حقق حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا انتصاراً واضحاً بحصوله على أكثر من 50% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد، وهو ما يضمن للحزب الفوز بالولاية الثالثة على التوالي . وقال رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، من شرفة مكتب الحزب في أنقرة لحشد من أنصاره «تركيا هي التي فازت في انتخابات 12 يونيو، اليوم فازت الحرية والعدالة والسلام والاستقرار بقدر فوز الديمقراطية».
وحصل حزب العدالة والتنمية على 325 مقعداً، وهو عدد أقل بقليل من عدد المقاعد التي كان يحتاجها الحزب الإسلامي المعتدل وهي 330 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 550 من أجل التمكن من صياغة دستور جديد دون الحصول على موافقة الأحزاب الأخرى.
وكان الحزب يأمل في صياغة دستور جديد يحل محل الدستور القائم الذي صاغه الجيش عام 1982، وإقراره في استفتاء شعبي كما فعلت حكومته في حزمة من التعديلات الدستورية عام 2010. وكرر أردوغان التعهد الذي قطعه قبل الانتخابات وهو العمل مع الأحزاب والجماعات الأخرى في صياغة دستور جديد.
وتابع «قدم لنا الوطن سلطة الحكم وعهد إلينا أيضا بمهمة وضع دستور جديد.. أؤكد أننا سنسعى إلى التوصل لتسوية بأوسع شكل من الأشكال مع الأحزاب خارج البرلمان ومع جماعات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والأكاديميين».
وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية، الذي انتخب للمرة الأولى عام 2002، لم يحقق عدد المقاعد التي كان يأمل في الحصول عليها، فقد حصل على نسبة تأييد أعلى من نسبة الـ47% التي حصل عليها في انتخابات عام 2007، وهو ما يشير إلى تزايد التأييد الشعبي للحزب على نحو يفوق منافسيه.
وجاء حزب الشعب الجمهوري العلماني، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، متأخرا عن حزب العدالة والتنمية بحصوله على أقل بقليل من 26%، بزيادة عن مستوى التأييد الشعبي السابق خلال انتخابات 2007 والتي حصل فيها الحزب على 21% من الأصوات، لكن الحزب لم يحصد نسبة الأصوات التي كان يتمناها.
وفاز حزب العمل القومي بـ13% من الأصوات بالرغم من مجموعة من الفضائح الجنسية التي حاصرته خلال الأشهر التي سبقت الانتخابات. وكانت استطلاعات الرأي توقعت أن حزب العمل القومي ربما يحصل بالكاد على 10% النسبة التي تمثل الحد الأدنى لدخول البرلمان.
وحصل حزب السلام والديمقراطية المؤيد للأكراد، الذي يعتمد في الغالب على دعم الناخبين في مناطق جنوب شرق تركيا التي تقطنها غالبية كردية، على أقل بقليل من 6% من الأصوات.
ومن خلال الدفع بمرشحيه بصفة مستقلة للالتفاف على العقبة الانتخابية التي تشترط حصول الحزب على 10% من الأصوات ليحظى بتمثيل في البرلمان، فقد ضمن حزب السلام والديمقراطية نحو 36 مقعداً في البرلمان، وهو عدد أكثر من العشرين مقعدا التي يحتاجها لتشكيل هيئة برلمانية.
ونظرا لأن عددا أقل من الناخبين صوتوا لصالح أحزاب صغيرة لم تتجاوز النسبة الأدنى لدخول البرلمان وزيادة عدد المنتخبين من المرشحين المستقلين، تراجع عدد مقاعد حزب العدالة والتنمية عن ولايته السابقة التي حصد فيها الحزب 341 مقعدا رغم أن نسبة إقبال الناخبين علي التصويت جاءت أعلى في الانتخابات الحالية.
وبلغت نسبة الإقبال بين الناخبين المسجلين في تركيا والبالغ عددهم 52 مليون ناخب 86%، بعد فرز 99.8% من الأصوات وهي نسبة تتجاوز قليلاً النسبة التي سجلت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
يذكر أن حزب العدالة والتنمية حقق تحولاً في تركيا خلال ولايتيه الأولى والثانية، ليطلق فترة من النمو الاقتصادي الكبير وكذلك إصلاحات اقتصادية واجتماعية مكنت البلاد من أن تصبح مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي.
وسعت الحكومة أيضاً إلى التقارب مع الأقلية الكردية في تركياً من خلال اتخاذ خطوات تضمن المزيد من الاستقلال الثقافي والسياسي للأكراد، بيد أن هذه المبادرة بدا أنها تعثرت بسبب عدم وجود رغبة سياسية واضحة، وهو ما دفع بعض الأكراد الذي كانوا موالين لحزب العدالة والتنمية إلى تحويل دعمهم إلى حزب السلام والديمقراطية.
وسيضم البرلمان الجديد أكبر عدد من النساء حيث سيصل عددهن إلى نحو 74 نائبة مقابل 50 في البرلمان السابق، بالإضافة إلى أول نائب من الأشوريين المسيحيين وهو ايرول دورا من محافظة ماردين جنوب شرق البلاد، الذي انتخب كمرشح مستقل مؤيد لحزب السلام والديمقراطية.