نزل الشارع 4 مرات.. الأولى فى عهد الضباط الأحرار.. والثانية أثناء محاكمات 1968.. والثالثة فى انتفاضة الخبز.. والرابعة فى أحداث الأمن المركزى
ما بين 23 يوليو 1952، حيث البيان الأول الذى أعلنه تنظيم الضباط الأحرار وجاء فيه: «اجتازت مصر فترة عصيبة فى تاريخها الأخير من الرشوة والفساد، وعدم استقرار الحكم»، ويناير2011، بتأكيد الجيش فى أول بياناته أنه «يقر المطالب المشروعة للشعب»، مر نحو 59 عاماً، شهدت خلالها مصر 4 رؤساء جاءوا من المؤسسة العسكرية، وتحولاً من النظام الملكى، إلى الجمهورى.
بيان الضباط الأحرار، عقب ثورة يوليو 1952، توقع أنه «لابد أن مصر ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب»، حسبما قال الرئيس الراحل أنور السادات أثناء إذاعته خبر «الحركة المباركة»، كما سميت حينها، وما توقعه الجيش من الشعب فى ثورة يوليو وجده، حيث نزل الشعب إلى الشارع ورحب بالخطوة، حسب تأكيد الكاتب الصحفى محمد عبدالمنعم، فى معرض حديثه عن رد فعل الشعب المصرى حينها، وقال إن الموقف كان واحداً فى ثورة 25 يناير، باختلاف من أمسك زمام المبادرة حيث إن الجيش قرر عدم مواجهة الشعب مادامت أنها رغبته، وأنقذ البلاد من الدخول فى معركة، معتبراً أن تبادل الأدوار ناتج عن اتجاه عام وعقيدة راسخة بأن «الجيش هو جيش الشعب».
ورأى عبدالمنعم أن الاختلاف بين الثورتين يكمن فى اتجاه ورغبات ثوار يوليو الحقيقية، واتجاه القوات المسلحة فى يناير، موضحاً أن الجيش فى يناير 2011 محترف، ومنضبط، وبعيد عن السياسة، وليست له طموحات، على عكس يوليو 52، حين لم يكن محترفا، والقوات التى قامت بالثورة لم تكن مسلحة.
وقال الفريق محمد الشحات، قائد قوات الدفاع الجوى الأسبق، إن الفرق كبير بين موقف الجيش فى المرتين، موضحاً أن الجيش قام بالثورة فى 1952، وأن القيادة التى تولت السيطرة على الأمور من الألف إلى الياء بمجرد توليه السلطة كانت ثورية، على عكس ما حدث فى 25 يناير التى لم يكن للجيش فيها أى دور فى البداية، مؤكداً أن الجيش شدد على عدم بقائه فى السلطة.
مبادئ الثورتين فيها اختلاف، فثورة يوليو 1952، كان أهم مبادئها بناء جيش مصرى حديث، على عكس 25 يناير فمصر بها جيش قوى وحديث ومدرب، بحسب اللواء عبدالمنعم كاطو، الخبير العسكرى والاستراتيجى، الذى يلفت النظر إلى أن نزول الجيش إلى الشارع المصرى فى 25 يناير ليس الأول من نوعه، وإن كان الأهم - على حد تعبيره- موضحاً أن الجيش نزل الشارع قبل ذلك 4 مرات فى فبراير 1968 أثناء محاكمات الطيران، فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وفى أحداث 18 و19 يناير 1977 التى عرفت بـ«انتفاضة الخبز» فى عهد أنور السادات، وفى أحداث الأمن المركزى عام 1986، فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك.
وقال كاطو إن نزول الجيش إلى الشارع فى كل مرة، كان لحماية الشرعية الدستورية وأمن الدولة، وليس لحماية أمن النظام، معتبراً أن نزوله فى 25 يناير «كان الأكبر» لأنه مثل نقطة تحول فى الأحداث.
اللواء عادل سليمان، مدير المركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، يصف نزول الجيش للشارع فى 25 يناير بأنه كان حالة خاصة، لأن النزول من قبل كان يهدف للسيطرة على موقف محدد له مطالب محددة، مدللاً على وجهة نظره بالأحداث التى سبق أن نزل الجيش فيها إلى الشارع، بداية بمظاهرات الطلاب عام 68 اعتراضاً على محاكمات قادة سلاح الطيران، وهو الموقف الذى تدخل فيه الجيش لاحتواء مطلب بعينه، وفى 1977 عندما اندلعت المظاهرات احتجاجاً على قرارات رفع الأسعار، وتم إلغاؤها، وانتهى الأمر، وفى أحداث الأمن المركزى عام 1986، عندما نزل الجيش للسيطرة على عمليات التخريب التى نتجت عنها. أما فى 25 يناير فإنه نزل الشارع وهو مطالب باتخاذ قرار «إما مساندة النظام أو المطالب الشعبية».
واعتبر الدكتور محمد الجوادى، الكاتب والمؤرخ، أن النقطة الأبرز التى تميز ثورة يوليو، عن يناير، هى غياب الكفاءات، التى يمكن لها أن تساعد المجلس العسكرى على إدارة البلاد، ووجود شخصيات ضعيفة غير قادرة على الحسم حوله، واصفاً من قاموا بثورة يوليو بأنهم مجموعة مغامرين استهدفوا الوصول للحكم، مؤكداً أن الجيش عند نزوله الشارع فى 25 يناير كانت مهمته حماية الشعب، وتأمين البلد، بهدف إدارة الأزمة حتى تمر البلد بسلام.