أكد الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة أن أمن بلاده يتطلب الوحدة والعمل والتوافق الوطنى، مناشدا جميع أفراد الشعب الجزائرى تغليب مصلحة الجزائر عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على الاستقلال السياسى والاقتصادى، وذلك فى إطار الجدل المتزايد والاحتجاجات الشعبية الرافضة لخوضه سباق الانتخابات الرئاسية لعهدة خامسة على التوالى فى الاقتراع المقرر إجراؤه فى 18 إبريل المقبل.
وقال بوتفليقة، فى رسالته بمناسبة اليوم الوطنى للشهيد، مساء مس الأول، التى قرأها نيابة عنه وزير المجاهدين الجزائرى الطيب زيتونى، «إن أمن الجـزائر لا يتطلب القوة الـمسلحة فحسب، بل يتطلب كذلك الوعى والوحدة، والعمل والتوافق الوطنى»، وناشد بوتفليقة جميع أفراد الشعب الجزائرى العمل يدا واحدة لصون رسالة الشهيد وحفظ أمانة الشهيد بالاستمرارية على درب البناء والتشييد، وتغليب مصلحة الجزائر على تنوع الأفكار كلما تعلق الأمر بالحفاظ على الاستقلال السياسى والاقتصادى والأمنى. وقال: «صحيح أننا ننعم اليوم بتقدم كبير غير أن هذا كله كان ثمرة جهود ومثابرة فى الجهاد الأكبر، جهاد البناء والتشييد منذ الاستقلال.. واليوم ونحن نعيش فى فضـاء يعج بمخاطر وبتقلبات، يجـب علينا الحرص على حفظ الـمكاسب والعمل لتحقيق المزيد من التقدم». وأضاف: «وصحيح أننا ننعم بأمن مصون بفضل تضحيات أبناء الجيش سليل جيـش التحرير الوطنى الذى أتوجه باسمكم إليه وإلى كافة أجهزة الأمن، ضباطا وصف ضباط وجنودا بتحية تقدير وإكبار على احترافيتهم وتضحياتهم، وكذلك عملهم الذى دحروا به بقايا الإرهاب وضمنوا به سلم واستقرار أرض الجزائر الطاهرة».
من جانبه، دعا عبدالمالك سلال، مدير حملة بوتفليقة، إلى «التعقل» وعدم اللجوء إلى الشارع للتعبير عن المواقف، وذلك فى أول رد على احتجاجات ودعوات للتظاهر فى البلاد، يومى 22 و24 فبراير الجارى، ضد إعلان ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وأضاف، فى كلمته خلال اجتماعه مع اتحاد النساء الجزائريات: «نقبل بالرأى الآخر لا يوجد مشكل ولكن بسلمية وليس هناك داع للخروج إلى الشارع»، وتابع: «نحن جزائريون، مهما كانت الظروف يجب أن يأتى يوم لنحاور بعضنا البعض والندوة الوطنية ستكون فرصة ولن تكون مغلقة أو باتجاه واحد»، فى إشارة إلى فتحها أمام المعارضين، وتطرق «سلال» لقضية صحة بوتفليقة المثيرة للجدل بقوله: «لما جاء الرئيس عام 1999 كان بصحة جيدة لكن الجزائر كانت مريضة، ولكن الجزائر اليوم قوية، وهو تراجعت صحته وقبل أمام ضميره وأمام الله والناس أن يواصل عمله». وأضاف: «بوتفليقة لم يطلب أى شىء وبعد تحقيق البنية التحتية لا بد أن نستكمل المسار، ونحن أمام انتقال بين الأجيال لفائدة جيل الاستقلال» فى إشارة إلى إمكانية وصول شخصية من جيل الاستقلال للحكم فى المستقبل.
وفى الوقت نفسه، يعرض رئيس الوزراء الجزائرى أحمد أويحيى، الإثنين المقبل، أمام البرلمان، حصيلة العمل السنوية للحكومة التى تشمل «إنجازات» 20 سنة من حكم بوتفليقة.
ومن ضمن الإنجازات، بناء أكثر من 4 ملايين سكن، كما يتم حاليا إنجاز قرابة مليون وحدة سكنية جديدة، وانتقل معدل شغل السكن الواحد من 7.5 أشخاص عام 1999 إلى 4.5 أشخاص حاليًا، وبناء 336 كيلومترا إضافية من شبكة السكك الحديدية، وإنشاء 20 ميناء و10 مطارات، إلى جانب انتقال نسبة الربط بالغاز من 30% إلى 58% حاليا وتغطية شبكة المياه انتقلت من 78% إلى 98% حاليًا، ومن المنتظر أن تتحول جلسة مناقشة حصيلة عمل الحكومة بالبرلمان إلى ساحة مواجهة «انتخابية» مبكرة بين الموالاة والمعارضة التى تنتقد فترة حكم بوتفليقة. ورغم اعترافها بدوره فى تحسن الوضع الأمنى وإرساء سياسة خارجية «متوازنة»، تتوحد مواقف المعارضة فى أن فترة حكم بوتفليقة شهدت انتشارًا كبيرًا للفساد بصرف أكثر من ألف مليار دولار من عائدات النفط دون تحقيق نهضة اقتصادية، وهو ما ترفضه الحكومة، وتحاول أقطاب المعارضة التحالف لمواجهة بوتفليقة فى الانتخابات المقبلة، التى يرى مراقبون أنها محسومة سلفا لصالح الرئيس المريض، والمقعد على كرسى متحرك منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013، بحكم الدعم الذى يحظى به من الموالاة ورجال المال والطرق الصوفية، ومن المقرر أن تبحث قوى معارضة، اليوم لاختيار شخصية توافقية لدخول السباق، فى مواجهة بوتفليقة.