ودّعت الأوساط السينمائية فى لبنان المخرج جورج نصر، الذى يُعد الأب الروحى للسينما اللبنانية، بعد أن وضع لبنان على خارطة مهرجان كان السينمائى الدولى منذ عام 1957، وقد تُوفى أمس الأول عن 92 عاماً، بعد مشوار حافل لُقِّب خلاله بـ«مخرج البدايات».
ويُعد «نصر» أول مَن أسهم فى صنع السينما المحلية فى لبنان، وأبرزها فيلم «إلى أين؟»، الذى شارك فى مهرجان «كان» السينمائى الدولى، وصُورت بعض مشاهده فى بلدة إهدن الجبلية الواقعة شمال لبنان، وقد سلط الضوء على معاناة المهاجرين اللبنانيين إلى أمريكا والبرازيل والظروف المأساوية التى يعيشونها، حيث هاجر منذ القرن الثامن عشر الملايين من اللبنانيين إلى بلدان عدة فى موجات متعاقبة.
وقبل رحيل «نصر» بعامين جرى عرض فيلم «إلى أين؟» بنسخة مُرمَّمة فى مهرجان كان عام 2017 بعد 60 عاماً على مشاركته فى مسابقة المهرجان نفسه.
وقال «نصر»، الذى حضر الاحتفالية آنذاك، إنه عندما أنجز الفيلم لم تكن فى لبنان احترافية فى التمثيل ولا فى التقنيات، وإنه استعان بحداد لصنع شريط معدنى وضع عليه الكاميرا، وكذلك استعان بنجار لصنع عربة آلة التصوير المتنقلة والألواح العاكسة للإضاءة.
وسافر «نصر» فى مطلع الخمسينيات إلى الولايات المتحدة لدراسة السينما فى لوس أنجلوس، وتدرب فى استديوهات هوليوود، وكان يشاهد 8 أفلام فى الأسبوع على مدى أعوام.
وأخرج «نصر» عام 1973 فيلم «المطلوب رجل واحد» من إنتاج نقابة الفنانين السوريين، والذى تم تصويره فى منطقة كسب السورية على الحدود التركية، ومثّل هذا الفيلم سوريا رسمياً فى كل من مهرجانى موسكو وقرطاج.
ورغم قلة أعماله، فإنه لعب دوراً محورياً فى تاريخ السينما اللبنانية والدولية، حيث تم إدراج إرثه فى «قاموس المخرجين»، الذى أعده المؤرخ والناقد السينمائى الفرنسى جورج سادول.
وعلى مدى سنوات طويلة، تفرغ «نصر» لمهنة التدريس، وكتب محمد صباح، أحد تلامذة «نصر»، على أحد مواقع التواصل الاجتماعى: «وداعاً يا مَن وضع فى قلوبنا حب السينما».
وقال أنطوان واكد، أحد المخرجين اللذين نفذا فيلماً وثائقياً عن «نصر»: «هو من أهم مخرجى السينما اللبنانية لأن أول فيلمين له راحا على مهرجان كان، وهما من أوائل الأفلام التى ألقت الضوء على وجود السينما اللبنانية».
وأضاف: «أهميته تأكدت عام 2017 عندما أعاد مهرجان كان عرض فيلم (إلى أين؟) ليؤكد أن جورج نصر ليس مخرجاً على الصعيد اللبنانى فقط، بل على الصعيد العالمى». وتابع «واكد»: «خسارته خسارة كبيرة ولكن سينماه ستبقى موجودة فى وجداننا.. جورج نصر علّم لوقت طويل، وبتعليمه استطاع أن يزرع فى تلامذته حب السينما، والآن هؤلاء التلامذة ينفذون أفلامهم، يعنى هو سيكمل معركة وجود السينما اللبنانية التى حارب من أجلها من خلالهم».