ولد فن الفوتوغرافيا-التصوير الضوئى- من رحم الفن التشكيلى، إذ اتجه الرسامون فى القرن الـ19 إلى تطوير فنهم باستخدام الكاميرات، والتى اعتبرت وقتها بمثابة الثورة الفنية، ملتزمين بالقواعد الفنية التى طبقوها فى رسوماتهم. لم يمتد الحد إلى تطبيق تلك القواعد فحسب، بل مزج الفنانون بينهما، وتحولت استوديوهاتهم إلى مؤسسات فنية ترسخ الترابط بين الرسم والتصوير، فظهر فن الرسم بالضوء والفوتو كولاج، فضلاً عن استخدامهم فن الرتوش لتعديل الصور الفوتوغرافية.
يعود الميلاد الحقيقى للفوتوغرافيا إلى عام 1839 فى فرنسا، حين اخترع جاك مانديه داجر، أسلوب «الداجيروتيب»،- وهو تثبيت الصورة الفوتوغرافية على لوحة معدنية مستخدمة بعض المواد الكيميائية والزئبق- ومنذ بداية هذا الاكتشاف كان الرسامون ينقلون هذه الصور ويطبعونها، ويلونونها.
وقد احترف منذ هذا التاريخ مهنة التصوير الفوتوجرافى الكثير من الرسامين والفنانين. إذ كانوا يصورون الأشخاص فى الاستوديوهات ويرسمون لهم بورتريهات بعد الانتهاء من التصوير.
ويقول فرنسيس أمين الباحث الاثرى إن الفنان الفرنسى جيستاف ليجريه- والذى ساهم بقدر كبير فى منتصف القرن التاسع عشر فى تطوير الفوتوغرافيا قد استدعاه الوالى إسماعيل- قبل أن يتولى حكم مصر- ليكون مدرسا للفن لأبنائه وقد عشق هذا الفنان مصر وبقى فيها قرابة ربع قرن إلا أن مات 1884. وأضاف أمين أن النقاد اعتبروا صور ليجريه الفوتوغرافية بمثابة لوحات فنية وكما اعتبروا لوحاته الزيتية بمثابة صور فوتوغرافية. مشيراً إلى أن الفنان الفرنسى قد اعترض على إطلاق وصف الكيميائى على المصور الفوتوغرافى وأصر أن يطلق عليه لفظ الفنان.
تشابه القواعد
تتشابه قواعد الفن التشكيلى مع الفوتوغرافيا، إذ كان أغلب المصورين يمتهنون فن الرسم وكانت الاستوديوهات الشهيرة - مثل «بون فيس»- تذكر فى إعلاناتها أنهم يصورون الأشخاص ويرسمونهم فى نفس التوقيت.
ويقول المصور الصحفى حسام دياب، رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين، إن اغلب قواعد الفوتوغرافيا مشتقة من قواعد الفن التشكيلى، فعلى سبيل المثال تطبق قاعدة الأثلاث- الثلث والثلثين-التى أسسها الفنان التشكيلى الإنجليزى، السير جوشوا رينولد عام 1783، فى الصور الفوتوغرافية.
ويضيف دياب أن هذه القاعدة غيرت من تفاعل المتلقين للأعمال الفنية، حيث كان يعتقد السير أن موضوع اللوحة لا يلقى اهتمام المتلقى خاصة إذا كان العنصر الرئيسى متواجدا فى وسط الصورة، لذلك اخترع تلك القاعدة المهمة.
ويرى دياب أن القواعد التى وضعها الفنان الإيطالى الكبير ليوناردو دافينشى، تستخدم فى التصوير الفوتوغرافى وبالأخص تكوين الشكل الهرمى، الذى رسم به أشهر لوحاته «الموناليزا».
ويتابع: «يستخدم أيضاً مثلث الإضاءة والذى اخترعه الفنان الهولندى الشهير رامبرانت، فى توزيع الظل والضوء فى الصور الفوتوغرافية».
فنون مزجت بينهما
لم يقف التأثر بين الفوتوغرافيا والفن التشكيلى على حدود تشابه القواعد قط، بل ظهرت فنون مزجت بشكل صريح بينهما ومنها على سبيل المثال تلك الفنون:
فن الرتوش
بدأ فن الرتوش على الصور الفوتوغرافية مع اختراع الفوتوغرافيا، حيث كان الفنان يضع بصماته لتعديل الصورة قبل طباعتها باستخدام الحفر على النيجاتيف لإزالة أجزاء، أو لإضافة أجزاء بفرشاته.
وتقول ميرفت جرجس، المتخصصة فى ترميم الصور الفوتوغرافية القديمة إن الفنان كان يستخدم الألوان فى إضافة رتوش على الصور «الأبيض والأسود» بفرشاته مستخدماً الألوان المائية أو الزيتية أو الباستيل وكذلك الأصباغ. وأضافت أن بعض الفنانين استخدموا تقنية تلوين تعرف باسم «المونوكروم «Monochrome» - أى استخدام لون واحد لكل صورة. وكانت الاستديوهات الكبرى فى مصر والعالم تستعين بخبراء فن الرتوش والتلوين.
ويعتبر المصور زولا والذى توفى عام 1929 من رواد هذا الفن بل إنه أرسل إلى النمسا عددا من المصورين ومنهم المصور أرمان لتعلم هذا الفن فى أكاديمياتها الكبرى وقد ورث عنه بعد وفاته مهمة التلوين الإبداعى.
فن الفوتوكولاج
هو فن مزج الصور الفوتوغرافية بالرسم. والذى انتشر فى نهايات القرن الـ19 وبدايات القرن العشرين. ويعد الفنان الإسبانى بيكاسو من أشهر الفنانين الذين استخدموا تلك التقنية، ومع بدايات القرن الــ21 بدأ الفنانون باستخدام برامج الفوتوشوب لمزج الصور.
ويقول الدكتور حمدى أبوالمعاطى، نقيب الفنانين التشكيليين إن الفوتو كولاج هو تجسيد حقيقى للتطور الفنى باستخدام التقنيات الحديثة، مضيفاً أن الكولاج استخدم فى الغالب مع الأعمال الزيتية.
وأشار إلى أن الفنان التشكيلى المصرى منير كنعان استخدم تلك التقنية فى لوحاته كما استخدم الفنان أحمد نوار أسلوب الفوتو كولاج فى معرضه عن وجوه الفيوم.
فن الرسم بالضوء
هو الرسم فى غرف مظلمة أمام عدسات الكاميرات باستخدام كشافات الإضاءة، وبالاعتماد على ضبط إعدادات مثلث التصوير على أضيق فتحة للعدسة، وبحساسية ضوء ضعيفة، ويتم اختيار سرعة غالق لا تقل عن 10 ثوان لكى تستطيع الكاميرا تسجيل حركة خطوط الضوء المرسومة بإضاءات الكشاف أو بإضاءة الهاتف المحمول.
فى عام 1889 استطاع العالمان الفرنسيان جيل ميراى وجورج ديمنى تسجيل حركة الأشخاص الحاملين للمصابيح أمام عدسة الكاميرا ليبدعا لوحتهما الأولى «السير للأمام».
لقراءة المزيد عن فن الرسم بالضوء: https://www.almasryalyoum.com/news/details/1345982
صور متداخلة، تجسد مشاهد مختلفة من تاريخ مصر. إذ تمتزج الحضارات القديمة بالتاريخ الحديث فى لوحات فنية. استطاع خلالها الفنان والمصور أسامة بشرى إظهار الملامح الخفية للشخصية المصرية باستخدامه فن الكولاج بالاعتماد على برامج الجرافيك المتخصصة. بدأ فكرته منذ 8 أعوام عقب ثورة 25 يناير، حيث رسم مشاهد مزجت التاريخ القديم بالتاريخ الحديث، ومنذ ذلك التوقيت طور بشرى فكرته وعرضها فى عدد من المعارض الفنية داخل مصر. أثرت خلفيته الثقافية والتى اكتسبها بحكم عمله فى مجال الإرشاد السياحى على اختياراته لموضوعات لوحاته، كما أثرت موهبته فى التصوير على اختيار كادرات مختلفة للصور.المزيد
لقاؤه بالمصور الأرمنى الأسطور ألبان فى الاستوديو الخاص به، كان بمثابة نقلة فنية له، إذ نصح الفنان الأرمنى وقتها الرسام الشاب محمد صبرى بدراسة الفوتوغرافيا، بعد أن شاهد عددا من لوحاته الفنية.
الفنان والمصور الصحفى محمد صبرى، والذى ولد عام 1925 وسط أسرة فنية يعد من أبرز الفنانين المصريين الذين مزجوا بين الفوتوغرافيا والفن التشكيلى.
شغفه بالفنين جعله يصنع بنفسه علبة من الكرتون أدخل فيها فيلماً حساساً ليلتقط صورة لـ«لمبة الغاز»،ولحسن حظه نجحت تجربته وفازت صورته بالجائزة الفضية عام 1947 فى إحدى مسابقات التصوير الفوتوغرافى.
دخل دار الهلال فى الوقت التى كانت أغلب الصحف تبحث عن مصورين موهوبين، وأصبح مديراً لقسم التصوير وظل بها حتى عام 1958.
تردد على استوديو أرمان وهناك قابل الفنان سحاب ألماظ والذى قاد خطواته الأولى فى عالم الفن. ويذكر الكاتب الصحفى ياسر بكر أن من أعمال الفنان الخالدة التى توضح وطنيته وحبه لوطنه، هو ذهابه للمشاركة مع الجيش المصرى أثناء حرب 1956 وتنكر وقتها كبائع سمك ليلتقط صوراً لمبانى الاحتلال ومبانى المدينة.المزيد
Your browser doesn't support iframes