حالة من التوتر تسود المشهد الفنزويلي بعد تجديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب أن اللجوء إلى خيار عسكري في فنزويلا مطروح في مواجهة الأزمة السياسية التي تهز هذا البلد أثناء مقابلة مع قناة «سي بي سي» الأمريكية تم بثّها، الأحد.
وسبق أن أعلنت واشنطن بوضوح في الأشهر الماضي ومجددا في الأيام الأخيرة، أن «كل الخيارات» بما فيها الخيار العسكري مطروح.
واستبعد الدكتور مصطفي كامل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الخيار العسكري، مشيرًا إلى أنه يحمل هزيمة للولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لأن سياسية ترامب الخارجية تحرص على عدم تورط أمريكة في نزاعات مسلحة «وأضاف» أن ذلك من شأنه إحداث اضطرابات في الساحة الدولية خاصة في ظل دعم روسيا والصين وإيران وتركيا لمادورو.
وأضاف «كامل»: «المعركة السياسية حول فنزويلا ليس مؤكد الفوز فيها لصالح الرئيس الأمريكي، وأن الموقف الآن يتوقف على ما تفعله القوات المسلحة الفنزويلا»، مشيرًا إلى أنها تقف وراء الرئيس مادورو حتى الأن ولكنه أضاف أن إعلان قائد السلاح الجوي قبل يومين بانضمامه للقوة المعارضة يجعل المشهد ملتبسًا.
وتابع «كامل» أن الأمر يتوقف على قدرة الرئيس مادورو في الاستمرار في مواجهه هذة الاحتجاجات الشعبية وما إذا كان موقف القوات المسلحة الفنزويلية سوف يتغير لصالح غوايدو الذي اعلن نفسه رئيس مؤقت للبلاد. وفي محاولة للخروج من الأزمة أكد مادورو أنه يؤيد إجراء انتخابات تشريعية مبكرة اعتبارًا من 2019 لتجديد البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة.
وعلق أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة «أن إجراء إنتخابات برلمانية جديدة ليس مرضيًا للمعارضة ولدول للاتحاد الأوروبي وذلك بسبب مطالبة غوايدو بأنه لن يقبل أي حوار مع مادورو إلا إذا أعلن استعداده للتخلي عن رئاسة البلاد». علاوة على عدم ثقة المجتمع الأوروبي في نزاهة النظام الفنزويلي فقد سبق لمادورو أن ابتدع مجلس نواب أخر –مجلس تأسيسي- قاطعة إنتخاباته عدد كبير من المواطنين، لمحاولة التقويد من سلطة البرلمان. وأضاف «كامل» أنه على العكس من ذلك طرح الاتحاد الأوروبي فكرة إجراء انتخابات رئاسية جديدة في ظل إشراف دولي.
من جانبه يرى هانى سليمان مدير المركز العربي للبحوث والدراسات يقول «أن التصريحات الأمريكية تأتي في سياق حرب نفسية تشنها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتلعب على عامل الوقت في الأزمة مستبعد قيام تدخل عسكري أمريكي».
أضاف «سليمان» أن الولايات المتحدة تسعى لإضعاف صورة النظام الفنزويلي أمام الرأي العام الدولي من خلال ضغطها على الدول الخاضعة لنفوذها وحلفاء أمريكا وأضاف أن ذلك يتجلى بشكل كبير في اعتراف العديد من دول أمريكا اللاتينية فجوايدو، علاوة على إعلان السفير الفنزويلي في العراق – الأحد- الانشقاق عن حكومة مادورو«، وتوقع سليمان»أن الرئيس الفنزويلي مادورو إذا تجاوز الأسبوع القادم، فإن فرصة ستزداد في الصمود أمام الضغوطات الأمريكية«في ظل تصريحات غوايدو إنه يتوقع أن يكون شهر فبراير حاسما لطرد مادورو من السلطة وأعلن عن مظاهرة جديدة في 12 فبراير وعن قرب وصول مساعدة إنسانية عن طريق كولومبيا والبرازيل.
