في تصعيد جديد بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، بسبب إقدام أنقرة على شراء صفقة الصواريخ الدفاعية «S-400» من روسيا، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده لن تتراجع عن صفقة شراء هذه المنظومة من روسيا، مشيراً إلى أن البلدين سيبدآن بالإنتاج المشترك للمنظومة.
وأضاف أردوغان، خلال مقابلة مع قنوات محلية تركية، مساء الأربعاء: «أنهينا موضوع S-400، ولا يمكننا التراجع أبداً، اتفقنا مع الروس، وسنبدأ الإنتاج المشترك».
وقبل يومين، تلقت تركيا تحذيرا من قائد القيادة الأوروبية الأمريكية لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، كريس سكاباروتي، من شراء صواريخ صفقة الصواريخ الدفاعية «S-400» من روسيا، وإصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على إتمام الصفقة مع الروس.
وقال سكاباروتي إنه ينصح أمريكا بألا تبيع مقاتلات F-35 لتركيا في حال إصرارها على الحصول على المنظومة الصاروخية الدفاعية الروسية.
ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً مرسوماً رئاسياً الشهر الماضي بوقف صفقة بيع مقاتلات إف 35 إلى تركيا.
وتعد المنظومة الصاروخية S-400 الروسية من المنظومات العسكرية المتطورة والتي تحظى بسمعة على المستوى الدولى، وتسعى دول مثل الصين والمملكة العربية السعودية وتركيا والهند وقطر لشرائها.
وأكد القائد في الناتو أن المنظومة الروسية لا يمكن أن تعمل مع المنظومات الموجودة لدى الحلف ولا في منطقة الدفاع الجوي التابعة للناتو، لافتا إلى أن ذلك يمثل المشكلة الأولى.
ورأى سكاباروتي أن المشكلة الثانية تكمن في بيع أمريكا لـ F-35 لتركيا، مشيرا إلى أن بيع هذه المقاتلات لحليف يمتلك نظاما دفاعيا روسيا، يعتبر أمرا «غير مقبول».
المشهد في تصاعد
ويرى خبراء أن التحذير الأمريكي ينبع من مخاوف حول نقل التكنولوجيا العسكرية الأمريكية إلى الجانب الروسي، وأن المشهد آخذ في التصعيد بين البلدين، خاصة أن تركيا تعتمد تاريخيا على السلاح الأمريكي كونها عضو في حلف الناتو.
ويرى الدكتور محمد كمال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن التخوف الأمريكي من صفقة الـS400 يكمن بالأساس من نقل التكنولوجيا العسكرية الأمريكية إلى الجانب الروسي عبر التعاون مع الخبراء الروس لتشغيل المنظومة والتدريب عليها، واختراق نظم الطائرات الأمريكية وهو ما ينعكس في تهديد أمريكا لتركيا بوقف برنامج طائرات الـ F 35.
وأضاف كمال، في تصريحات لـ«المصرى اليوم»: «كما أن صفقة الـS400 تعطى استقلالية أكثر لتركيا التي تعد سوقا للسلاح الأمريكي، وهو ما يخيف أمريكا بخسارة السوق التركي».
ويرى بشير عبدالفتاح الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن أردوغان فاجأ الجميع بتصريحاته، التي ستصعد الموقف على حد تعبيره.
وتابع عبدالفتاح قائلا: «هناك أصرار أمريكي لإيقاف تلك الصفقة عبر عرضها منظومة باتريوس لكن تركيا راغبه في تنويع مصادر السلاح»، مشيرا إلى أنه قد يتم توقيع عقوبات على تركيا بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات.
ويضيف الباحث السياسي أن هناك اتجاه آخر يرى أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة والغرب خسارة تركيا كحليف، مضيفا أن هناك مخرج للأزمة، يسمح للرئيس الأمريكي لاستثناء بعض الدول من العقوبات مما يسمح لها بشراء أسلحة من روسيا وهو ما حدث مع الصين عند شراء منظومة الـ لـS400، متوقعا أن «تطرح تركيا هذا الحل».
وأصدر الكونجرس الأمريكي، العام الماضي، «قانون مكافحة أعداء أمريكا بالعقوبات»، الذي ينص على فرض عقوبات على دول وشركات تعاونت مع مؤسسات وهيئات لها علاقة بوزارة الدفاع الروسية، واستخبارات موسكو.
وتابع الباحث بمركز الاهرام: «في حالة عدم موافقة الولايات المتحدة على الاستثناء وإصرار الرئيس التركى على الصفقة، فإن أردوغان سيضع نفسه بين أنياب الأمريكان، كما سيكون هناك إمكانية لتطبيق عقوبات اقتصادية على تركيا وهو أمر لا تتحمله البلاد».
ولم يستبعد الباحث بمركز الأهرام أن يصل الأمر لمحاولة تدبير أمريكا لانقلاب عسكري مرة أخرى على أردوغان.