x

وثائق «النكسة» في الأرشيف الإسرائيلي: تحريض وتحريف للحقائق.. والهدف «كسر نظام ناصر»

الأحد 05-06-2011 21:11 | كتب: أحمد بلال |
تصوير : أحمد بلال

كشفت وثائق للجيش الإسرائيلي أثناء حرب يونيو 1967، نُشرت بعد الإفراج عنها، على الموقع الإليكتروني للجيش، عن حملة تحريض وتعبئة كبيرة سبقت الحرب، مارست فيها القيادة العسكرية الإسرائيلية الدور الأساسي من خلال البيانات والنشرات الداخلية التي كانت توزع على ضباط و جنود الجيش الإسرائيلي، والتي كانت تحرضهم في الأساس على «كسر نظام ناصر» في مصر.

من بين هذه الوثائق، «ورقة الاستعداد رقم 1»، التي صدرت في 20 مايو 1967، بعنوان «الاختبار»، وتم توزيعها على جنود وضباط سلاح الجو الإسرائيلي، كتب عليها «داخلي، سلاح الجو فقط»، وجاء فيها أن «وحدات سلاح الجو مستدعاة في هذه الساعات للدخول في اختبار إضافي لأمن دولة إسرائيل وللدفاع عن مستقبلها، وكل واحد منا يجب أن يشعر بالمسئولية الملقاة عليه، في الاختبارات الأخيرة نجح سلاح الجو نجاحاً كبيراً، وأنا متأكد أن سلاح الجو مستعد لإكمال المهمة التي ألقتها الدولة والشعب عليه، برغبة عميقة ومسئولية كبيرة، سنكون مستعدون للدفاع عما نحن مطالبون بالدفاع عنه، وتلبية أي مهمة تلقى علينا، فروح القتال وحب الوطن هي عنوان سلاح الجو، سنحافظ على أمن دولتنا في الجو وسننتصر على أي عدو».

كما وجه قائد لواء المظليين، أحد وحدات الصفوة في الجيش الإسرائيلي، رسالة إلى جنود وقادة اللواء في 21 مايو 1967، كتب عليها «داخلي – ليس للنشر»، وجاء فيها «المصريون طردوا جنود الأمم المتحدة من على حدودهم، وأدخلوا قواتهم إلى وسط سيناء، ويمثلون تهديداً على الدولة، وقد اتخذ جيش الدفاع تدابير من شأنها وقف هذا التهديد، ومن بينها وضع اللواء تحت أي مهمة تطلب منه».

تبرير العدوان

انتهت حملة التحريض وبدأ العدوان، صباح الخامس من يونيو 1967، حيث أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن وقوع المعارك في وثيقة جاء فيها «متحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي يعلن: منذ ساعات الصباح تجري في الجبهة الجنوبية معارك شديدة بين قوات جوية ومدرعات مصرية حاولت دخول إسرائيل، وبين قواتنا التي خرجت لمواجهتهم»، وفي أسفل الورقة كتبت الجهات التي تم توزيع التصريح عليها ومنها «صوت إسرائيل»، «معاريف»، «متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية» و «إذاعة الجيش الإسرائيلي».

ثم وجه وزير الدفاع آنذاك «موشي ديان»، رسالة إلى جنود الجيش الإسرائيلي قال فيها: «طائراتنا تخوض معارك شديدة مع طائرات العدو، وقواتنا البرية خرجت لإسكات المدفعية التي تقصف مستوطناتنا المقابلة لقطاع غزة بنيران كثيفة، وللاشتباك مع قوات المدرعات المصرية».

وأضاف «ديان»: «الجنرال المصري مرتجى، قائد القوات العربية في سيناء توجه لجنوده قائلاً إن عيون العالم كله تتجه إليهم لترى وتشاهد نتائج الحرب المقدسة، وطالبهم بالاحتلال بقوة السلاح واستعادة أرض فلسطين المسلوبة».

الغريب أن «ديان» أعلن لجنوده في رسالته أنه لا يوجد نية لاحتلال أي أهداف: «لا يوجد لدينا أي أهداف للاحتلال، ولكننا نُفشل محاولة الجيوش العربية احتلال أرضنا، ووقف الهجمات القائمة علينا»، وانتهت الحرب باحتلال سيناء والجولان الذي لا يزال محتلاً حتى الآن، بالإضافة إلى القدس وباقي الأراضي الفلسطينية.

