أكد أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن ظروف الاضطراب والتشرذم التي ما زالت تواجه بعض الدول العربية توفر مساحات لتواجد الجماعات الإرهابية الدموية، مشددا في الإطار ذاته على أن اقتلاع داعش وأشباهها من الأرض، لا يعني اجتثاثها من العقول التي ما زالت تعشش فيها وتملأها بشتى صنوف الكراهية والهوس والتشدد.
جاء ذلك، في كلمته خلال افتتاح أعمال الاجتماع الوزاري المشترك لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب، اليوم في تونس، والتي وزعتها الأمانة العامة للجامعة العربية بالقاهرة.
شارك في الجلسة الافتتاحية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير داخلية المملكة العربية السعودية «رئيس الدورة الـ36 لمجلس وزراء الداخلية العرب»، والشيخ د. وليد بن محمد الصمعاني، وزير العدل بالمملكة العربية السعودية «رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب».
وقال «أبوالغيط» إن المنطقة العربية ما زالت عُرضة للمخاطر الأمنية والتهديدات ذات الطبيعة الاستثنائية، مشيرا إلى أن الإرهاب هو التهديد الأخطر على الإطلاق، سواء من حيث جسامة خسائره أو تأثيراته الممتدة على استقرار المجتمعات وقدرتها على مباشرة عملية تنموية متواصلة، رغم ما تحقق من نجاحات مشهودة في مواجهة هذه الآفة خلال الأعوام الماضية. وأشاد بهذه النجاحات والتضحيات التي قدمها رجال مخلصون مؤمنون بأن الأوطان ووحدتها وسيادتها هي رهن باستعداد أبنائها للتضحية من أجلها، والذود عنها.
وقال: «إننا لا ننسب الفضل في المعركة ضد الإرهاب إلى المؤسسة الأمنية وحدها أو إلى رجال العدل والقانون دون غيرهم، وإنما تظل الشعوب ذاتها هي خط الدفاع الأول في مواجهة هذا المرض الخبيث، كون جماعات الإرهاب ولا تستهدف سوى كسر إرادة الشعوب وتطويعها، وبالتالي فإذا صمدت المجتمعات، وصحت عزائم الشعوب، تجد هذه الجماعات الإرهابية نفسها معزولة ومرفوضة وعاجزة عن تحقيق غاياتها الشريرة».
وتابع: «برغم ما تحقق خلال الفترة الماضية، خاصة على صعيد مواصلة القضاء على الوباء المُسمى بداعش، وتطهير الأراضي العربية منه، فلا ينبغي الركون إلى الشعور بالطمأنينة أو الرضا عما تحقق، محذرا في هذا السياق من أن هذه الجماعات لديها القدرة على تغيير جلدها، وتطوير أساليب عملها لتضرب من جديد، خاصة أن الأدوات التي يوفرها هذا العصر لجماعات الإرهاب تفوق أي وقت سابق».
وأضاف «أبوالغيط» أن الإرهابيين تمكنوا من الاعتماد على وسائل الاتصال والتكنولوجيا الرقمية، لتوسيع دائرة التجنيد وتعظيم قدرتهم على توجيه الضربات الموجعة.
ونوه في هذا الإطار بأهمية الدور الذي يقع على عاتق هذا المجلس، بشقيه الأمني والعدلي، في ملاحقة هذه التطورات في الجريمة الإرهابية بأدوات قضائية جديدة وأساليب أمنية متطورة تُجاري العقل الإرهابي والخيال الإجرامي، خاصة أن جماعات الإرهاب تعمل بالتناغم والتضافر مع منظمات الإجرام العابرة للحدود.
وقال إن الإرهاب والجريمة المنظمة وجهان لعملة واحدة، كلٌ منهما يُعزز الآخر ويتغذى عليه وقد شهدنا هذا التضافر في حالة داعش والقاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية التي ارتبطت بالجريمة المنظمة في صورها المختلفة.
وأكد «أبوالغيط» أنه يظل العامل الحاسم في مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة رهنًا بتعزيز القدرة على التنسيق بين الجهات والمؤسسات المختلفة داخل الدولة الواحدة، وبين الدول وبعضها البعض. وأضاف أنه ما زالت الاتفاقية العربية للإرهاب الموقعة عام 1998 مثالًا يحتذى على إمكانية تطوير تعاون إقليمي ناجح وممتد في مجال مكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن هذا الاجتماع يحمل فرصة لتفعيل الاتفاقيات الأمنية والقضائية العربية، بما يتماشى مع التحديات التي توجهها المنطقة العربية.