x

مصر تطلق لحيتها.. السلفيون يخرجون من القمقم

الثلاثاء 07-06-2011 17:09 | كتب: حمدي دبش, هاني الوزيري |
تصوير : تحسين بكر

ربما لم تسفر ثورة 25 يناير عن بروز قوة سياسية أو اجتماعية فى المجتمع، بقدر ما أبرزت التيار السلفى، الذى فاجأ الجميع بخروجه من القمقم الذى كان يعيش فيه إجبارياً طوال السنوات الماضية، بسبب الضغوط والمضايقات الأمنية.


ولم يكن التيار السلفى جزءاً من الحراك الشعبى أو السياسى، الذى يطالب بالإصلاح السياسى، بل اشتهر رموزه بإطلاق عدد كبير من الفتاوى ضد المظاهرات فى بدايتها، وأعلنوا موقفهم الرافض للخروج على الحاكم وأيدوه بفتوى «أطع ولى الأمر حتى لو جلدك وسلب أموالك»، باستثناء محمد حسان، ومحمد عبدالمقصود، وبعض أبناء التيار فى الإسكندرية الذين ساندوا الثورة، وبعد نجاح الثورة ربما لم يجد الباقون أى مصلحة فى الصدام معها.


كان الاستفتاء على التعديلات الدستورية هو أول إعلان عن ظهور السلفيين، حيث أصدرت الدعوة السلفية بالإسكندرية أول بيان لها طالبت فيه الشعب المصرى بالمشاركة فى الاستفتاء، والتصويت بالموافقة على التعديلات، بهدف ما اعتبره التيار ضماناً لعدم التعرض للمادة الثانية من دستور 1971، التى تقضى بأن الإسلام هو دين الدولة.


وبعد موافقة نحو 78% ممن أدلوا بأصواتهم فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، خرج أحد أبرز دعاة السلفية وهو محمد حسين يعقوب، ليعلن «انتصر الإسلاميون على العلمانيين فى غزوة الصناديق»، وقال: «البلد بلدنا واللى مش عاجبه يهاجر»، وهى التصريحات التى تسببت فى هجوم عدد كبير من وسائل الإعلام عليه، ورغم اعتذاره فيما بعد، فإن ذلك لم يمنع استمرار الهجوم على السلفيين بدعوى أنهم يريدون إقصاء المخالفين لهم فى الرأى.


ولم يكد الرأى العام يهدأ بعد تصريحات «يعقوب»، حتى فوجئ بواقعة أخرى جددت الهجوم على السلفيين، هى قطع أذن القبطى أيمن أنور فى محافظة قنا، تطبيقا للحدود، بسبب تأجير شقته لامرأة قيل إنها سيئة السمعة، الأمر الذى جعل الكثيرين يشعرون بالخوف منهم لمحاولتهم تطبيق الحدود، وتكرر الأمر عند هجوم المئات على منزل سيدة فى مدينة السادات بالمنوفية، قيل إنها تدير منزلها للأعمال المنافية لآداب المجتمع، وأحرقوا المنزل بعد أن طردوا السيدة منه، وألقوا أثاثها فى الشارع.


الحادث الأول جعل الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، يهاجم من يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية، وقال إن تطبيق الحدود من اختصاص الحاكم، وبعدها أعلن أنصار التيار السلفى رفضهم الحادث، ثم تم عقد جلسة صلح مع المجنى عليه، وقابله الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، واعتذر له.


هدم الأضرحة.. كان إحدى المعارك التى اصطدم فيها التيار السلفى مع الطرق الصوفية، وبدأت المعركة فى القليوبية عندما اعتدى عدد من الأشخاص قيل إنهم سلفيون على أضرحة سيدى راداد، وسيدى عبدالعال، وسيدى جمال الدين، وهدموا بعضها، وانتقلت معارك الاعتداء على الأضرحة إلى محافظتى البحيرة، وكفر الشيخ، الأمر الذى دفع الصوفيين إلى تشكيل لجان شعبية لحماية الأضرحة، وتنظيم وقفات احتجاجية أمام مسجد الحسين، وبعدها خرج مفتى الجمهورية أيضاً ليهاجم هذه الأفعال، لأنها تتنافى مع روح الإسلام.


قضية كاميليا شحاتة، زوجة كاهن مدينة ديرمواس بالمنيا، تعتبر أبرز الأحداث التى ظهر فيها السلفيون، حيث نظم الآلاف منهم مظاهرات بعد كل صلاة جمعة للمطالبة بالإفراج عنها، واتهموا الكنيسة الأرثوذكسية باحتجازها بعد إسلامها، ولم تنته المظاهرات إلا بتدخل الأمن ووعدهم بالإفراج عن كاميليا، التى ظهرت فيما بعد على قناة «الحياة» القبطية معلنة أنها لاتزال على ديانتها المسيحية.


فى اليوم نفسه الذى ظهرت فيه كاميليا على القناة الفضائية، تفجرت أحداث إمبابة التى أسفرت عن مصرع 15 وإصابة 252 آخرين، عندما سرت شائعة عن احتجاز امرأة تدعى عبير طلعت فى إحدى كنائس المنطقة، فهاجم البعض الكنيسة لتحريرها، وأحرقوا كنيسة أخرى، ووجهت أصابع الاتهام إلى السلفيين، وتم القبض على أكثر من 190 شخصا من المتورطين فى الأحداث، وأحيلوا إلى المحاكمة، كما ألقى القبض على «عبير» نفسها، وتم حبسها على ذمة التحقيق بعد اتهامها بإثارة الفتنة الطائفية، ومؤخراً تم القبض على مفتاح محمد فاضل، الشهير بـ«أبويحيى»، وهو الداعية الذى قال إن كاميليا أسلمت على يديه، واتهمته النيابة بالتحريض على أحداث إمبابة.


بعد هذا الظهور الواضح أراد السلفيون أن يضعوا أقدامهم بقوة فى الحياة السياسية، فبدأ بعضهم فى تشكيل مجالس وائتلافات كنوع من التنظيم لمحاولة تجميع بعضهم فى كيان واحد، منها «مجلس شورى العلماء»، وكذلك «الهيئة العليا للحقوق والإصلاح»، و«اتحاد ائتلاف المسلمين الجدد»، ثم بدأوا الخطوة الأهم على طريق السياسة بإعلانهم عن تأسيس حزبى «الفضيلة»، و«النور».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية