قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة السبت برئاسة المستشار محمد فتحي صادق، تأجيل محاكمة المهندس أسامة الشيخ، رئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق، بتهمة الإضرار العمدي بأموال ومصالح جهة عمله، إلى جلسة الاثنين المقبل، لاستكمال سماع أقوال الشهود.
وكانت المحكمة قد استمعت في جلسة السبت إلى أقوال عدد من شهود الإثبات في القضية المتهم فيها الشيخ بقيامه بإنتاج أفلام ومسلسلات مع بعض شركات القطاع الخاص وشارك فيها الإتحاد بمبالغ تزيد على التكلفة الحقيقية.
وكشفت إجراءات المحاكمة عن معلومات مهمة قد تحدد مصير الشيخ في تلك القضية بشكل كبير؛ حيث تبين أن اللجنة المشكلة لفحص التعاقدات لم تلتفت إلى حجم الإعلانات التى جذبتها تلك الأعمال وهو ما دعا القاضي إلى القول إنه لابد من النظر إلى تلك النقطة لأنه ربما قد يكون الشيخ قد تعاقد بأسعار مغالى فيها ولكنه عوض ذلك بإعلانات أكثر.
وحضر الشيخ، يرتدي ملابس السجن البيضاء وأودعه الحرس قفص السجن قبل دقائق من صعود هيئة المحكمة إلى المنصة وبمجرد أن شاهده أنصاره أخذوا يلوحون له بالتحية وهو ما اعترض عليه القاضي وقال لهم «لو بتحبوا الشيخ فعلا التزموا الهدوء حتى نتبين الحقيقة وبعد الجلسة يمكنكم أن تحيوه كما تشاءوا»، وبعدها بدأت تفاصيل إجراءات المحاكمة، وطلبت المحكمة من الشهود أن ينتظروا خارج القاعة طبقا للقانون على أن يتم الاستماع لكل منهم على حدة.
وقالت الشاهدة الأولى منى المنفلوطي، رئيس الشئون القانونية باتحاد الإذاعة والتليفزيون سابقا، إنها كانت مختصة بمراجعة الأجزاء المادية والمالية فقط في تلك العقود وأنها غير مختصة لمعرفة من مسئول عن التعاقد من قبل الاتحاد عن شراء تلك الأعمال ولكنها أوضحت أن العقود كانت تؤكد أن الشيخ هو الذي يوقع عليها كمسئول عن الاتحاد ولا تعرف من حدد قيمة تلك الأعمال وأشارت إلى أن أنها تعرف حسب معلوماتها أن حجم الإعلانات يؤثر بشكل كبير على قيمة التعاقد في تلك الأمور، وأكدت أن التعاقد يتم على نماذج محددة سلفا في اتحاد الإذاعة والتليفزيون.
فيما وضعت شهادة راوية بياض رئيس قطاع الإنتاج بالتليفزيون سابقا خطوطا فاصلة في القضية؛ حيث أكدت أن النظام المعمول به في الاتحاد قبل تولي الشيخ رئاسته كان يجرى على أنه إذا رغبت إحدى شركات الإنتاج التعاقد مع الاتحاد على بيع مسلسل أو عمل درامي سيكون على تلك الشركة أن تقدم نص العمل إلى التليفزيون وتتولى لجنة القراءة الموافقة على هذا النص من عدمه.
وأضافت أنه في حالة الموافقة تتقدم الشركة بتكاليف الإنتاج من حيث أجور العاملين به والممثلين والمخرجين وساعات العمل ويتم عرض كل جزء محدد من تلك التكاليف على اللجان الفرعية المختصة في التليفزيون لتقييمها بمعنى أن الجزء الخاص بتكلفة التصوير يتم عرضه على إدارة التصوير بالتليفزيون وهو الذي يحدد إذا كانت تلك الشركة مغالية في تكلفة التصوير من عدمه، وكذلك يتم في باقي الفروع على أن تجتمع تلك اللجان في النهاية في حالة الاتفاق ويتم رفع المذكرة لرئيس الاتحاد للموافقة على العمل من عدمه.