وعلقت أمل مختار، الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قائلة «رغم إعلان الولايات المتحدة الأمريكية أن كل الخيارات واردة، لكن حتى الآن لم يحدث أي نوع من الحراك»
وأضافت أن هناك سيناريوهان للتدخل سيكون من خلال قوات الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة أو تتدخل من خلال قوات كوليمبية خصوصًا أن كوليمبية تشترك مع حدود فنزويلا وفيها قواعد قوات أمريكية لكن «مختار» رأت أن الخيار العسكري ليس في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أنها تملك مجموعة من أوراق الضغط، منها تجميد الأصول المالية لفنزويلا في الخارج لتضييق الخناق على الوضع الاقتصادي في فنزويلا، علاوة على قرار واشنطون يوم 29 يناير بنقل السلطة على الحسابات المصرفية لفنزويلا في الولايات المتحدة إلى غوايدو.
وفي مجلس الأمن الدولي عطلت روسيا والصين مشروع إعلان اقترحته الولايات المتحدة يهدف إلى تقديم «دعم كامل» للبرلمان الفنزويلي بقيادة غوايدو، على هامش هذا الاجتماع دعا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو جميع الدول إلى وقف تعاملاتها المالية مع نظام مادورو.
وعلقت مختار إن الدعم الروسي لمادورو ليس له تأثير على القرار العسكري الأمريكي لأنه قد سبق وطرحت أمريكا الخيار العسكري ضد النظام السوري رغم رفض الموقف الروسي، وأن الدعم الروسي لمادورو له تأثير سياسي في الساحة الدولية ولكن هذا الدعم ليس له تأثير على القرار العسكري الأمريكي خاصة وأن أمريكا اللاتينية منطقة نفوذ أمريكية.
وتابع «مختار» أنه من المهم الأخذ في الاعتبار الموقف الأوروبي الموحد الذي تم إصداره بعد مهلة الـ8 أيام الذي أعطى بها فرصة لنظام مادورو بأن يتم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو ياتُّخذت موقف داعم لخوان غوايدو.
وقام الاتحاد الأوروبي بتكوين مجموعة اتصال تحوي 8 دول جزء منها أوروبي والأخر من أمريكا اللاتينية وهذه الدول تنقسم إلى فرقتين دول تؤيد مادورو رئيس شرعي للبلاد والاخر يدعم غوايدو وحددت أنه سوف يتم عقد الاجتماع الأول الأسبوع القادم.
وفي أول أعتراف من أحد أفراد الجيش الفنزويلي بغويدوا منذ أن أعلن نفسه رئيس بالوكالة في 23 يناير الماضي، أعلن قائد سلاح الجو الفنزويلي الجنرال فرانسيسكو يانيز أنشقاقه عن مادورو واصفًا بأنه «ديكتاتور» وأعترف بزعيم المعارضة غويدو رئيس مؤقت للدولة، كما دعا أعضاء آخرين في الجيش إلى اتخاذ نفس الخطوة.
وأضاف «يانيز» في مقطع فيديو تداول على تويتر يوم السبت، أن 90 في المائة من القوات المسلحة في البلاد ضد مادورو وأن التحول الديمقراطي في البلاد أصبح وشيكًا.
وتعليقا على ذلك قالت الباحثة بمركز الأهرام أن ذلك الانشقاق لا يعني فقد مادورو سيطرته على القوات المسلحة مشيرة إلى أن تلك الحادثة تعد فردية، وأن الجنرال يانيز كان يمثل نفسه في تلك اللحظة طالما أن ذلك الانشقاق لم يسفر عن عصيان قوات من الجيش.
جدير بالذكر أن فنزويلا تواجه صعوبات اقتصادية تسببت في معدل تضخم مرتفع جدا وتوقف القطاع الخاص عن العمل ووصول معدلات التضخم لمليون في المائة عام 2018 ما أدى لتنامي معدلات الهجرة في فنزويلا للدول المجاورة.