قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في كلمته التاريخية أمام اللقاء العالمي للإخوة الإنسانية بالعاصمة الإماراتية أبوظبي مساء الاثنين: أتوجه بالشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة: قيادةً وشعبًا، لاستضافة هذا الحدث التاريخي، الذي يجمع قادة الأديان، وعُلماءها ورجال الكنائس، ورجال السياسة والفِكْر والأدب والإعلام ليشهدوا مع العالم كله إطلاق «وثيقة الأخوة الإنسانية»
وأضاف شيخ الأزهر في كلمته، أن وثيقة الأخوة الإنسانية تدعو لنشرِ ثقافة السلام والعدالة واحترام الغير والرفاهية للبشريَّةِ جمعاء، بديلًا من ثقافة الكراهية والظلم والعُنف والدِّماء، كما أن وثيقة الأخوة الإنسانية تطالب قادة العالَم وصُنَّاع السياسات، ومَن بأيديهم مصائر الشعوب وموازين القُوى العسكريَّة والاقتصادية بالتدخل الفوري لوضع نهايةٍ فورية لما يشهده العالم من حروب وصراعات .
وأوضح شيخ الأزهر أن وثيقة الأخوة الإنسانية تدعو لوقـف اسـتخدام الأديان والمذاهب في تأجيج الكراهية والعنف والتعصُّب الأعمى.. والكفِّ عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب والبطش.
وشدد على أن الأديان الإلهيَّة بريئة كل البراءة من الحركات والجماعات المسلَّحة التي تُسمَّى حديثًا بـ «الإرهاب»، كائنًا ما كان دينها أو عقيدتها أو فكره أو ضحاياها أو الأرض التي تُمارِس عليها جرائمَها المنكرة، قائلا: على المسؤولين شرقًا وغربًا أن يقوموا بواجبهم بجديَّة وتجرُّد في تعقُّب هؤلاء الإرهابيين وحماية أرواح الناس وعقائدهم ودور عباداتهم من جرائمهم
وأشار شيخ الأزهر إلى أن أوَّل أسباب أزمة العالَم المُعاصر اليوم إنما يعود إلى غياب الضمير الإنساني والأخلاق الدِّينيَّة وتَحكُّم النزعات والشهوات الماديَّة والإلحاديَّة والفلسفات العقيمة البائسة التي ألَّهت الإنسان وسخرت من الله ومن المؤمنين به .
وقال: «أدعو المسلمين في الشرق أن يستمروا في احتضان إخوتهم من المواطنين المسيحيين في كل مكان؛ فهم شركاؤنا في الوطن، وإخوتنا الذين يُذكِّرنا قرآننا الكريم بأنَّهم أقرب الناس مـودَّة إلينا، مضيفا: علينا ألا ننسى أنَّ المسيحيَّةَ احتضنت الإسلام وهو دين وليد وحمته من طغيان الوثنية والشِّرك التي كانت تتطلع إلى اغتيال هذا الوليد في مهده».
وأضاف شيخ الأزهر: «أقول لإخوتي المسيحيِّين في الشرق، أنتم جزء من هذه الأُمَّة، وأرجوكم أن تتخلصوا من ثقافة مصطلح الأقليَّة الكريه، فأنتم مواطنون كاملو الحقوق والواجبات، مستطردا: وأقول لإخوتي المسيحيِّين في الشرق، اعلموا أن وحدتنا هي الصخرة الوحيدة التي تتحطم عليها المؤامرات التي لا تفرق بين مسيحي ومسلم حين يجد الجد ويحين قطف الثمار».
ووجه شيخ الأزهر رسالة للمسلمين في الغرب قائلا: أقول للمسلمين في الغرب: اندمجوا في مجتمعاتكم اندماجًا إيجابيًّا، تحافظون فيها على هويتكم الدِّينيَّة كما تحافظون على احترام قوانين هذه المجتمعات، واعلموا أن أمن هذه المجتمعات مسؤوليَّة شرعيَّة، وأمانة دينيَّة في رقابكم تُسألون عنها أمام الله تعالى.
واستدا شيخ الأزهر بمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي الرائدة بافتتاح أكبر جامع وكنيسة متجاورين في الشرق الأوسط خطوة هامة نحو تحقيق الأخوة الإنسانية.
وقال: «رسالتي لشباب العالَم في الغرب والشرق: المستقبل يبتسم لكم، وعليكم أن تتسلحوا بالأخلاق والعلم والمعرفة، وعليكم أن تجعلوا من وثيقة الأخوة الإنسانية دستور مبادئ لحياتكم وضمانًا لمستقبل خال من الصراع والآلام، اجعلوا من وثيقة الإخوة الإنسانية ميثاقًا للخير هادمًا للشرونهاية للكراهية.. عَلِّمُوا أبناءكم أن هذه الوثيقة امتداد لوثيقة المدينة المنورة، ولموعظة الجبل،وهي حارسة للمشتركات الإنسانيَّة والمبادئ الأخلاقيَّة».
واختتم قائلا أتوجه بخالص الشكر لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد على رعايتِه لهذه المبادرةِ التاريخيَّةِ المشتركة واحتضانه لوثيقة الأخوة الإنسانية.. وأُقدم الشُّكر لسمو الشيخ عبدالله بن زايد ولكل الشباب المتميز الذي سهر على ترتيب هذا اللِّقاء وتنظيمه وإخراجه بهذه الصورة المشرفة ..وأُسجِّلُ شُكري لجندين مجهولين كانا من وراء إعداد «وثيقة الأخوَّة الإنسانيَّة» من بدايتها حتى ظهورها اليوم في هذا الحدث العالمي المهيب، وهما: ابناي العزيزان القاضي محمد عبدالسلام، مستشار شيخ الأزهر السابق، والمُونسينيور يُؤنَّس جيد، السـكرتير الشخصي لقداسة البابا فرنسيس.