«معرض السيدة زينب الدولى للكتاب».. على لوحة بسيطة مُنمَّقة مكتوبة بخط اليد، تستقبلك هذه الكلمات تحت كوبرى أبوالريش بمنطقة السيدة زينب، حيث يحتشد نحو أربعين بائعاً للكتب المستعملة، ينتظرون فرصة شبه مستحيلة فى أن يفضلهم زبون معرض الكتاب عن خوض الرحلة الطويلة نحو التجمع الخامس، أو حتى مهرجان سور الأزبكية الموازى لمعرض الكتاب.
زاويتهم محدودة من حيث المساحة، لكنها عامرة من حيث تنوعها، ورغم التخفيضات الكبيرة، وأن اليوم الذى اختارت فيه «المصرى اليوم» زيارة معرض السيدة زينب هو الجمعة، المثالى لجولة شراء من مُحِبّى القراءة فى هذا الموسم من كل سنة، فإنه بانتصاف النهار يكاد الوافدون إلى هذه الزاوية يُعَدون على أصابع اليدين، فيما يقضى الباعة النهار مُعلَّقين بالأمل فى أن «الرِّجْل تزيد شوية». تبدأ قصة معرض السيدة زينب للكتاب من حيث بدأت قصة مهرجان الأزبكية للكتاب: معرض جديد بعيد، ومساحة محدودة لا تتسع للجميع، وزملاء المهنة وعِشرة السنين، الذين يأبون إلا أن «يسترزقوا» جميعاً معاً فى موسمهم الذهبى أو لا يذهبوا جميعهم، يصفها نصر معطى، أحد باعة الكتب فى سور السيدة زينب للكتب، بـ«كلمة راجل واحد» فى المكسب والخسارة. ومع انطلاق المعرضين، بدأ الباعة يدركون التنافسية الشديدة بين أطراف معرض لديه أكثر من عنوان مراسلة: «من أول يوم أدركنا أن التغطية الإعلامية والدعاية هتكون لصالح المعرض الرسمى». إعلان مموّل على «فيسبوك» كان اختيار الباعة للتعريف بمعرضهم، الذى يوفر وجبة ثقافية منوَّعة بعيدة عن عالم الروايات التى تسيطر على مبيعات معرض الكتاب، أو كما يقول «نصر»: «الشباب اتخنقوا بالروايات، اللى بيشترى مننا هنا بيعمل مكتبة بحق وحقيق، حلمى النمنم وبلال فضل وعلاء الأسوانى وغيرهم دكاترة ومستشارين ورجال أزهر عملوا مكتباتهم من هنا». بجولة بسيطة فى سوق السيدة زينب الدولية للكتاب، التى ستستمر حتى 26 من فبراير الجارى، يدرك المتسوِّق أن الخصومات لا حدود لها، فعلاوة على الأسعار المخفّضة التى يتسم بها الكتاب المستعمل من الأساس، يوفر التحرر من رسوم المشاركة فى معرض الكتاب، والتى واصلت الصعود فى الأعوام القليلة السابقة، فرصة لتخفيضات أكثر.
جمال أبوالفضل، مدرس للغة الإنجليزية، أحد زائرى معرض «السيدة»، يقول: «أنا أساساً من حلمية الزيتون، عرفت عن المعرض من (فيسبوك)، أما لقيت نفسى قريب جيت».
لا يفوّت مدرس الإنجليزية، طالب الماجستير فى مناهج التدريس، معرض الكتاب سنوياً، لكنه فوجئ هذا العام بأن بائعاً واحداً من باعة الكتب المستعملة هو الذى حضر، فيما غاب الباقون، ليقرر البحث عنهم. يفتقد «أبوالفضل» الكتاب المستعمل كثيراً فى المعرض الجديد، فهو المناسب لميزانيته وميزانية شريحة كبيرة من طبقته: «غلاف مبهدل صحيح، لكن المهم بالنسبة لى المعلومة».