قال المهندس محمد الخشن، الخبير في صناعة الأسمدة، رئيس جمعية تجار وموزعي الأسمدة، إن الإصرار على انتظام إقامة الملتقى العربي للأسمدة في مصر هو رسالة دعم سياسي لمصر، وتأكيد على حالة الاستقرار السياسي التي تشهدها البلاد، مشيراً إلى أن الملتقى ناقش مستقبل الاستثمارات في قطاع الأسمدة في المنطقة العربية والعالم.
وأضاف «الخشن»، في تصريحات صحفية على هامش الملتقى، إن مصر لديها 8 مصانع للأسمدة تنتج 22.5 مليون طن 15% أزوت تمثل 8% من الإنتاج العالمي من الأسمدة، بينما يصل الفائض في الإنتاج إلى حوالي 12.5 مليون طن، مقابل 10 ملايين طن يتم توجيهها لاحتياجات الاستهلاك المحلي، مشيراً إلى أن 60% من الإنتاج يتم استهلاكه محلياً ويتم تصدير الباقي.
وشدد «الخشن» على أهمية مراجعة قرار الحكومة بتخصيص 55% من الطاقة الإجمالية لمصانع الإنتاج للسوق المحلية، على أن تكون الحصص بمعدل يصل إلى 45% للسوق المحلية و55% للتصدير إلى الخارج، مشيراً إلى أنه ليس من الضروري أن تتجاوز نسبة الاحتياطي الاستراتيجي من الأسمدة حاجز الـ5% لأن 20% من الإنتاج أصبح مكدساً في مخازن المصانع.
وكشف عن أن نظام التوزيع الحالي للأسمدة ودعم الأسمدة من خلال التعاونيات الزراعية والبنك الزراعي المصري به «عوار»، حيث تنتج الدولة أسمدة مدعمة وأخرى غير مدعمة، ورغم أن دعم الأسمدة تتحمله الشركات المنتجة، فإن وجود سعرين للسلعة نفسها يخلق أبواباً كثيرة للفساد، ولا يحقق المصلحة للفلاح المصري، حيث لا يمكن ضمان وصولها إلي المزارع بالأسعار المعلنة أو الحقيقية لتكلفة الإنتاج، في ظل وجود المنظومة الحالية المتعلقة بصرف الأسمدة لملاك الأراضي وليس المستأجرين، وهو ما يدفعهم إلى التوجه إلى السوق الأخرى الحرة لتلبية احتياجاتهم من هذه الأسمدة بأسعار أعلى من أسعار الأسمدة المدعمة، بالإضافة إلى أن المقننات السمادية الحالية لا تلبي الاحتياجات الفعلية للأراضي المصرية، ما يخلق عواراً في أسواق توزيع الأسمدة.
وأوضح «الخشن» أنه تقدم بدراسة تفصيلية عن الوضع الحالي لاستهلاك الأسمدة في مصر والاحتياجات الفعلية وكيفية التعامل مع نظام الأسعار الحالية للأسمدة، مؤكداً أن الدراسة تقترح قلب النسبة المخصصة من إنتاج مصانع الأسمدة الأزوتية للسوق المحلية لتصل إلى 45% من طاقتها الإنتاجية بدلاً من 55% وتوجيه فروق الفوائق من هذه النسب البالغة 10% إلى صندوق خاص يكون بديلاً لنظام الدعم الحالي للأسمدة يتم الصرف منه على احتياجات الحكومة من إنتاج المحاصيل الاستراتيجية.
وأكد الخبير في صناعة الأسمدة أن الصندوق تصل محفظته المالية إلى حوالي 9 مليارات جنيه يتم الصرف منها لصالح المزارعين في حالة قيامهم بزراعة المحاصيل التي تحتاجها الدولة للمنتجات الغذائية، ويتم من خلالها ربط الدعم بتوريد المحصول للدولة، على أن يقتصر ذلك على محاصيل القمح والذرة والقصب وبنجر السكر والمحاصيل الزيتية، التي تعاني مصر من فجوة تتجاوز 90% من الاحتياجات الاستهلاكية إزاءها.
وتابع «الخشن» أن الصندوق يسهم في تشجيع الفلاحين على زراعة هذه المحاصيل، ويقلل من خطط البعض للاستفادة من دعم الإنتاج المحلي من القمح ومنع توريد الحبوب المستوردة على أنها من الأقماح المحلية، فضلاً عن ربط الدعم بالتوريد كما يحدث في الدول التي تشجع الفلاح على زراعة محاصيل معينة.
وأشار إلى أن الدراسة تشمل أيضاً حظر تقديم دعم للأسمدة لاستخدامها في زراعة المحاصيل الشرهة للمياه أو المحاصيل ذات الإنتاج الكثيف مثل محاصيل الخضروات والفاكهة، لافتاً إلى أنه لا يمكن تقديم دعم لزراعة الموز الأكثر استهلاكاً للمياه، والذي يحقق إنتاجاً أعلى وأرباحاً أكثر للمنتجين.
ولفت «الخشن» إلي أن منظومة توزيع الأسمدة بوزارة الزراعة تحتاج إلى إعادة تنظيم من خلال قاعدة بيانات دقيقة تحدد الاحتياجات المختلفة للمحاصيل بدقة لوضع استراتيجية واضحة لضمان كفاءة الاستخدام لكل المساحات المزروعة بمختلف المحاصيل، أسوة ببقية الدول الأخرى التي تُعد أقل في الخبرات الزراعية، حيث تمتلك الفلبين على سبيل المثال قاعدة بيانات دقيقة منذ عام 1993.
وكشف «الخشن» عن أن إسهام الأسمدة في تكلفة مستلزمات الإنتاج يتراوح ما بين 12- 15% من تكلفة الإنتاج، موضحاً أن منظومة تحرير الأسمدة تستهدف الحد من دور التعاونيات والبنك الزراعي في احتكار الأسمدة وتسببها في حدوث اختناقات في الأسواق وخلل في منظومة التوزيع والأسعار، ما يؤدي إلى عوار المنظومة.
ولفت إلى أن مستقبل الاستثمار في صناعة الأسمدة الأزوتية يتجه صوب التصدير إلى الخارج لأن مصر تمتلك ميزة نسبية في تصدير الأسمدة الأزوتية لتوفر الغاز المصري اللازم لمكونات الصناعة والخبرة الفنية المصرية التي أقامت الصناعة في عدد من الدول العربية، ومنها السعودية وقطروالجزائر والعراق، فضلاً عن موقع مصر العبقري بين مختلف مناطق استهلاك وتسويق الأسمدة في العالم.
وأشار إلى أن الإنتاج الجديد من الغاز من حقل ظهر واكتشافات الغاز الأخرى أسهمت في استئناف إصدار رخص إنشاء مصانع جديدة لإنتاج الأسمدة الأزوتية، فضلاً عن الميزة النسبية لمصر من احتياطات الفوسفات بإجمالي 400 مليون طن في مناطق أبوطرطور والسباعية والبحر الأحمر.