بعد رحلة شاقة استمرت 36 ساعة على متن مركب صغير انطلق من مدينة بنغازى الليبية وانتهى فى ميناء مصراتة، استقبلنا أحد مندوبى المركز الإعلامى بالميناء وتوجه بنا إلى مقر المركز وهناك وقبل التقاط أنفاسنا استقبلنا عبدالله الكبير، أحد قيادات المركز الإعلامى، بابتسامة امتزجت بعتاب قائلاً: «اتأخرتم كتير.. إنتم أول جورنال عربى يدخل المدينة المحاصرة».
وقال «الكبير»: «كل وسائل الإعلام التى دخلت المدينة منذ حصارها فى أواخر فبراير وسائل أجنبية، وكنا نتتظر أى جريدة عربية تقوم بنقل قضيتنا ونقل صورة لما فعلته كتائب القذافى فى المدينة، ولكننا لم نتوقع أن تأتى جريدة بثقل (المصرى اليوم) إلى المدينة المحاصرة».
كانت كلمات «الكبير» تنم عن معرفته بالجريدة، فهو كما قال يتابع الجريدة عبر موقعها الإلكترونى، خاصة أثناء أحداث ثورة 25 يناير، ورشح «الكبير» مجموعة من شباب 17 فبراير ليتجولوا معنا فى المدينة المحاصرة، ويطلعونا على الدمار الذى ألحقته كتائب القذافى بها.
بدأت جولتنا فى شارع طرابلس، وهو أحد أكبر وأهم الشوارع التجارية فى المدينة، بدا الشارع كأنه مدينة أشباح فارقته الحياة منذ سنوات، فلم يخل بيت أو متجر من قصف دبابة أو جراد أو قذائف الهاون، حتى المساجد نالت قسطاً كبيراً من هذا الضرب، فوفقاً لكلام مرافقنا «عبدالكريم» فإن الكتائب كانت تستهدف المساجد لمنعها من التكبير الذى كان يلهب حماس الثوار.
وعلى مقربة من شارع طرابلس، دخلنا سوق الخضر التى كانت مكاناً رئيسياً للتسوق فى المدينة، والتى اتخذتها كتائب القذافى مقراً رئيسياً لدباباتها، بينما اتخذت من المحال المحيطة بها أماكن لراحتهم، وجدنا عشرات الدبابات المتهالكة بعدما قصفتها طائرات حلف شمال الأطلسى «الناتو»، بالإضافة إلى بقايا ملابس كتائب القذافى مترامية فى كل مكان، ومأكولات من اللحم المقدد والمشروبات من عصائر العنب.
تركنا السوق وتوجهنا إلى منطقة بن طه حيث مركز الخدمات بالمدينة، لم تختلف المنطقة عن غيرها فالمساجد مقصوفة والبيوت مهدمة، ولكن المختلف هو مبنى مستشفى مصراتة العام الذى خربته الكتائب بعدما قصفته بالدبابات وقذائف الهاون ليصبح أطلالاً وشاهداً على حصار المدينة.
ولم يكن المستشفى هو المبنى الخدمى الوحيد الذى دكته كتائب القذافى، لينضم إليه مطار مصراتة الدولى، وشركة الكهرباء الرئيسية، والميناء البحرى لتصبح المدينة معزولة تماماً عن العالم، ولكن صمود أهلها جعلها تطرد الكتائب إلى خارجها بل تسعى للانتصار عليها ومواصلة القتال حتى الوصول إلى باب العزيزية.