x

خوان جوايدو.. «الفتى الغاضب» ينجو من الفيضان لينقذ فنزويلا

الجمعة 25-01-2019 23:27 | كتب: محمد البحيري |
خوان جايدو والعائلة خوان جايدو والعائلة تصوير : اخبار

فى 14 ديسمبر 1999 انهمر المطر الغزير فوق ولاية فارجاس بشمال فنزويلا، وزادت شدة المطر حتى تحول الأمر إلى كارثة طبيعية راح ضحيتها عشرات الآلاف، وجرف الفيضان آلاف المنازل، مخلفا وراءه القتلى والمشردين، حتى إن كل منشآت الولاية ومبانيها وطرقها ومنازلها دفنت تحت طبقة من الطين بلغ سمكها 3 أمتار. وكان المحظوظون وحدهم هم من تمكنوا من النجاة بحياتهم بعد أن فقدوا المنزل والمدخرات، وكذلك ذكرياتهم السعيدة التى عاشوها فى تلك المنطقة، التى بدت وكأنها ضاقت بهم فراحت تطردهم وتطرد ذكرياتهم وترسخ بدلا منها كوابيس حزينة.

عند مخرج إحدى القرى، كانت عائلة من 10 أشخاص، أب وأم و8 أبناء، تنتمى للطبقة المتوسطة، تهرول بعيدا حين استوقفهم بعض المتطوعين لأخذ بياناتهم على أمل تقديم أى مساعدات عاجلة. سارع الأب إلى تقديم نفسه فتبين أنه كان طيارا، بينما تعمل زوجته بالتدريس. وكان من بين الأبناء فتى فى السادسة عشرة من عمره، نطق اسمه بغضب، خوان جيراردو جوايدو ماركيز، مواليد 28 يوليو 1983. لكنه لم يكتف بذلك، راح يوجه الانتقادات اللاذعة والغاضبة لحكومة هوجو تشافيز، الذى لم تكد تمضى 10 شهور على وصوله للحكم كرئيس لفنزويلا.

لم يكن المحيطون بهذا الفتى، بمن فيهم أفراد عائلته، يدركون أن خوان جوايدو قرر التسلح بغضبه لتغيير الواقع على طريقته الخاصة. فرغم تشريد عائلته بعد الكارثة، نجح فى الحصول على دبلوم المدرسة العليا عام 2000. وبعد ذلك أكمل دراسته ليصبح مهندسا صناعيا بعد أن تخرج فى جامعة أندريس بيللو الكاثوليكية عام 2007. وبعد ذلك انتقل ليكمل دراسته العليا فى جامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية.

ويحلو لجوايدو المتزوج من فابيانا روزاليس والأب لطفلة تدعى ميراندا، التذكير بأنه «ناج وليس ضحية»، ويقول «أعرف ماذا يعنى الجوع». بدأ خوان جوايدو العمل السياسى فى 2007 مع جيل الطلاب الذين نزلوا إلى الشوارع ضد الرئيس الراحل هوجو تشافيز (1999- 2013). وقد كان من الأعضاء المؤسسين لحزب الإرادة الشعبية فى 2009 وأصبح أحد قادته فى غياب ليوبولدو لوبيز، الذى أمضى السنوات الأخيرة فى السجن أو فى الإقامة الجبرية بتهمة التحريض على العنف خلال موجة تظاهرات فى 2014. وفى 2010 انتخب جوايدو الذى ناب عن لوبيز على رأس الحزب، نائبا عن ولاية فارجاس فى 2015. وقام جوايدو بمبادرات عدة ضد السلطة التى أسسها الرئيس السابق هوجو تشافيز، من اقتراح تشكيل حكومة انتقالية إلى وصف الرئيس الحالى نيكولاس مادورو رسميا بأنه «مغتصب للسلطة» ووعد بإصدار «عفو» عن العسكريين الذين يقبلون الانضمام إلى المعارضة. ويعلم المقربون منه أنه يفاخر بأن جده كان فى الحرس الوطنى الفنزويلى، وكان جده الآخر قبطانا فى البحرية الفنزويلية. ومنذ أن تولى قيادة المعارضة، انتقل الشاب الذى لم يكن معتادا على الخطب، من الظل إلى دائرة الضوء وبات يحظى بمكانة سياسية. وهذا الرجل طويل القامة وصاحب الصوت الجهورى، أصبح فى 5 يناير 2019 أصغر رئيس للبرلمان، المؤسسة الوحيدة التى تسيطر عليها المعارضة فى فنزويلا، بعد أن كان مغموراً.

وكانت لقطات اعتقاله من قبل الاستخبارات الفنزويلية فى 13 يناير خلال عملية فى وسط طريق سريع عندما كان فى طريقه إلى اجتماع سياسى، انتشرت فى جميع أنحاء العالم. وقد أفرج عنه خلال ساعة. بعد يومين، اتصل به نائب الرئيس الأمريكى مايك بينس لينوه بـ«قيادته الشجاعة» ويعبر عن «الدعم الحازم» من الولايات المتحدة للجمعية الوطنية الفنزويلية التى يعتبرها «الكيان الديمقراطى الشرعى الوحيد فى هذا البلد». أصبح خوان جوايدو النائب البالغ من العمر 35 عاما خلال أسابيع وجه المعارضة لرئيس الدولة نيكولاس مادورو، بنجاحه فى إعادة تعبئة خصوم الرئيس الاشتراكى. وقال عنه مادورو «إنه فتى يتسلى بالسياسة». وخلال توليه رئاسة البرلمان، حصل هذا المهندس الصناعى ذو الأصول المتواضعة على دعم الولايات المتحدة ومنظمة الدول الأمريكية والبرازيل التى أصبح يقودها الرئيس اليمينى القومى جاير بولسونارو، والبيرو وكندا. وعند إعلان نفسه رئيسا، الأربعاء الماضى، حصل على اعتراف به كرئيس بالنيابة من قبل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية «من أجل تحفيز عودة الديمقراطية إلى هذا البلد». كما اعترف به كل من: الأرجنتين، البرازيل، كندا، شيلى، كولومبيا، كوستاريكا، الدنمارك، الإكوادور، جواتيمالا، هندوراس، بنما، باراجواى، بيرو، السويد، وحتى بريطانيا التى لم تعترف به رئيسا رسميا، قالت إن مادورو لم يعد الرئيس الشرعى للبلاد.

ووجد نيكولاس مادورو فجأة أن الفيضان الذى ضرب فارجاس منذ 20 عاما، يطيح به فى العاصمة كاراكاس، على يد الفتى الغاضب.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية