينتج عنه فن»، الإبداع بلا جنسية أو هوية أو ديانة، ولا يفرق بين ذكر أو أنثى، مصرى أو عربى أو إفريقى، الفن يجب أن يمس الناس.

■ ثورة يناير كان لها تأثير كبير بالسلب على السينما المصرية، فيما يخص تراجع الإنتاج وتدنى المحتوى بعض الشىء لماذا من وجهة نظرك؟

- بالفعل، مثلا في الدورة الثامنة بمهرجان الأقصر الإفريقى هناك فيلم مصرى وحيد في المسابقة الرسمية «ليل خارجى»، بالتأكيد كان على صناع السينما في مصر الحرب والصمود مثلما فعلنا في تونس، حاربنا كثيرًا وكسبنا حرية التعبير والرأى، ومازال مهددا ولكننا نحارب، لدينا مشاكل اقتصادية عدة، ولكن كان الدافع هو الحماس وتجديد الدماء والأفكار.

■ ما الفيلم الذي تعتبرينه الأفضل في مشوارك؟

- فيلم «ولدى» أعتبره من أهم الأعمال خلال مشوارى، للمخرج والمؤلف محمد بن عطية، الذي عرض العام الماضى بمهرجان «كان» السينمائى، ناقش فكرة الأبوة، ومعنى تلك الكلمة كمشروع حياة، وكيفية التأثير على أحلام أولادنا ورغبتنا كآباء في أن يصبح أولادنا كما نتمنى أو نحلم، وكذلك فيلم «بنحبك هادى».

■ من مخرجك المفضل في السينما المصرية؟

- محمد حماد أفضل أفلامه كثيرًا، وكان آخرها «أخضر يابس»، وكذلك أيتن أمين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية