«رقص.. رقص»
يرقصُ هذا الهيكلُ/ رقصَ العدمِ
الأرضُ خرابٌ
والدورانُ توقفَ
والهدنة بضع ثوانٍ
فليكتمل الرقصُ
الأب صفيحىٌ/ والابنةُ جسدُ نفاياتٍ
يرفعُ بين يديه ابنتَه
ينتظران الريحَ
لترفع طرفَ الثوب
الريحُ الليلةَ ساكنةٌ
لا موسيقى تذهبُ بالأعطافِ
ليستْ ساحة رقصٍ هذى
الرقصُ اليومَ على الأموات
وللأمواتِ
الرقصة لا تصنعها الحركة
رقصة مصلوبٍ بين يديه ابنته
والقدمان مثبتتان على الألواحِ
الرقصة ضد النشوة والتلويح
وضد الجسد المشبوب
ولا تحتاج العاطفة المولعة
ولا الأعضاء الحرة
أو تحريك الأوصال
وهز الأيدى
وهياج الأرجل
لا «كَانْ كَانْ»
ولا «فلامنكو»
لا رقص بلدى في الميدان الخالى
رقص محمومُ الصمتِ
ومقطوعُ النفس
رقص الجسدِ المعدنِ
والروح الخردةِ
ليست ملهاةً تلك
الحربُ
تدقُ
تدقُ..
على الدقات يَهيِجُ الدَّم
رقصةُ سالومى كبرى تبدأ
والرقصةُ فوق الأطلال الخربة
بين الجثث المتآكلة
على شرف الغربان السود
وشيخ الحالة يبصق فوق النار
ليندلع الطوفان العرفانى المحموم
وتأتى الهدنة
يهدأ هذيان اللحظة
تبدأ رقصةُ رجل
يحمل بين يديه ابنته
وينتظران الريح
يقول الجسد الصدئ:
لكم أتمنى أن ترفعك الريح
ويطير الشعر الأصفر حرًا
كم أتمنى
وتقول الابنة:
راقصنى
بدلالٍ
هيا
هاتِ يديك
أعلمك الرقص
الرقص الواقف
في ملكوتٍ لا يملكه الغير
رقص سكون
فلنلتحم الآن
هات يديك
وناورْ
در أنصاف الدوْرات
وباعد بين الخطوة والثانية
لا نحتاج الريح الآن..
الرقص الثابت يحتدم
والنشوة تأخذنا
والهدنة تبقى
وتطول الرقصةُ
رقصة رجل يحمل بين يديه ابنته.
لعبٌ مع «ماريا»
ماذا يا ماريا
لو أنكِ أصبحتِ رئيسةَ هذا الكون
لو بادلت جيوشَ العالم بجنودك
واخترت الدُميةَ قائدةً
والسمكةَ مسؤولةَ قوات البحريةِ
والأراجوزَ رئيسَ الحرس
وغنى «الضفدع» مارشالَ الحرب
ما لو أعطيتِ الجُند بنادقَ من خَرز
وتبادلنا اللهوَ الكونىّ
هنا في الغرفةِ
وأدرنا المعركةَ
قذفنَا نحو الأعداء
قنابلَ من علكٍ
ورصاصًا من ماءٍ
ودفعنا «البطةَ» في الصف الأول
وتساقط سربُ الطياراتِ الورقية
ماذا لو طاوَعنا الأعداءُ
وخرَّوا صَرعى
وأعادُوا الكَرَّة وسقطنا
نحتبسُ الأنفاسَ
ونضحكُ بهدوءٍ
كى يحتفلوا بالنَّصْرِ
وينكسرَ الحزنُ الدائمُ
في قلبِ أبيك
لو أصبحتِ رئيسة هذا الكونِ
وناديتِ الشعراءَ من الشُباكِ
لكى نتشاركَ في هذا العرسِ
وتتسعَ الغرفةُ بالإنشاد
مثلاً
يُسْمعُنا المتنبى «شدويةَ مدحٍ»
في عينيك
ويبارك رامبو
مركبك النشوان
يواسينا بودلير بباقة أزهار أخرى
ماذا يا طفلتى الحلوة
لو داوم هذا الفرحُ
بقيتُ قويًا ومعافًى
في البَيْتِ
طوالَ الأيام المقبلة
لم أخرجْ لتقابلنى النظراتُ القاسيةُ
ولا العرباتُ المُسرعةُ؟
ماذا لو أصبحت الغرفةُ كونى الكاملَ
وانتظرَ الموتُ لأقصى زمنٍ
لأظل أراقبُك
وأعبثُ في خُصلاتِ الشعرِ الأصفرِ
أركضُ كالقِطِّ
أقلدُ أصواتَ الدِيَكَةِ
أحضنُ دُميَتَكِ
وأشكُوكِ لها
وأنوحُ
وأنصبُ فخًا
أسقطُ كالصَّيادِ الخائبِ فيه
ولا أتعلمُ في المرةِ تلو الأخرى؟!