وأكملت الشاهدة أن هذا ما كان يتم قبل تولى الشيخ رئاسة الإتحاد فسألها رئيس المحكمة عن الإجراءات التى اتخذها الشيخ للتعاقد على تلك الأعمال فأكدت أنه كان يتعاقد بشكل منفرد على تلك الأعمال محل القضية.
وأجابت الشاهدة بأنها وعدد آخر من الأعضاء فحصوا تلك المسلسلات وتكاليفها بتكليف من النيابة العامة وتوصلوا إلى أن سعرها مغال فيه، بمبلغ 10 ونصف مليون جنيه.
وقالت إنهم فحصوها وحددوا الأسعار كما كانوا يفحصون الأعمال من قبل وبأسعار وقت التعاقد عليها وأكدت أن هناك أعمالا من بين تلك الموجودة في القضية وجدوا أن تكلفتها مناسبة فيما وجدوا أسعارا مغالى فيها في أعمال أخرى وجميعها تتعلق بمد ساعات العمل.
وسألت المحكمة الشاهدة عن حجم الإعلانات التى جذبتها تلك الأعمال فأكدت أن هذا لا يعد من اختصاصها فرد القاضي، مؤكدا أن حجم الإعلانات له دور كبير في تلك القضية، وقد يكون الشيخ قد اشترى تلك الأعمال بسعر مغالى فيه وقد يكون غطى ذلك بإعلانات عوضت التكاليف المغالى فيها.
من جانبه، قال دفاع أسامة الشيخ إنه لا يطمئن إلى عمل اللجنة الفنية التى قامت بتحديد المبالغ التى تسبب في إهدارها أسامة الشيخ، مشيرا إلى أن عمل تلك اللجنة وتشكيلها تضمن عيوبا كثيرة وأخطاء فادحة مطالبا بتشكيل لجنة فنية أخرى من خبراء غرفة صناعة السينما بوصفهم أهل الاختصاص في تلك المسائل التقنية المتعلقة بتقييم الأعمال الدرامية من النواحي المالية والعوائد الناتجة عنها.
وأمرت المحكمة بإخراج أسامة الشيخ من قفص الاتهام بناء على رغبته في إبداء عدد من الدفوع التى تدخل في صلب القضية، مشيرا إلى أنها تتعلق ببراءته من الاتهامات المسندة إليه.
وأوضح الشيخ أن هناك عوامل تعود بالفائدة والربح على اتحاد الإذاعة والتليفزيون جراء انخراطه في الإنتاج المشترك مع شركات القطاع الخاص بشأن الأعمال الدرامية المختلفة.
وعدد أسامة الشيخ تلك العوامل، مشيرا إلى أنها تتمثل في الإعلانات وما تدره من ربح على الاتحاد إلى جانب حصة الاتحاد المالية من بيع المسلسلات الدرامية في قنوات أخرى خاصة لا تتبع الاتحاد.
وأوضح الشيخ في حديثه للمحكمة أن التعاقد على بيع المسلسلات للقطاع الخاص يحقق ربحا قدره 25% على الأقل، لافتا إلى أن تلك المبالغ سددت إلى خزانة الاتحاد سواء على دفعة واحدة أو دفعات أقساط في ضوء الاتفاق المسبق الذي يتضمنه التعاقد.
وذكر الشيخ أن مسلسل «العراب»، والذي نسب إلى الاتحاد أنه شارك في إنتاجه على نحو تسبب في خسائر مالية وإهدار أموال الاتحاد - لم يتم التعاقد عليه من الأساس وأن ما ذكرته اللجنة في هذا الصدد من وجود تجاوزات في هذا التعاقد لا يمت للحقيقة بصلة في ضوء انعدام التعاقد.