تواصلت فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية في يومها الثالث، حيث شهدت أروقة المهرجان أكثر من حدث اجتذب الجمهور والنقاد والمتخصصين من السينمائيين. وأقيمت ندوة عن مشاكل السينما الأفريقية بحضور عدد من صناعها، الذين أكدوا سيطرة هوليوود بأفلامها على عقل الجمهور في القارة الأفريقية، إلى جانب افتتاح معرض خاص بالموسيقى المصرية اليونانية، للفنان آندريا رايدر، الذي قدم الموسيقى التصويرية لعدد من الأعمال السينمائية المهمة، وتواصلت أيضا عروض الأفلام المشاركة في المهرجان.
واصل مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية فعاليات دورته الثامنة وعقدت ندوة بعنوان مفهوم الأفريقية في السينما أدارتها عزة الحسينى مدير المهرجان وحضرها الرئيس الشرفى للمهرجان الفنان محمود حميدة ورئيس المهرجان سيد فؤاد والمخرجة شويكار خليفة وكيث شيرى مؤسس ومدير «آفريكا آت ذا بيكتشرز» مهرجان الفيلم الأفريقى في لندن، والدكتورة أمانى الطويل مدير البرنامج الأفريقى ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وحلمى شعراوى مدير مركز البحوث والدراسات الأفريقية.
أكدت مديرة المهرجان عزة الحسينى أن مفهوم الأفريكانيزم بدأ في الأساس كمفهوم سياسى وسرعان ما وصل للأعمال الفنية التي تقدم في دول قارة أفريقيا، ومن هذا المنطلق جاءت فكرة هذه الندوة لنتعرف على حقيقة هذا المفهوم. وبدأت الدكتورة أمانى الطويل حديثها بالتأكيد على أن هناك الكثير من المبدعين الذين أخذوا على عاتقهم التحدث عن الهوية الأفريقية والتى تسمى في الفكر السياسى بالأفريقانية، ويزيد عمرها عن أكثر من قرن، وتنقسم لشقين أحدهما داخلى والمقصود به ثقافة الاستيطان الأوروبى في أفريقيا، والقسم الآخر هو الخارجى ويقصد به ثقافة العبودية والرق التي مورست ضد الشعب الأفريقى في القرن الثامن عشر.
وأضافت أن أول من بدأ في الحديث عنها في العصر الحديث هو روبرت رودنس، حيث كان أول من فكر في مسألة ضرورة وجود عيش مشترك بين الأفارقة وغيرهم من الشعوب، فكان غيره من المفكرين يحصرون تفكيرهم بالرابطة اللونية التي تجمعهم وتميزهم عن لون المستعمرين أو المستوطنين.
وأوضحت «الطويل» أنه مع بدايات القرن التاسع عشر انقسمت الهوية الأفريقية لمدرستين، الأولى ساهمت في بلورة الأفريقانية في إطار اللون، والثانية ناهضت الاستعمار من أجل الحفاظ على الهوية... وهذه هي التي انتصرت في النهاية، حتى أصبح هناك وعى اليوم بضرورة إدارة أنفسنا بأنفسنا، وذلك لا يحدث إلا من خلال الاهتمام بالثروات الفنية والثقافية التي تعكس طبيعة المجتمع، فهناك الكثيرون لا يعلمون أن موسيقى الجاز والرقص بدأوا في الأساس من أفريقيا.وأكد كيث شيرى على أهمية السينما في خلق ذاكرة لحفظ الصوره والمجتمعات، فهى السبيل لعكس واقع الحياة التي نعيشها، وهذا ما استفادت منه هوليوود وتمكنت من خلاله من خلق صوره جديدة للعالم، وقال: إن الجميع يبحث عن البطل وفى طفولتنا كانت أسطورة «طرزان» هي المسيطرة علينا على الرغم من كونه ذاك البطل الأبيض الذي يحارب البشرة السمراء، لأن تلك الآلة المسماة هوليوود استفادت تماماً من هذه الصناعة في جلب الأموال وعكست الأفكار التي تريد ترسيخها في الذاكرة، وهذا ما حدث مع كل الدول التي تم استعمارها، وهو ما لمسه حين انتقاله للإقامة في بيروت لمدة ست سنوات، فحينما كان يذهب للأشرفية أو غيرها من المناطق كان يشاهد اللبنانيين يتعاملون ويتعايشون كما لو أنهم في فرنسا على الرغم من أن هذا غير صحيح، ولكن الصورة التي انعكست من الأفلام والأعمال الفرنسية هي ما بقيت في الذاكرة.
وواصل أن الماكينة الجديدة لإنتاج الأعمال المسماة (نتفليكس) والتى يطلق عليها هو (نسكافيه) تقوم حالياً باستكمال ما قامت به هوليوود من إنتاج سريع ومركز للأعمال وانتقائها للسيطرة على العقول وزرع صورة مغايرة لواقعنا ومجتمعاتنا التي يجب أن نتمسك بها. وتحدث الناقد الفرنسى أوليڤيه بارنيه حول مفهوم الأفريقية وأنها نابعة من تأثره بفيلم «آخر أيام المدينة» والذى قام بإخراجه تامر سعيد وأنتج عام 2015، حيث كتبت فيه مجموعة من الأبيات الشعرية تحدثت عن شاب يدعى خالد ويبلغ من العمر 35 عاماً ويبحث من خلال رحلته في عواصم العالم عن روح المدينة التي يعيش فيها، فظهر في مشاهد كثيرة وهو يستمتع بضجيج القاهرة التي يقابل فيها إحدى الفتيات التي كانت تربطه بها علاقة قديمة سراً، لينتقل بعدها لبيروت وبغداد وبرلين بحثا عن الطاقة الإيجابية التي تدفعه لمواصلة الحياة، والتى يرى أنها موجودة في أفريقيا بكل دولها التي أصرت على المحافظة على تراثها وفنونها، فلا يرى أنها تأثرت بأى ثقافة غربية، بل على العكس فالغرب هم من يبحثون في هذه الحضارة ليكتسبوا منها.