ومضى «ديان» في تعبئة جنوده قائلاً «المصريون جندوا لمساعدتهم وأصبح تحت قيادتهم القوات السورية، الأردنية، والعراقية، وانضم إليهم أيضاً وحدات عسكرية من الكويت والجزائر، هم أكثر مننا، ولكننا سنتغلب عليهم، نحن شعب صغير ولكن شجاع، يحارب للدفاع عن حياته وأرضه»، وأنهى رسالته قائلاً «جنود جيش الدفاع أملنا وأمننا متعلق بكم اليوم».

وبعد كلمة «ديان» توالت البيانات الإسرائيلية، ومنها «بيان عسكري رقم 1» عن لواء الجنوب الإسرائيلي، جاء فيه «على مدار 11 سنة، قوى فيها حاكم مصر قدرة جيشه في أكثر من جانب، في إعلان واضح عن استعداداته للقضاء على دولة إسرائيل، حيث إنه بعد الوحدة السورية المصرية والاتفاق الأردني المصري، وصلت القوة العربية المتأهبة ضد إسرائيل إلى ذروتها، كما ركز ناصر معظم قواته في سيناء، وطرد قوات الأمم المتحدة من على حدودنا، وأغلق مضايق تيران في طريق إيلات، في انتهاك للقوانين و الالتزامات الدولية».

وأضاف «إن حقوقنا لم تمنح لنا على أيدي أصدقاء، كل ما نجحنا في إنجازه أتى عبر نضالاتنا لبناء استقلالنا وسيادتنا، إن حربنا مع مصر لم تنته مع حرب الاستقلال، ولكنها مستمرة بطرق أخرى عن طريق التخريب وزرع الألغام والتحريض، قبل 11 سنة هزم جيش الدفاع العدو المصري واحتل كل سيناء، ولكن الدرس المر لهذه الهزيمة نسي من ذاكرة الديكتاتور المصري، واليوم، وبعد أن بدأ العدو حرباً جديدة، عن طريق قصف مستوطناتنا على حدود قطاع غزة، أعطينا الأوامر مرة أخرى لقواتنا للرد بحرب جديدة»، وعن الأوضاع على الأرض قال البيان الذي وقعه «يشعياهو جبيش» قائد لواء الجنوب «طائراتنا حلقت اليوم فوق سيناء، وأصابت ودمرت طائرات العدو وممراتها، وهاجمت وحدات جيش الدفاع الإسرائيلي مراكز القوة المصرية في سيناء وعلى حدود القطاع، جنود الجنوب .. إلى الأمام، إلى المعركة و النصر».

وفي أحد القواعد الجوية الإسرائيلية، صدرت «نشرة خاصة» بعنوان «الإقلاع»، مكتوبة بخط اليد يوم 5 يونيو 1967، على ورقة حمراء، كان عنوانها «في لقاء خاص مع قائد القاعدة.. قواتنا بدأت الاشتباك مع العدو منذ الصباح»، وجاء في الورقة التي تم توزيعها على جنود القاعدة الإسرائيلية «معارك جوية توقع خسائر كبيرة للعدو، إسقاط وتدمير حوالي 70 طائرة ميج 21 على الأرض، وعشرات من طائرات الميج 17، بالإضافة إلى عشرات أيضاً من الطائرات الأخرى، ليبلغ إجمالي الطائرات المدمرة للعدو 150 طائرة».

أضافت الورقة «قواتنا المدرعة تشتبك مع العدو وتتقدم داخل الأراضي المصرية، وحتى الساعة 12 احتلت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي مدن خان يونس ورفح».

الهدف كسر «ناصر»

وقت الخروج للحرب، وجه العميد «إبراهام يافي» قائد الكتيبة 31 الإسرائيلية، رسالة لجنوده، بهدف تعبئتهم، والادعاء أن مصر هي التي بدأت الحرب، وجاء فيها «بعد الاستعدادات المستمرة والمتواصلة للديكتاتور المصري، بمساعدة فعلية من دول مختلفة وعلى رأسها روسيا السوفيتية، بدأ الديكتاتور حرباً شاملة على دولة إسرائيل، حيث ركز الجيش في سيناء، أغلق مضايق تيران، ونظم الدول المجاورة في اتفاقية عسكرية وسياسية تعطيه إحساس أنه قد حانت اللحظة التي يبدأ فيها»، وأضاف قائد الكتيبة في إشارة إلى «ناصر» أنه «يوجد بعض الخطأ في تقديره ومخيلته».

وذكًّر «إبراهام يافي» جنوده بـ«الحماس الذي سار في كل الدولة للتجنيد للدفاع عنها، والهجوم على الجيوش العربية وإبادتها ولذلك، فنحن نخرج اليوم لنكسر هذا النظام المتبجح في أرض النيل، كما فعلنا في 1948، و في عملية قادش سنة 1956، ولن تكون هناك قوة تقف أمام رغبة شعبنا العتيق، الذي يريد أن يحيا حياة حرة في أرض آبائه، في وطنه التاريخي ودولته الصغيرة».

ومضي «إبراهام» في رسالته لتحميس جنوده قائلاً «أنا متأكد أن كل واحد منكم على وعي تام، بأننا لن نعود لبيوتنا حتى نقضي على التهديد الدائم على الدولة، ونثبت لكل شعوب العالم أننا لن نخضع لإملاءات أي أحد، سنكون مستعدون دائماً للقتال في كل ساعة وفي كل مكان، كلنا جنود في الجبهة وكل أعزائنا من ورائنا، حتى نكمل المهمة .. كونوا أقوياء، شجعان، مهاجمون، كونوا مباركين».

وعلى الأرض كان هناك من يدعو لاحتلال القدس؛ حيث أرسلت قيادة العمليات برقية إلى قائد لواء المركز حملت رقم 06070945، تدعو لاحتلال القدس، كان نصها «يجب احتلال المدينة القديمة، الدخول بداخلها أفضل من حصارها، مطلوب تفعيل المدفعية مع مساعدة جوية لمهاجمة أهداف وسط المدينة القديمة، ماعدا المسجد الأقصى و مسجد عمر وكنيسة القيامة، يراعى عدم إصابتهم».

سقطت القدس، وتوالت انكسارات النكسة، حين أرسل قائد لواء الجنوب في الجيش الإسرائيلي «يشعياهو جبيش»، برقية إلى رئيس أركان الجيش آنذاك «إسحاق رابين»، كان نصها «يمكن الإعلان الآن أن كل قواتنا على شواطئ قناة السويس والبحر الأحمر، شبه جزيرة سيناء في أيدينا، تحياتي لك و لجيش الدفاع الإسرائيلي».


«الجولان في أيدينا»

وفي آخر أيام الحرب، 10 يونيو 1967، صدر بيان عن لواء الشمال الإسرائيلي بعنوان «الهضبة السورية في أيدينا»، ووجه قائد اللواء حديثه إلى القادة والجنود، قائلاً «المهمة أنجزت كاملة»، وجاء في البيان «اليوم، يوم السبت، 10 يونيو 1967، انتهت حربنا ضد الجيوش العدوة الثلاثة، وبالنسبة لنا مقاتلي لواء الشمال، فقد انتهت الحرب بانتصار تام على العدو السوري، الذي وقف على رأس المحرضين على حرب ضدنا على مدار سنوات، الهضبة السورية في أيدينا، بعد معركة قوية وقصيرة، لم يستطع فيها الجيش السوري حتى قصف مستوطناتنا».

وأضاف البيان «الجيش السوري هزم وهرب بسبب قوة ومبادرة مقاتلينا، شكرنا واحترامنا لكم مقاتلو لواء الشمال في يوم الانتصار العظيم»، ووجه قائد لواء الشمال حديثه إلى المستوطنين قائلاً «أصدقائنا المدافعون عن المستوطنات في الجليل الأعلى وغور الأردن على مدار سنوات كثيرة، وقفتم فيها موقف محترم جداً، باستعداداتكم للمواصلة وبناء المستوطنات والدفاع عنها تحت نار العدو، اليوم بجهودنا المشتركة تم تحرير الجليل من الخوف والتهديد والخطر».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية