x

«المصرى اليوم» فى شوارع القاهرة ليلاً: الشرطة غائبة والانفلات «عرض مستمر»

السبت 11-06-2011 19:20 | كتب: سماح عبد العاطي, مصطفى المرصفاوي |
تصوير : اخبار

الزمان: بعد دقائق قليلة من انتصاف ليل الخميس الماضى. المكان: شوارع القاهرة وضواحيها. الهدف: رصد الحالة الأمنية فى طرق العاصمة وأحيائها، عقب تعدد الشكاوى من الغياب الأمنى فى القاهرة بعد منتصف الليل. بدأنا جولتنا داخل سيارة خاصة من وسط القاهرة، كانت الطرق مزدحمة قليلاً، والسيارات تغلق بعض منافذ الشوارع وكان ذلك مفهوماً إلى حد ما، فاليوم هو الخميس، الذى اعتاد فيه الكثيرون الخروج والسهر حتى ساعات متأخرة، معتمدين على الراحة التى يمنحها لهم يوم الجمعة، ومع مرور الوقت كان الزحام يتلاشى شيئاً فشيئاً، وكان اللافت للنظر أن معظم الطرق حتى المهمة منها، خالية تماماً من كمائن الشرطة، أو حتى تواجد أمنى رمزى.


فى طريق القاهرة الجديدة كانت عقارب الساعة تزحف ببطء فى اتجاه الواحدة والنصف صباحاً، الطريق مضاء والسيارات لا ينقطع مرورها على الطريق، تقل تدريجياً حتى تختفى فى بعض الأماكن وتظهر فى مواضع أخرى، تعبر بنا السيارة مسرعة حتى تصل لبداية طريق القاهرة ـ السويس الصحراوى، لا وجود لأى كمين شرطة على الطريق، ولا أحد يستوقفك ليفحص هويتك أو رخصة السيارة، أو يفتشها، أو يطلب فتح الحقيبة بحثاً عن أسلحة.


ويتكرر الشىء نفسه فى طريق التجمع الأول والثانى حتى الخامس، الفارق الوحيد هو أن تلك التجمعات تحتوى على عمارات سكنية، ومنازل يغط أصحابها فى نوم عميق، بعكس طريق السويس الخالى من الوحدات السكنية، ولو خطر لأحدهم أن يهبط على منزل منها ليسرقه أو يعتدى على أهله فلن يمنعه عائق أو يقف فى وجه تحقيق مشروعه أى حائل.


ومع اقتراب الساعة الثالثة فجراً، كانت السيارات قد انقطعت تقريباً من طريق الأوتوستراد فى اتجاه قلعة صلاح الدين.. حالة من الهدوء تسيطر على الموقف، وبينما يسود الصمت الإجبارى مقابر الغفير، التى تقع على جانب الطريق، يسود الصمت الاختيارى منطقة منشأة ناصر بعد أن أغلق الأهالى عليهم منازلهم، وخلدوا إلى النوم، دون أن يشغلوا أنفسهم باستتباب الأمن فى الخارج من عدمه.


لا تكف عقارب الساعة عن الدوران، ولا تكف عجلات السيارة عن الحركة، فمن «الأوتوستراد» إلى مدينة نصر، التى توغلت فيها السيارة قليلاً إلى أحيائها البعيدة، كان النور قد بدأ يتسلل على استحياء إلى الأرض، وكان عدد من الأشخاص أخذوا فى التجمع عند رؤوس الشوارع حاملين حقائب بلاستيكية، تشى بتوجههم إلى أعمالهم فى الصباح الباكر. استعدت سيارات «الميكروباص» للمرور عليهم، لتوصيلهم فى دورة عمل جديدة، يبدو أنها تتكرر كل يوم، الهدوء لم يدم طويلاً، إذ ظهر أمام قسم شرطة ثان مدينة نصر تجمع كبير لعدد من الشباب، أغلقوا الطريق المؤدى للقسم وراحوا يتحدثون بصوت عال، بينما وقفت قوات الشرطة تراقب المشهد من بعيد كما لو كان الأمر لا يعنيها. لا تخفت الضجة إلا عند مرور دراجة بخارية يقودها أحد الأشخاص، وبمجرد مرورها يهجم عليها الشباب ويستجوبون قائدها. وإذا لم يستجب للوقوف فلا مانع من كسر مرآة دراجته بالعصى التى يحملونها فى أياديهم، والسبب روايتان جاءتا على لسان الشباب، الأولى هى أن سائقى الدراجات البخارية يقيمون سباقاً بدراجاتهم أمام المدينة الجامعية التابعة لجامعة الأزهر، التى يسكنها هؤلاء الشباب باعتبارهم من طلبة الجامعة ويقلقون نومهم بصوت الدراجات، والثانية أن طالبات الأزهر اللاتى يسكن المدينة الجامعية المجاورة لمدينة الشباب شكون من معاكسات بعض سائقى الدراجات البخارية، فكان على الشباب أن يتصدوا لهم، وفى كل الأحوال يمنعونهم من المرور فى الشارع.


لم يكتف الطلبة باعتراض سبيل الدراجات البخارية، فما إن رأونا نصور تجمهرهم أمام قسم الشرطة واعتراضهم الدراجات البخارية حتى حولوا انتباههم إلينا وتركوا ما كانوا منشغلين به، طالبين من زميلنا المصور أن يمحو الصور التى التقطت لهم بدعوى أنها «تسىء لطلبة الأزهر المقيمين فى المدينة الجامعية».


وقبل أن يرد الزميل محمد معروف، كانت جموع الطلبة قد أحاطت تماماً بالسيارة التى نستقلها، ولم يكتفوا بذلك، بل راحوا يضيقون من حلقتهم، ثم أخذوا فى الطرق على سقف السيارة، وزجاجها الأمامى والخلفى، وخوفاً على سيارته لم يجد السائق مفراً من الهروب من وسط جموع الطلبة، دافعاً إياهم فى طريق سيارته حتى خرج من بينهم.


ورغم أن المشهد السابق لم يكن يفصله عن قسم الشرطة سوى أمتار قليلة، إلا أن أحداً لم يتحرك فى القسم ليعرف ما يحدث بصورة تعكس الغياب الأمنى داخل شوارع القاهرة، بعد منتصف الليل.. حتى أمام أقسام الشرطة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية