x

سيوة تحول «صخر الملح» إلى تحف فنية وأدوات تجميل

الخميس 28-02-2019 00:33 | كتب: سحر المليجي, غادة محمد الشريف |
واحة سيوة واحة سيوة تصوير : غادة محمد الشريف

لكل بحيرة فى سيوة رونقها وجمالها واستخداماتها، ففى الوقت الذى يتم فيه استخراج خام الملح لإذابة ثلوج أوروبا من بحيرة الزيتون، وبحيرة غرب سيوة كمزار سياحى، نجد أهالى سيوة يستغلون بحيرة أغورمى استغلالا خاصا، لا يوجد فى أى مكان آخر سواها، حيث ساعدت زيادة كثافة الملح وعوامل الطبيعة الساحرة فى تحويل أملاح بحيرة أغورمى ذات الـ960 فدانا، إلى طبقات صخرية، لتساعد أهلها على ابتكار سبل جديدة للحياة وفتح أبواب عمل للشباب وأهالى سيوة، التى يعيش فيها 35 ألف مواطن، من خلال تحويل صخر الملح إلى «أنتيكات» وقطع فنية للديكور، ولا مانع من عمل قطع ملحية تشبه الصابون، من أجل استخدامها لعلاج الأمراض الجلدية، أو فى التخلص من الطاقة السلبية.

يقول عيسى عبدالله موسى، 66 عاما، إن أهالى سيوة اكتشفوا صلابة ملح بحيرة أغورمى منذ 30 عاما، وهو ما دفعهم للبحث عن كيفية استغلالها، بما ينفع أهالى الواحة، وضيوفها من السائحين الذين يترددون عليها.

ويضيف عيسى الذى يعمل فى تشكيل صخر ملح أغورمى منذ 30 عاما: «قرر عدد من أهالى الواحة استخراج تلك الصخور وبدأنا فى عمل صابون ملحى منها، خاصة أن كل الزائرين يقومون برحلة علاج للأمراض الجلدية، بسبب ملوحة مياه بحيرات سيوة وقدرتها على الشفاء من عدة أمراض، ومع الوقت بدأنا فى تطوير استخدامات صخر الملح».

وأضاف: «مع صلابة الملح وصعوبة تكسيرة، فكرنا فى عمل أشكال فنية، من مصابيح وأباجورات وشمعدان من خلال ورش متخصصة، حيث نستخرج ألواح الملح، ثم نقوم بتصنيعها فى الورشة، استعدادا لتسويقها فى المحلات، وورشتى لا تتوقف عند صناعة الصابون والأشكال الفنية، بل نقوم بعمل خلطات ملحية لتنظيف البشرة، بالإضافة إلى بعض الأشكال الفنية الخاصة التى يطلبها زبائننا مثل القلوب والورود».

محمد حسين 24 عاما، عامل فى ورشة، يقول إن صناعة «صخر الملح»، وإعادة تشكيله، تعتبران مهنة تراثية، لأنها تخص أهالى سيوة وحدهم، لكنها ليست قديمة، وتعانى من مشكلات عدة أهمها ضعف تسويق المنتج، لعدم وجود دعاية كافية، كما أنها تعتمد على زائرى واحة سيوة فقط من السائحين، وأهالى سيوة الذين لا يستغنون عن قطع الملح للتخلص من الطاقة السلبية.

ويضف: «للأسف منظومة صناعة الملح فى سيوه منظومة عشوائية وصناعته تختلف من تاجر لآخر وأسعاره حسب تكلفة الاستخراج والنقل، وتكلفة استخراج 5 أطنان من الملح من البحيرة ونقله للورشة تتراوح من 700 جينه لـ1600 جينه يوميا، ويعمل فى الورشة 15 فتاة، تعملن فى تزيين المصابيح ونقشها وإضافة الأسلاك الكهربية إليها، فيما يوجد 20 عاملا آخر يعملون فى تكسير الصخور وتقطيعها ونحتها وتشكيلها، وتكلفة عمل الورشة يوميا تصل إلى 5000 جنيه».

وعن مراحل التصنيع فى الورشة يقول محمد: «تبدأ بتنظيف صخور الملح من الأتربة، ثم وضع الصخور على ماكينة تقطيع، لعمل قطع صخرية، بأحجام وأشكال مختلفة منها المربع والمستطيل والدائرى، ثم تبدأ مرحلة النحت، من خلال ماكينة التفريغ، والتى تقوم بعمل الشكل المطلوب، لتبدأ مرحلة التزيين ثم تركيب الأسلاك الكهربية».

محمد الذى يعمل على ماكينة تقطيع يؤكد أن عمله مربح، حيث يحصل على أجر يومى يتراوح بين 100 و200 جنيه وفقا لساعات عمله، وأنه بدأ العمل منذ 5 سنوات عندما كان طالبا بكلية التجارة.

«محمود» البالغ من العمر 27 عاما، يتولى مسؤولية تنظيف صخور الملح من الأتربة، حيث يستقبل قطع الملح المستخرج من البحيرة، بصورته الطبيعية غير متساو، ليقوم بتنظيفها وتهذيبها لإمكانية وضعها على ماكينة التقطيع.

حسن خليفة، هو الآخر يعمل فى تنظيف صخور الملح، ولكن بـ«صاروخ كبير»، حيث يقوم بتقطيع الصخور إلى قطع صغيرة تتفاوت حجمها من 20 إلى 50 سم، تمهيدا لوضعها فى ماكينة التفريغ، مؤكدا أن عمله تسبب فى إصابته بالحساسية بسبب «رذاذ الملح» الناتج عن عملية التنظيف والتقطيع، رغم حرصه على ارتداء غطاء لوقاية الأنف والفم.

بينما يتولى محمد سعيد 22 عاما، عملية تفريق قطع الملح، لتخرج فى شكلها النهائى فى صورة مصباح أو أباجورة أو شمعدان.

بعد خروج الشكل النهائى للأباجورة، تبدأ مرحلة عمل «وردة»، ذات الـ15 عاما، حيث تقوم بتحويل «الأباجورة أو الشمعدان» إلى عمل فنى، بإضافة لمسات جمالية عليها بتزيينها بالملح الملون والزيوت الطبيعية، وإضافة شغل الكهرباء عليها، لتصبح أباجورة ملحية مضيئة كهربيا.

لا يختلف الأمر كثيرا مع وفاء إبراهيم، 16 عاما، والتى تعمل هى الأخرى لمساعدة أهلها، قائلة: «أقوم بتشكيل الأباجورات بألوان مختلفة، بالإضافة إلى صناعة ملح معطر للجسد وصابون الملح، لافتة إلى أن عملها يستغرق ساعات طويلة كى تخرج الأباجورة كعمل فنى جميل».

رغم التميز والتفرد لأهالى سيوة بمنتجهم، إلا أن مشكلتهم الكبيرة هى عدم تسويق منتجهم كما يحكى الطيب محمد عبدالله، 22 عاما، صاحب بزار، يقول «المنتجات الملحية السيوية، عديدة، فهناك الأشكال الفنية من أباجورات ومصابيع وشمعدان تتراوح أسعارها من 40 إلى 150 جنيه على حسب الحجم والشكل والرسم، ويقبل على شرائها السائحون، فى الوقت الذى يقبل فيه المصريون على شراء منتجات البشرة من صابون ومعطر للجسم لإزالة الحبوب ومعالجة الحساسية ويبدأ سعرها من 10 إلى 40 جنيها، مؤكدا أن المنتج يحتاج إلى تسويقه محليا وخروجه من سيوة إلى باقى المحافظات المصرية، خاصة مع تميز وجودة ملح سيوة، بالإضافة إلى تصديره عالميا، لأن تسويقه فى سيوة يعتمد على حركة توافد السائحين، الأمر الذى يجعل حركة البيع والشراء متوقفة فى كثير من الأوقات.

ومن جانبه يقول سليمان عبدالله محمد، موجه بالتربية والتعليم، ورئيس جمعية أبناء سيوه للخدمات السياحية والحفاظ على التراث، إن صناعة الملح وفوائده لن تنتهى وكل فترة نجد اكتشافات جديدة لفوائد الملح، مضيفا أن السياحة العلاجية فى سيوه قائمة بشكل كبير على الملح لإزالة الطاقة السلبية، حيث إن بحيرات «الكتل الصخرية الملحية»، مهددة بالانقراض، مع الاستخدام الجائر لها، مشيرا إلى أن هناك عددا كبيرا من السياسيين والفنانين من كل أنحاء العالم، جاءوا بهدف الاستحمام بها، منهم الأمير تشارلز و«اشر» المغنى الأمريكى.

وأضاف أن الاستحمام بالبحيرات المحلية أو الدفن بكهوف الملح يساعد على إزالة الطاقة السلبية، بالإضافة لتنعيم الجلد وقتل الفطريات والبكتيريا وإزالة الطاقة السلبية والضغط العصبى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية